صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لا .. هذا مش اصلاح‎

0

اقرأ في شوارع عمان شعارات مثل ( الاردن ينتخب ) وانتخابات اللامركزية والبلدية الى آخره . وابدأ بالاشارة الى ان شعار الاردن ينتخب هو من منتجات الربيع العربي وكانت تونس هي من صكته عندما انتخبت برلمانها ، ثم استعارته مصر وانتخبت برلمانا ورئيسا اطاح بهما الجيش . هنا بطل مفعول هذا الشعار ، ومن الأفضل البحث عن شعار آخر !!.
تعتبر النخبة ، التي أدارت البلاد منذ استقالة حكومة عون الخصاونة ان لانتخابات اللامركزية المقبلة (في هذا الصيف ) هي خاتمة الاصلاح السياسي وانه بإجراءها سيكتمل عقد الاصلاح الذي بدأ منذ ٥ سنوات وكفى الله المؤمنين شر القتال .
لا .. ليس هو الاصلاح المنشود ، وحتى لا اتهم بانني احاول الترويج بين الناس لمفهوم عن الاصلاح لا يعرفه الاردنيون ولم يطالبوا به ، اطلب من القارئ ان يعود من خلال البحث على جوجل الى المراجع التالية :
١- الاوراق النقاشية الملكية التي تحدثت عن اصلاح من نتائجه احزاب تشكل مجلس نواب ومنه تخرج الحكومات . ٢- وثيقة لجنة الحوار الوطني ، التي تم الرد عليها في عام ٢٠١٢ باعادة فرض قانون الصوت الواحد بعد ان أبعدته اللجنة عن جدول اعمالها ، وعندما اقر القانون الحالي الذي يقوم على القوائم ثبت انه منحوت ليكون اسوأ من سابقه مع الإشارة الى تجاهل الحكومات للروح والمبادئ التي وضعتها لجنة الحوار في الوثيقة .
٣- راجعوا ارشيف الصحافة والمنتديات والبيانات في الحياة السياسية والحزبية والنقابية والشعبية ، ستجدوا ان الاردنيين يطالبون منذ عام ١٩٨٩ وحتى اليوم باصلاح سياسي ، يتطابق تماما مع ما جاء في الاوراق النقاشية الملكية ، وان ما جرى من عملية اصلاح خلال السنوات الستة الاخيرة ، هو اصلاح النخبة ذاتها ، التي تدير الدولة منذ عدة عقود . اصلاح يخدم وجودها ومصالحها ومناصبها وثرواتها . اصلاح لم يغير نهج ادارة الدولة ولم يغير النخب التي تحكم .
لا .. ليس هذا هو الاصلاح المنشود ، الذي تمحورت حوله مطالب الغالبية العظمى للاردنيين ، من خلال اصواتهم المسموعة وكتاباتهم وبياناتهم ومؤتمراتهم وكتبهم واحاديث سهراتهم في أفراحهم وأتراحهم . ولا هو من قريب او بعيد له صلة باي سطر من سطور الاوراق الملكية النقاشية . احيانا عندما اقرأ لكاتب في الصحافة او استمع لمحاضر في منتدى او ندوة يروج لمقولات تزعم بان الاصلاح لا يتم بين يوم وليلة ، وان الامر مقضي باصلاح النخبة القائم على مبدأ (الخطوة خطوة ) ، فاني اعذر هولاء ، اما لأنهم لا يزالون صغارا في السن ، او لحداثة خبرتهم في ميدان السياسة ، لكنهم ، وبدون ان يشعروا ، وربما بدون ان يقصدوا
، يوجهون الاهانة لوعي اجيال لم تتوقف ، منذ اكثر من نصف قرن ، عن المطالبة باصلاح سياسي حقيقي وديموقراطي ، مثل هذه الترهات السياسية مدانة لانها تحتقر وعي الاردنيين وإنسانيتهم ، وتتجاهل حقوقهم السياسية الكاملة !.
من باب خداع النفس والضحك على الذقون القول بان مجرد اجراء انتخابات نيابية او بلدية او لا مركزية يعني ان هناك تغييرا سيطرأ على كيفية ادارة الدولة بحيث يكون الشعب هو مصدر السلطات عند انتخاب مجلس النواب او تشكيل الحكومة او مجالس الإدارات في البلديات والمحافظات .
لا يا سادة .. الاصلاح الذي تستعدون لتتويجه بانتخابات آب المقبلة با عراس وطنية يغيب عنها العرسان ، هذه هي أوصافه ووقائعه :
– اصلاح لم ينجح في ايجاد بيئة سياسية تنشأ فيها احزاب وتيارات ( قديمة وجديدة ) تصل الى البرلمان ، كأغلبية وأقلية ، مثل ما جرى في تونس وفي دول اوروبا الشرقية وفي الهند وكوريا الجنوبية ودول امريكا اللاتينية وكلها دول عرفت الانظمة البرلمانية المنتخبة مع بلادنا وبعضها بعدنا بعدة عقود ونجحت في اقامة نظام تبادلية الحكومات عبر صناديق الاقتراع ، وكثير من شعوب هذه الدول ليس فيها نسبة التعليم او عدد الجامعات ما تتجاوزها في الاردن بما يؤكد بان القوانين الصحيحة ( مثل قانوني الاحزاب والانتخابات ) هي التي تنشئ الحياة التعددية الصحيحة ، وليس صحيحا أبداً الزعم بان الشعب غير جاهز لتعددية حزبية تؤسس لبرلمان وحكومة منتخبتين .
– اصلاح نخبة لم تؤد كل قوانين الانتخاب والتعديلات الدستورية التي وضعتها الى حفاظ السلطتين الدستوريتين ، الحكومة ومجلس النواب ، على السلطة والاستقلالية التي يمنحا لهما الدستور ، واقصد الولاية العامة للحكومة والولاية التشريعية والرقابية لمجلس الامة .
– اصلاح نخبة ، غير منجز وغير سليم ، تتكشف ملامحه في التعيينات وعند توزيع المناصب السيادية وغيرها ، فعندما تغيب المؤسسات الديموقراطية الحزبية والرقابية فان انتقاء المناصب العليا والوظائف يتم احتكارها داخل دوائر محدودة تضعها النخبة المسيطرة ، وهذا يفسر توارث المناصب ، وحصر التعيينات بين أسر وعائلات بعينها ، اضافة الى ظاهرة الشللية النخبوية التي تعين وتسمي وترشح وتختار على موائد الطعام وفي سهرات الفنادق .
واخيرا – يتم التركيز ، حالياً ، على اصلاح المناهج في المدارس وهذا امر جيد مطلوب ولا عيب فيه امام الواقع المتدني للمستوى التعليمي في المدارس الحكومية بشكل خاص ، لكن حتى يصل اصلاح هذا النهج الى مبتغاه ، لا بد من تغيير النهج في مختلف نواحي ادارة الدولة وقيمها وأساليبها .
مطلوب . نهج اخلاقي يقيم وزنا للمصلحة الوطنية عند الموظف والمسؤول ، الاهتمام بالضمير عند ادارة المال العام والغاء المصلحة الشخصية ، فالوظيفة والمسؤلية ليست دكان تجارة انما مكان للإدارة السليمة والرشيدة .
مطلوب نهج حازم من العدالة لا تسمح للفاسد ان يتمتع بما سرقه من المال العام ولا بما استغله من خلال نفوذ وظيفته ومركزه .
مطلوب . نهج لا تتغول فيه الحكومات على سلطة النواب ولا تخضع فيه لابتزاز النواب وفق سياسة ( مشيلي ت امشيلك ).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.