صحيفة الكترونية اردنية شاملة

ماذا بعد؟

0

في احتفالية غير عادية تم الاتفاق بين ايران والدول الكبرى حول الملف النووي في جنيف، فقد تبادل وزراء الخارجية التهاني بالانجاز الدولي كما صافح وزير الخارجية الايراني ظريف خصمه وزير الخارجية الاميركية جون كيري بحرارة ، ولكنه عانق وزير الخارجية الفرنسي وصافحه بحرارة أكثر لأنه كان الاكثر ضراوة في التفاوض ، حاول عرقلة الاجتماع اكثر من مرة بتصريحاته التحريصية ضد ايران .
لقد نجحت الدبلوماسية الروسية في تذليل العقبات التي واجهت مؤتمر جنيف النووي ، وبعد التوصل الى الاتفاق اعتبرته طهران بانه حدث القرن ، اما سورية فقالت عنه انه اتفاق تاريخي ، في حين اكتفى الرئيس اوباما بوصفه انه اتفاق مهم واعتبره كيري بانه الاتفاق الذي يضمن امن حلفاء اميركا زامن اسرائيل ، ولكن اسرائيل اعربت عن غضبها بقول نتنياهو بأنه خطأ تاريخي يهدد الامن العالمي وتل ابيب غير ملتزمة به.
المصادر الروسية اعتبرت الاتفاق على انه انتصار كبير لموسكو وايران ، واعتبرته نقطة انعطاف وتحول في المنطقة نحو الامن والاستقرار الاقليمي ، بينما طهران انتظرت منذ اليوم الاول قطف ثمار الاتفاق الذي” يفتح افاقا جديدة امام ايران” حسب قول الرئيس روحاني ، وهناك من اعلن في طهران عن رفع الحظر عن مبلغ ثمانية مليار دولار كان محتجزا في الولايات المتحدة .
التوافق الروسي الاميركي نجح في تحقيق بعض الانجازات التي تتطلع اليها واشنطن من اجل امن واستقرار اسرائيل ، اولها تدمير السلاح الكيماوي السوري ثم انجاز الاتفاق الدولي حول الملف النووي الايراني، بحيث يمنع الاتفاق ايران من الوصول الى مرحلة انتاج سلاح نووي عبر تخفيض نسبة التخصيب الى 5 بالمئة والسماح للمفتشين القيام بدور رقابي على المفاعلات النووية الايرانية ، وهو ما وصفه جون كيري بأنه يحقق امن اسرائيل.
والآن يمكن طرح السؤال : ماذا بعد ؟
يتطلع العالم اليوم نحو جنيف مرة اخرى ليتابع باهتمام تطورات الازمة السورية في ضوء الاتفاق الايراني والدول الكبرى ، وهنا نتساءل الى اي مدى يمكن لهذا الاتفاق ان يساعد في عقد جنيف الثاني ، وهل اصبح من الممكن التوصل لاتفاق بين اطراف الا زمة السورية يحل المشكلة بالحوار بدل لغة البنادق والصراع الدموي؟
لا احد يستطيع التكهن او التفاؤل ، لأن قضية الملف النووي الايراني رغم تعقيداتها ، هي ابسط واسهل من المسألة السورية الغارقة في الدم ، ولأن الملف النووي الايراني مرتبط بفريق واحد يستطيع الجلوس حول طاولة التفاوض والتحاور والتوصل الى حل ، اما الازمة السورية فهي متعددة الاطراف والاهداف ، وليس بامكان اي طرف في المعارضة الموافقة على وقف العنف والقتال والقبول بالحل السلمي ، اذا حصل ، دون الرجوع الى
مرجعياته في الخارج ، لأن الصراع داخل سوريا هو بمثابة الحرب الاقليمية والدولية تشابكت فيها الخطوط وتقاطعت المصالح ، وليس من السهل التوصل الى حل ، حتى لو وافقت كل اطراف المعارضة السورية ، لذلك يوجد من يعتقد بأن الطريق الى الحل في جنيف لا تزال غير سالكة ، حتى الآن ، والشعب السوري هو الذي يدفع الثمن .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.