صحيفة الكترونية اردنية شاملة

غزوة باريس … من هو الفاعل الحقيقي؟

0

تصويت، فتصريح، وبضع حقائق إقتصادية كفيلة بأن تكشف لك عزيزي القارىء من هو الفاعل الحقيقي وراء أحداث باريس الدموية، ولا أقصد هنا الأصابع التي ضغطت على الزناد وإنما تلك التي حركتها بخيوط شفافة من وراء ستار.
لابد لنا بدايةً أن نتفق على أن عالم السياسة الدولية هو ساحة أغلب اللاعبين فيها –إن لم يكن كلهم- دول تحركها المصالح والمطامح الاستراتيجية، وأن الحوادث في هذا العالم لا تحدث إلا ويكون وراءها طرف ما، في مكان ما، يحركها كي يستفيد منها بطريقة ما.
ومن الضروري أيضاً الإنتباه إلى حقيقة أن فصول التاريخ تفيض بالحركات والمنظمات التي تبنّت عمليات ليست أبناً شرعياً لها، طمعاً في إيهام الآخرين بقوة ليست فيها، أو رغبة في تغطية ضعف متأصل فيها وستر انحسار نفوذ كان لها.
ولذلك، وسط تصارع الأحداث وضجيج الأخبار، ينبغي علينا ألّا ننشغل كثيراً بمن يقف في بؤرة الضوء وإنما بذلك الذي يقف هناك بعيداً مستتراً في الظلام ومختبئاً بين الظلال. وكل ما سأفعله في هذا الحديث، هو محاولة إزاحة بؤرة الضوء قليلاً باتجاه هذا الذي استفاد من أحداث باريس.
البداية كانت من تصويت فرنسا في مجلس الأمن تأييداً لإعلان قيام دولة فلسطين قبل أسبوع واحد فقط من الأحداث، في إنعطافة خطيرة ومثيرة في السياسة الفرنسية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ولقد كانت هذه خطوة مستغربة للوهلة الأولى، ولكن بعد مراجعة واقع فرنسا –لا بل أوروبا كلها- الإقتصادي زال الإستغراب لتنجلي من وراءه الأسباب والدوافع.
لقد أصبحت العقوبات التي فرضتها أمريكا –ومن بعدها حلفائها الأوروبيين- على روسيا مؤلمة إقتصادياً لأوروبا بمقدار لا يقل كثيراً عن إيلامها لروسيا. وما زاد الطين الأوروبي بلة هو الإجراءات الروسية المضادة لهذه العقوبات.
وكمثال على هذا الألم في السياق الفرنسي، هو تهديد فرنسا –رضوخاً للضغوط الأمريكية– بإلغاء صفقة توريد حاملتي طائرات مروحية لروسيا الأمر الذي سيكلف فرنسا حوالي 3,8 بليون دولار. وإذا أضفنا إلى ذلك قرار الإتحاد الأوروبي –رضوخاً لنفس الضغوط– رفض مرور مشروع إنشاء خط انابيب غاز السيل الجنوبي (سوث ستريم) في أراضيه، والرد الروسي المتمثل بتحويل مسار خط الغاز هذا للمرور عبر تركيا، فنستطيع عندئذ تخيّل التعقيدات الخطيرة التي يعانيها الإقتصاد الأوروبي المنهك أصلاً.‎

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.