صحيفة الكترونية اردنية شاملة

استطلاع رأي!

0

في الدول الديمقراطية، على اختلافها، تكون لاستطلاعات الرأي العام أهمية كبرى لانها تشير الى مدى قبول او رفض المواطنين/الناخبين للسياسات الحكومية، وهي مؤشر على حظوظ الحكومة في حال جرت انتخابات لأن الحزب الحاكم يشكل الحكومة وبالتالي فأن المرجعية الأخيرة تكون دائما للمواطن/الناخب. ومن هنا تبرز عدم اهمية استطلاع الرأي الدوري الذي يجريه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية حول حكومة عبدالله النسور وحكومات اخرى سابقة. النتائج لم تكن مفاجئة، فالاردنيون مستاؤون من السياسات الاقتصادية للحكومة وغير متفائلين بقدرتها على تحسين الاوضاع. بل ان اكثرية الاردنيين يتوقعون الاسؤا في الايام القادمة. شعبية الرئيس هي الأقل نسبة لرؤساء سابقين، وفي الدول الديمقراطية ايضا قد يطاح به من خلال التصويت بعدم الثقة في البرلمان.
هذا لا يحدث عندنا! فالرئيس ورغم شعبيته المنخفضة قد يستمر في منصبه لأشهر وربما سنوات. والمزاج العام لا علاقة له بديمومة الحكومة. والأهم من هذا وذاك ان لا الرئيس ولا طاقمه الحكومي يعبأن باستطلاعات الرأي ونتائجها. الذي يحاسب الحكومة هو مجلس النواب، وفي الواقع الحالي فأن المجلس لا يملك الاطاحة بالحكومة لاسباب كثيرة صار يعرفها المواطن. لم يحدث في التاريخ الحديث، وبعد الانتقال الديمقراطي في مطلع التسعينات، ان تم سحب الثقة من الحكومة نتيجة لضغط شعبي. وفي غياب الحياة الحزبية وفي ظل هيمنة الاجهزة الأمنية على الحياة السياسية فان كل الحكومات التي جاءت في السابق كانت مرتاحة من جهة تهديد وضغط المجلس النيابي.
ودرجت الحكومات مؤخرا، منذ حكومة سمير الرفاعي، على تحييد الرأي العام بالقول انها حكومات لا تبحث عن شعبوية، وهذا يعني ان حكومات الاردن ليست معنية بما يدور في خلد الاردنيين ولا علاقة لها بنتائج استطلاعات الرأي وهمها الوحيد تطبيق سياسات غير شعبية كرفع الاسعار والغاء الدعم وغير ذلك. في المقابل لم تقدم حكومة واحدة برنامجا مفصلا للشعب يشرح مغزى هذه السياسات ويطرح رؤية مستقبلية للخروج من نفق البطالة والفقر والكساد.
نحن امام واقع مرير يقول بأن للاردنيين الحق في التعبير عن سخطهم وعدم رضاهم دون ان يؤدي ذلك الى تغيير في الحكومات او السياسات التقشفية. اذن ماذا تعني كل تلك النسب والنتائج التي تخلص اليها استطلاعات الرأي؟ وماذا يعني كل ذلك التحليل المستفيض الذي يقدمه المعلقون؟
هناك حلقة مفقودة في السلسلة الديمقراطية الاردنية. طالما ان الحكومة غير منتخبة فان كل استطلاعات الرأي لا تعني شيئأ. وطالما ان الحياة الحزبية معطلة حتى اشعار آخر فان شعبية الحكومة المتدنية لن تغير في واقع الأمر. وطالما ان سياسات الحكومة لا علاقة لها ببرامج حزبية فان المرجعية الأهم بالنسبة لهذه الحكومات هي مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي وغيره وليس المواطن/الناخب.
السؤال هو الى متى ستستمر هذه المتوالية التي مل المواطن/الناخب منها؟ في نهاية المطاف لا بد لنا من الوصول الى صيغة جديدة للعمل الديمقراطي تبنى على ارضية تسمح للمواطن بانتخاب حكومته ومحاسبتها. عندها فقط يكون لاستطلاعات الراي معنى واهمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.