صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحية للإعلام المجتمعي : ابدعت عندما تغيبوا !‎

0

كنت قد ابتعدت عن كتابة المقالات خلال الأشهر الماضية لان الوضع العربي انحدر الي قيعان من المستنقعات فأصبح مثل الفأر لا يمكنك إمساكه من اَي طرف من أطرافه دون ان تتلوث يداك . وفِي حديث عن الفتنة نقل عن الخليفة عمر بن عبد العزيز قوله عن معركة صفين وفتن ذلك الزمان ” دماء طهرت يدي منها ولن الوث لساني بها ” .
وأي فتنة أو فتن شهدها التاريخ العربي تقارن بما نشهده منذ ٧ أعوام !!. لا معارك ( الجمل وصفين ) ولا دك الكعبة بالمنجنيق تساوي ذرة من حصيلة فتن هذا الزمن الردئ المنتن . مدن عريقة كاملة أبيدت ودمرت ، حلب والموصل حمص والرمادي وتكريت ، وشعوب هجرت بالملايين عبر البراري والبحار ، اقتحم الملايين منهم دولا ً اوروبية في طوابير على الأقدام من الرجال والنساء والأطفال هائمين على وجوههم يطلبون الملجأ والامان والطعام والشراب ، في مشاهد لو انها حدثت في عصر هوميروس أو شكسبير لخرج منها ملهاة تستشهد بها الثقافة الانسانية في كل العهود القادمة من التاريخ .
حروب إبادة اجرامية همجية نشهدها بين جيوش الاستبداد وميليشيات فارس من جهة تحت غطاء جوي أمريكي روسي باسم الحرب على الاٍرهاب ، وبين عصابات الظلام والارهاب من اشرار داعش وذئابها وقرائنها من جهة اخرى بزعم إقامة دولة القيامة التي ترسل الناس الى الجنة أو النار . بين هؤلاء وهولاء وقع الشعبين ، السوري والعراقي ، بين المطرقة والسندان فسالت دماؤهما انهاراً وتحولت مدنهما الى أكوام من الانقاض والمقابر الجماعية فيما انتشرت مخيمات لجوئهما على بقاع الارض كلها .
هذه المأساة التي يشيب لها شعر الصغير قبل الكبير تجري ليل نهار فيما نرى الاعلام العربي الرسمي وغير الرسمي يبدع في برامج التسلية ، وفي حمل الانسان العربي الى ما فوق الغيوم الى حالة من إنكار الواقع والتلهي … التسلية مطلوبة في بث يستمر ليلا نهارا ، لكن أليس من حصة أو سويعات تخصص للعراقي المنكوب والسوري التائه كالفريسة المطاردة … العراق ليس جزيرة في أسفل المحيط الهندي ، وسوريا ليست مثله في أسفل الأطلسي ، إنهما تاريخ العرب وحاضره ، إنهما دولة أميّة وبني عباس وروح العرب وثقافتهم ، ومن العيب ان لا تنال هذه المأساة المدوية لأكرم شعوب العرب الاهتمام الكافي الذي يتجاوز مجرد خبر ثانوي في النشرات الرئيسة !.
لم يعد هناك في نشرات الأخبار العربية الا اتصالات بوتين بترامب أو رحلات ميستورا وماذا قال عن جنيف أو لم يقل ، لاشئ عن مواكب ملايين اللاجئين الهاربين من ارهاب وحوش داعش الى احضان أقرانهم في الوحشية ميليشيات الفرس ، لا شئ عن مخيمات السوريين التي تحرق في لبنان ، ولا إشارة عن الحلول القائمة على تهجير السكان من مدنهم الى مخيمات لجوء اخرى داخل وطنهم ليلتحقوا بمن هجروا بالقصف والتدمير وذلك في إطار ما يعد من مؤامرات لتقسيم سوريا !.
أليس من حقنا ان نسأل فيما اذا كانت عمليات الترحيل الجماعي في سوريا للسكان من منطقة الى اخرى ( بالاتفاقات) ومهما كانت الأسباب هي اكبر خدمة تقدم للكيان الصهيوني الذي قام على تهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم !؟.
انصحك أيها العربي انك اذا أردت ان تعرف حقائق وحجم المأساة التي تجري على الارض العربية وحتى لا ينطبق عليك وصف ” شاهد ما شفش حاجة ” ان تقضي وقتاً أطول على مواقع التواصل الاجتماعي وان تتابع ما تنشره الاف المواقع ( القروبات ) من ( فيديوهات ) على وجه الخصوص ، تنقل لك صورا حيّة عن ما يحل بأمة العرب وما تتضمنه من شهادات رجال ونساء من قلب ميادين التدمير واللجوء . ابحث عن ما هو مخفي في الاعلام العربي ، بتدبير أو إهمال ، من صور ابشع الجرائم في التاريخ بحق شعبين عربيين كريمين ، ثم قارن ما ترى على صفحات الاعلام المجتمعي لهذه الجرائم ، لتدرك حجم التقصير الرسمي العربي ، سياسيا واعلاميا ، تجاه مأساة هذين الشعبين ، ثم بعد ذلك ستعرف لماذا وكيف ضاعت فلسطين وكيف فشل العرب في الدفاع عن اعدل قضية على وجه الارض .
هذا الاعلام العربي الذي لم ينجح في خطاب موحد في مواجهة الاٍرهاب والاستبداد وهذه الفتن السوداء التي تعصف بالشعوب عصفاً سترى ان فشله اعظم وانت تشاهد مندوب اسرائيل في اجتماع اليونيسكو ينجح في تصوير كيانه المزروع بالقوة ( صاحب الجدار العنصري ) بصورة الضحية ، بينما دماء أبناء وبنات فلسطين تقطر على يد جنوده كل يوم ، لقد نسي هذا الاعلام بان المسجد الأقصى محتل وان من يهاجم جنود الاحتلال على ارضه هم مقاومون وهم شهداء في جميع الاعراف والقوانين الدولية .
تحية لاصحاب المواقع والصفحات الجادة على شبكة التواصل الاجتماعي التي تنقل للملايين الصورة الحقيقية للمأساة في سوريا والعراق ، وايضاً لمعاناة وبطولات وصمود الفلسطينيين تحت الاحتلال . صفحات تنقل تجد فيها ، نصوصا وفيديوهات تقدم المشاعر الحقيقية للمواطن العربي أينما وجد تجاه عار تقصير العواصم ، عار صمتها وإدارة ظهرها لحال تُنهب فيا ثروات الأمة وتدمر حواضرها وتهجر وتشرد وتقسم شعوبها ، عار ان يصل ضعفها الى الفشل في حفظ أمن شعوبها حتى وقعت فريسة سهلة للارهابيين ، ولكل مغامر يسعى لتحويل سوريا والعراق الى خِرق ممزقة من الحارات والطوائف .. عار ان يأتي بوتين وترامب وخامئني بجيوشهم وميليشياتهم بعد ان تحولت جيوش الأنظمة الى ذبح شعوبها بعد فشلها في تقديم الأمن والكرامة لها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.