صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الثقة في التعيينات مهزوزة

0

عادة ما توجه الانتقادات اللاذعة للحكومات بمجرد اتخاذها قرارا بتعيين فلان في منصب ما، والحقيقة أن موجة الانتقادات تنامت في السنوات الأخيرة نتيجة تنامي وتطور تعامل المواطنين مع وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة، فبات المواطن ينتقد ويثني على ما يشاء من قرارات الحكومة.
تاريخيا هناك ما يبرر انتقاد المواطنين لمعظم قرارات الحكومات في التعيينات، فكثيرة هي القرارت بهذا الخصوص التي خيبت آمال المواطنين لا بل أيضا خيبت ظن المسؤولين فيهم، والسبب في ذلك يعود إلى أن غالبية القرارات الرسمية في التعيينات تفتقد للحصافة والرشد، وتعتمد على الواسطة والمعرفة المسبقة، وتفتقر إلى النزاهة والعدالة، ولا تراعي الكفاءة وحسن الاختيار.
والدليل على ما سبق ذكره هو تنامي أعداد حالات الفساد الإداري وتراجع كفاءة القطاع العام وانتاجيته، والكل يتذكر جيدا أن جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز العام الماضي كانت ستلغى بسبب عدم تأهل أي من المتقدمين للحد الأدنى من الدرجات المطلوبة، ولكن اللجنة قررت الاستمرار ومنح الجائزة لأفضل السيئين المتقدمين مع كل أسف.
الأصل في التعيينات أن تتم وفقا لمبدأ الحوكمة والنزاهة والشفافية المستندة أساسا على الكفاءة والخبرة المطلوبة، وأن تكون مسألة التعيينات تخضع لقواعد وممارسات رشيدة معروفة مسبقا تحكم سلوك جميع المتقدمين والمسؤولين على حد سواء، وأن لاتخضع للاجتهادات ولا تترك مجالا للتدخل الخارجي والضغوطات التي تمارس على الحكومات لتعيين فلان في ذلك المنصب، ما يحرم أصحاب الكفاءة من الحصول على أجواء المنافسة الحقيقية.
حتى المناصب العليا في الدولة كانت في السابق تتم وفق لجنة حكومية مكونة من وزراء يلتقون بالمتقدمين وفق إعلان يخص لذلك، لكن للأسف تراجعت الحكومات عن هذه الفكرة خلال السنوات الماضية وخضعت لضغوطات مختلفة سواء أكانت من النواب أم من ذات المسؤولين الحاليين أو السابقين، والمحصلة هي أن غالبية التعيينات انحصرت بفئة قليلة من المجتمع وغابت العدالة في التوزيع وازداد الاحتقان والاستياء بين غالبية الرأي العام.
لا يعيب أبدا تعيين ابن مسؤول في موقع ما، فمن حق كل مواطن أن يأخذ حقه في التعيين، وأبناء المسؤولين هم من المواطنين ولا يجب أن ينظر إليهم بأنهم فوق باقية الشعب، لكن الأساس أن تتوافر المنافسة العادلة للجميع، وأن يكون هناك توزيع عادل في التعيينات لجميع محافظات المملكة ولجميع الفئات، والأساس هو الكفاءة.
ثقة المواطنين بالقرار الحكومي مهزوزة بالأساس ولا يمكن استرجاع هذه الثقة بين ليلة وضحاها، المطلوب الكثير من الإجراءات التي تتطلب تعزيز مصداقية القرار الحكومي، وتحقيق العدالة بين المواطنين في الحصول على حقوقهم وخلق أجواء المنافسة الحقيقية بينهم، وفي النهاية؛ التقييم المفقود والمحاسبة الغائبة هي من تشعل نار الاستياء لدى المواطنين، لذلك يجب تفعليها وتنميتها في الجهاز الإداري للدولة.
[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.