صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حكومة جديدة وآمال جديدة

0

حكومة الدكتور هاني الملقي الجديدة تدعونا اليوم إلى التفاؤل بأن الهمَّ الاقتصادي بات على رأس الأجندة الوطنية للحكومات. فالتشكيلة الوزارية التي اكتنزت بين مكوناتها أصحاب اختصاص وخبراء مشهود لهم في الشأن الاقتصادي، هي تعبير عن اهتمام رئيس الحكومة بتنفيذٍ فعليٍّ على أسسٍ علميَّةٍ ومهنيَّةٍ وعمليَّةٍ لمتطلبات خطاب التكليف السامي الذي وجَّه من خلاله جلالةُ الملكِ الحكومةَ، نحو تحسين مستوى المعيشة، ومعالجاة التشوهات الاقتصادية، والتخفيف من الشعور بعدم المساواة في التنمية بين المحافظات. ليس المقام هنا لذكر قدرات الفريق الاقتصادي كأشخاصٍ؛ فجميعهم من وجهة نظري من الكفاءات الأردنية المتميزة، بيد أنَّ المقام يحتم هنا القول: إن مكونات الفريق الاقتصادي للحكومة تشير إلى إمكانية العمل كنسيج متكامل، وبالتعاون مع خبراء، ومع مفاصل رئيسة في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني؛ للخروج بتصور عملي ميداني للوصول إلى حلول ناجعة لمشاكنا الاقتصادية التي باتت تتأصل بفعل المعالجات السابقة الضحلة، واستخدام المسكنات أكثر من اللجوء إلى الحلول العملية الحقيقية. وبعيداً عن لغة الأرقام فيما تواجهه هذه الحكومة في قضايا عجز الموازنة والبطالة والمديونية، ووضع النمو الاقتصادي، والوضع التنموي بين المحافظات، فإن المهم اليوم النظر إلى الممكنات التي ستساعد هذه الحكومة على تحقيق نتائج مفصلية أفضل يشعر بها المواطن، ويتلمس نتائجها المستثمر القائم والمحتمل. وفي هذا الإطار لا بدَّ من التذكير بأن العصا السحرية هي من خيال من يبحث عنها، وأن الحلول الاقتصادية بعضها آنٍ يمكن تلمس نتائجه في ذات العام، ولكن أكثرها من النوع الهيكلي الاستراتيجي الذي يتطلب الشعور بنتائجه فترة من الزمن. وعليه فإن المطلوب هو أن نعطي الحكومة الحالية الفرصة الكاملة للعمل خلال السنوات الأربع القادمة؛ ليتاح لها- بما لديها من خبراء وخبرات ومعرفة-النفاذُ نحو تحقيق التطلعات بمستقبلٍ أفضلَ، وهو أمرٌ يمكن تحقيقه إذا ما تمَّ منحُ الفريقِ الاقتصادي الفرصةَ للعمل بكامل طاقته، ضمن إطار زمني مناسب. وهنا يبدو من المفيد التذكير ببعض المعطيات التي من المؤكد أنها لن تغيبَ عن ذهن الفريق الاقتصادي.
فمن ناحيةٍ لا بدَّ من العمل بشكل مباشر مع القطاع الخاص، بمؤسساته الرسمية وببعض الفاعليين الرئيسين فيه؛ ذلك لأن اقتصادنا كان دوماً وسيظل يحلق بجناحين: الحكومة والقطاع الخاص، وعلى الجناحين أن يعملا بكفاءة كاملة ومتوازنة، وبتناغم تام حتى يستطيع الاقتصاد أن يحلقَ بشكلٍ آمنٍ وكفؤٍ ومستدامٍ.
ومن ناحية ثانية فإنَّ الشريحة الأهم في الوصول إليها اليوم هي شريحة الشباب، وخاصة خارج المحافظات الرئيسة. فنسب البطالة بين هذه الشريحة باتت مؤرقة للعديد من دول العالم، بيد أنها مؤرقة بشكل كبير في الأردن التي تجاوزت فيه نسبة البطالة بين أفراد هذه الشريحة المتوسط العام للمنطقة وللدول المشابهة في الدخل على مستوى العالم. ولعل المخرج الرئيس هو في المشاريع الصغيرة والمتوسطة والريادية، وعبر قنوات تمويل صندوق المحافظات وصناديق الدعم المختصة الأخرى، فالتمويل متوافر؛ ولكن ما ينقص هو التطبيق الأمثل وفقاً لقصص نجاح موجودة حول العالم ويمكن التعلم منها دون عناء كبير.
وأخيراً وليس آخراً، مفتاح التقدم لن يكونَ دون تهيئة المناخ الاستثماري المناسب الذي يقوي قدرات المستثمر القائم والموجود أصلاً، ويحفز المستثمر المحتمل والمطلوب جذبه الى البلاد. وهذا هو مفتاح تحسين كافة متطلبات خطاب التكليف السامي، فالبيئة الاستثمارية الجاذبة والممكنة هي مجال خلق فرص العمل، وهي مرتكز تنمية المحافظات، واستغلال طاقاتها ومواردها المتاحة، وهي مفتاح تحسين دخل الخزينة من الضرائب والرسوم دون التركيز على جيب المواطن، وهي منطلق الوصول إلى درجات أفضل في سلم التنافسية والعالمية، وفي تحسين بيئة الأعمال في البلاد. الآمال كبيرة في الحكومة الحالية، وباعتقادي أنها قادرة على تحقيق الكثير منها، عبر عملٍ منهجيٍّ عمليٍّ بقدرات فريقها، وبالتعاون مع مكونات المجتمع الأردني من قطاع خاص ومجتمع مدني، وجامعات ومؤسسات عامة.

الدكتور خالد واصف الوزني
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.