صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سوريا واوكرانيا: لعبة شطرنج اممية

0

اذا اردت ان تعرف ماذا يدور في سوريا فعليك ان تعرف ماذا يجري في اوكرانيا! لعبة الشطرنج الدامية المستمرة في سوريا بين الغرب وروسيا منذ ثلاث سنوات تقاطعت مع انتفاضة الاوكرانيين في كييف ضد حكم الرئيس فيكتور يانكوفيتش، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، والتي اندلعت منذ ثلاثة اشهر على خلفية رفض الحكومة توقيع اتفاق تجاري حصري مع الاتحاد الاوروبي يمهد لدخول اوكرانيا منظومة السوق الاوروبية. اوكرانيا اقرب الى الروس من سوريا، واكثر أهمية، وهي عمق استراتيجي لموسكو التي ترفض أي تقارب اوكراني مع اوروبا والغرب.

حاول بوتين تعويض اوكرانيا بتقديمه ضمانات لشراء اذونات خزينة اوكرانية ببلايين الدولارات. لكن المنتفضين في ساحة الاستقلال وسط كييف رفضوا ذلك واصروا على اعتصامهم وجابهوا محاولات النظام فضه بالقوة. وكانت النتيجة ان سقط العشرات من المعتصمين بين قتيل وجريح في نهاية الاسبوع الماضي واضطر يانكوفيتش الى التراجع وتقديم تنازلات قبلتها المعارضة ووقعت عليها بحضور ممثلين عن فرنسا والمانيا وبولندة بينما رفضها المندوب الروسي وعاد ادراجه الى موسكو.

الاتفاق يقضي باجراء انتخابات رئاسية مبكرة والعودة الى دستور 2004، الذي يحدد صلاحيات الرئيس، واطلاق سراح المعتصمين ومنحهم العفو وتشكيل حكومة ائتلافية لحين انعقاد الانتخابات. لكن الاتفاق لا يتطرق الى مصير رئيسة الوزراء السابقة، رهن الاعتقال بعد تجريمها، يولا تيموشينكو، والتي خسرت الانتخابات امام يانكوفيتش. المعتصمون ايدوا الاتفاق لكن اليمين المتطرف يصر على خلع ومحاكمة وزير الداخلية والنائب العام ورؤساء شرطة مكافحة الشغب.

بالمعنى السياسي خسرت موسكو الجولة في اوكرانيا، حتى الآن، ولم يتم عسكرة الأزمة، على الرغم من ان النصف الشرقي من البلاد يؤيد يانكوفيتش والتقارب مع روسيا. وهي ضربة كبرى لطموحات بوتين في المنطقة. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف انتقد بشدة تدخل الغرب في الشأن الاوكراني ودعمه للخارجين عن القانون والواقفين ضد الشرعية، وهو نفس المنطق الذي تستخدمه موسكو في الدفاع عن النظام السوري.

كان من المثير تصريح الرئيس باراك اوباما مؤخرا ان سوريا واوكرانيا لا تشكلان لعبة شطرنج في سياق حرب باردة، رغم ان روسيا تدعم حكومات غير شعبية في هذين البلدين حسب قوله. يصر الرئيس اوباما ان لا تنافس بين موسكو وواشنطن في هذين البلدين لكن الواقع يقول غير ذلك.

في النهاية لم يكن تدخل الغرب، وواشنطن على الأخص، السبب في تراجع يانكوفيتش وقبوله باتفاق مع المعارضة. السبب هو اصرار المعتصمين على موقفهم رغم حجم التضحيات، وهو الأعلى منذ استقلال اوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي في عام 1991. لا نعرف الكثير عن يانكوفيتش لكنه يستحق بعض الفضل في نزع فتيل الأزمة بعد احداث الاسبوع الماضي الدموية. لا يمكن ان نقول نفس الشيء عن النظام السوري الذي يصر على تدمير سوريا ويرفض الاتفاق مع المعارضة حتى بعد موت اكثر من 140 الف سوري.

ننتظر رد فعل الرئيس بوتين في كل من اوكرانيا وسوريا. في الملف السوري يبدو ان التصعيد العسكري سيد الموقف، ولعل موسكو تحاول تجاوز هزيمتها في اوكرانيا بزيادة دعمها لنظام الأسد. وسيتأكد ذلك من خلال تصويتها في جلسة السبت لمجلس الأمن على قرار اممي جديد حول سوريا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.