صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هل وعود الرؤساء أحلاما وردية أم حقائق ملموسة ؟

0

في منتصف هذا الشهر طمأننا رئيس مجلس الأعيان دولة السيد فيصل الفايز، بأن الأردن قوي سياسيا واقتصاديا، وأنه متفائل بمستقبله لأنه مقبل على فترة الازدهار. واليوم يزف لنا دولة الرئيس هاني الملقي بشرى جديدة، بانتهاء مجلس الوزراء من وضع التصاميم الهندسية لإنشاء عاصمة جديدة للأردن، غير العاصمة الحالية التي عرفناها منذ عشرينات القرن الماضي، وأنه سيطرح عطاؤها في العام القادم، إضافة لمشايع أخرى وفتح طرق جديدة مقابل دفع الأجرة من قبل مستخدميها.

فرحت لهذا الخبر لأول وهلة، وأعتقدت أن دولته قد اكتشف حقلا نفطيا أو بئرا للغاز الطبيعي في ربوع الأردن، وأن عصر الازدهار الذي وعدنا به دولة رئيس مجلس الأعيان قبل اسبوعين، قد بدأ يبرز إلى حيز الوجود. وتوقعت أننا سنتخلص من المديونية العالية قريبا، وسنبتعد عن أزمات السير الخانقة في شوارع عمان الحالية، وسنهجر منطقة البوليفارد الجديدة، وننسى أبراج عمان المعطلة، والقرية الملكية التي أصبحت مرتعا للدواب منذ ما يقارب عشر سنوات.
وبمناسبة الحديث عن الأبراج والطرق والقرية الملكية، فقد زرت مدينة دبي في ربيع هذا العام، وذهلت للتقدم الحضاري الذي وصلته هذه المدينة الحديثة. فهناك الطرق الحديثة وناطحات السحاب، ووسائط النقل التي تعمل بأنظمة دقيقة، والنظافة التي تسود المدينة وشوارعها العريضة.
لن أتحث عن مول دبي وبرج خليفة، اللذان يجتذبان السياح، ويدران مبالغ طائلة على المدينة. ولكنني سأتحدث بكلمات بسيطة عن القرية العالمية التي تضم أجنحة لمختلف دول العالم، تنطق بحضاراتها وتعرض منتجاتها، التي تشكل صورة مجسمة لوطنها الأم. أما المطاعم والأسواق الشعبية، وأماكن اللهو للأطفال، فهي تضاهي أرقى المدن الأوروبية، ويمكن للعائلات قضاء ساعات طويلة للتنزه والاستمتاع بخدماتها.
وهناك معلم آخر أود التحدث عنه وهو حديقة دبي التي تشكل جنة في الصحراء، يستطيع الزائر أن يقضي فيها وقتا ممتعا، يتنقل خلالها بين حلقات الزهور المعلقة والأرضية بتصاميمها الجميلة، وخاصة تلك الزهور التي ألصقت بأصصها، على جسم الطائرة الجاثمة وسط الحديقة بتنسيق وذوق سليم.
وما لفت انتباهي حقيقة، أن من صمم ونفذ تلك الحديقة الجميلة هو مهندس أردني كما قيل لي. وبقدر ما فرحت لإخوتنا في دبي على إنجازاتهم الرائعة واهتمامهم ببلدهم، بقدر ما حزنت على بلدي التي لم تستطع على الأقل إبراز القرية الملكية إلى حيز الوجود، ولم تستطع إنشاء حديقة مماثلة لما في دبي، رغم وجود الأرض الخصبة والجو المناسب لدينا، وتوفر كمية المياه المحدودة التي تحتاجها. وهي في النهاية إذا ما أنشئت، ستشكل مصدر دخل للدولة، وتهيئ متنزه جميل يرتاده المواطنون، بدلا من التنزه على أطراف الطرقات، دون توفر الخدمات الضرورية لهم.
وبمناسبة أحاديث المسؤولين الأردنيين عن قوة الاقتصاد والازدهار الموعود، فقد تذكرت قصة ” النسر الدجاجة ” التي وردت في أحاديث الكاتب المصري أدهم الشرقاوي وهي كالتالي :
” يُحكى أن نسرا كان يعيش في أحد الجبال، وقد بنى عشا كبيرا فوق شجرة، وعندما حان وقت وضع البيوض وضعت أنثاه في العش أربع بيضات. ثم حدث أن هزّ زلزال عنيف الأرض، فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت حتى استقرت في قنّ دجاج. عثرت دجاحة كبيرة في السن على البيضة، فحنّت لأيام الشباب والفراخ، وقررت أن ترقد على هذه البيضة حتى تفقّس، وبالفعل تعهدتها بالرعاية والدفء.
ثم دارت الأيام مسرعة تجري جري السحاب، وفقست البيضة وخرج منها نسر صغير. تربى النسر مع الدجاج فكسب طباعهم، وصار يأكل الحب مثلهم، ويمشي مشيتهم . . ولم تكن السماء أحدى أحلامه، فقد تربى أن الدجاج لا يطير. وفي أحد الأيام كان النسر يلعب في ساحة القنّ مع إخوته الدجاج. فشاهد مجموعة نسور تحلّق عاليا في السماء، تمنى أن يحلّق مثلهم، لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من إخوته وقالوا : الدجاج لا يطير . . ! بعدها تنازل النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وعاش دجاجة ومات دجاجة “. وأرجو أن لا تكون نهاية وعود رؤسانا أحلاما وردية تصل إلى مثل هذه النهاية . . !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.