صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حكومة تعيش في وهم الإنجاز

0

تتغنى الحكومة ليلا نهارا باحتياطات المملكة من العملات الصعبة، التي وصلت إلى مستويات قياسية جديدة بلغت 14 مليار دولار تقريبا، وهو فعلا مستوى كبير لم تصل إليه الاحتياطات في المركزي منذ العام 2010.
من الناحية النظرية الشكلية فأرقام احتياطات المركزي من العملات الاجنبية تعتبر مريحة للغاية وتبعث برسائل ايجابية على أن الاقتصاد يسير بشكل صحيح، وأن هناك تدفقات من العملات الصعبة نتيجة العمليات الاقتصادية من استثمار وصادرات وحوالات وغيرها، وهو ما يعطي انطباعات ايجابية عن اداء متين للاقتصاد الوطني.
لكن من الناحية الواقعية، فإن هذا الجدار الكبير من الاحتياطات سرعان ما ينهار اذا ما تعمق التحليل الاقتصادي لمعرفة مصادر نمو هذه الاحتياطات على هذا النحو غير المسبوق منذ سنين، وهو ما تسعى الحكومة لاخفائه عن الراي العام، وايهامه بمؤشرات ايجابية على الصعيد الاقتصادي، الا انها للاسف لا تخرج من كونها حبرا على ورق، وتخفي في كواليسها ما يستوجب على الحكومة ان تقف على حقيقة هذه الاحتياطات بدلا من التغني بسراب زائل.
فجزء كبير من هذه الاحتياطات ناتج عن ايداعات المنحة الخليجية والبالغة ما يقارب الـ3.75 مليار دولار، وهي مودعة لدى البنك المركزي، ويتم السحب منها بعد موافقات الدول الخليجية المعنية على المشاريع التنموية التي تتقدم بها الحكومة لتمويلها من المنحة، وبالتالي فان هذه الودائع في النهاية ستختفي بحكم سير الاعمال في المشاريع، وهو ما سيتم تنزيله من الاحتياطات من العملات الصعبة.
ولا ننسى ان الحكومة خلال عام واحد فقط، حصلت على 2.25 مليار دولار، هي حصيلة سندات “يوروبوند” التي حصلت عليها الحكومة من إصدارين مختلفين بكفالة الحكومة الأمريكية، كان اخرها بقيمة مليار دولار دخلت البنك المركزي الاسبوع الماضي، وهذه اموال في النهاية سيتم سحبها لتمويل نفقات الحكومة المتزايدة.
وهناك التسهيلات التي يقدمها صندوق النقد الدولي للحكومة بموجب الاتفاق الموقع بينهما، والذي يقضي بمنح الحكومة ما يزيد قليلا عن الملياري دولار في ثلاث سنوات، جرى لغاية الآن سحب ما يقارب الـ1.25 مليار دولار منهما.
واخيرا لا يزال البنك المركزي يغري البنوك الاردنية بفوائد عالية مقابل ايداعاتها لديه والتي يبلغ حجمها ما يزيد عن الـ2.5 مليار دولار باسعار فائدة متباينة ومتفاوتة، لكنها اعلى بكثير مما هي عليه في السوق، وهو ما يجعل المصارف تودع اموال المودعين في البنك المركزي مقابل تلك الفوائد.
يتبين لنا ان اكثر بقليل من 10 مليارات دولار تقريبا هي أموال طائرة إن صح التعبير، لا يجوز للحكومة ان تتغنى بها باعتبارها إنجاز، ولا تكون كذلك بالنسبة لاحتياطات المملكة من العملات الصعبة الا اذا كانت وليدة نشاط اقتصادي قادر على توليد تدفق للعملات نتيجة نمو الاستثمارات والحوالات والدخل السياحي والصادرات.
الحكومة ممثلة برئيسها ووزائها المعنيين في الملف الاقتصادي يعرفون هذه التفاصيل جيدا، وهم يمارسون تضليلا إعلاميا على الشارع، ويوهمون أنفسهم بإنجاز لا يعدو كونه سرابا، والحكومة التي ستليها ستكتوي من تداعيات سياسات التضليل التي تمارسها حكومة النسور عندما تهبط الاحتياطات ويبقى النمو على معدلاته الضعيفة دون اي اجراءات اتبعتها هذه الحكومة لتحفيز الاقتصاد واخراجه من النفق المظلم، والكل يعرف جيدا ان تداعيات القرارات التي اتخذتها الحكومة لن تظهر في الاقتصاد على المدى القريب، لكنها ستطفو على السطح بعد أن تكون قد رحلت الى غير رجعة.
[email protected]

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.