صحيفة الكترونية اردنية شاملة

اتفاق الأردن وصندوق النقد

سيكون في الأسابيع القليلة المقبلة مراجعة جديدة لأداء الاقتصاد الوطني، أشبه بالتقييم، من قبل صندوق النقد الدولي بالتزامن مع مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2018 من قبل مجلس النواب.

مع نهاية هذا العام سيمضي عام على تنفيذ الحكومة لبرنامجها الهيكلي الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، الذي يمتد العمل به لثلاث سنوات (2017-2019)، بهدف زيادة إيرادات الخزينة ومن ثم تعزيز القدرة على مواجهة عجز الموازنة.

لكن الظروف التي دفعت الحكومة لتوقيع اتفاق التصحيح الأخير مع الصندوق لم تعد كما كانت في السابق، لا بل إن الأهداف التي أريد منها البرنامج لم تتحقق كما هو مخطط، وهناك مستجدات اقتصادية ومالية طرأت تحتاج من الجهات الرسمية مراجعة برنامجها الاقتصادي مع الصندوق حتى يتسنى لها الوصول إلى الأهداف الاقتصادية والتي من أهمها تحفيز الاقتصاد الوطني.

فمجمل الإيرادات الضريبية تراجعت في النصف الأول من هذا العام بأكثر من 50 مليون دينار عما كانت عليه في سنة 2016، وقد بلغت ما قيمته 2.47 مليار دينار وهو أقل من المقدر مع اتفاق الصندوق، وما هو مقدر بالموازنة بنسبة 97 بالمائة.

هذا التراجع في الإيرادات الضريبية جاء كنتيجة طبيعية للهبوط النسبي في كل من تحصيلات ضريبة الدخل والمبيعات والجمارك والعقار، وهذا أمر متوقع لجميع المراقبين، فالقطاعات السابقة يرتبط نموها بحالة الثقة في الاقتصاد من قبل المستهلكين والمستثمرين، ويحتاج إلى دفعة إنفاق إيجابية تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.

اتفاق صندوق النقد الدولي لم يعر اهتماما لتلك البنود الضريبية، وعمل على التركيز على زيادة الإيرادات غير الضريبية والتي فعلا حققت نموا كبيرا في النصف الأول من هذا العام بلغت قيمته 1.076 مليار دينار، وهو أعلى مما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي بقيمة 89 مليون دينار، والأهم من ذلك أنه يزيد على المقدر في برنامج الصندوق بنسبة 111 بالمائة، وهذا ما يفسر تحسن الإيرادات العامة للخزينة في النصف الأول من هذا العام.

إذن بات واضحا للجميع أن زيادة الأعباء غير الضريبية هي التي حسنت أداء الخزينة نسبيا في النصف الأول رغم تراجع الإيرادات الضريبية وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي إلى حدود ال2.2 بالمائة.

هنا يكمن التحدي الآخر أمام الحكومة؛ وهو الاستمرار في رفع الرسوم غير الضريبية في العام المقبل والتي تتطلب من الحكومة حسب اتفاقها مع الصندوق تحصيل إيرادات إضافية بقيمة 520 مليون دينار، فهل تستطيع الحكومة الاستمرار على هذا النهج بنفس وتيرة عام 2017؟.

لا شك أنه سيكون أمام الحكومة تحديات كبيرة في فرض مزيد من الرسوم على المواطنين والقطاع الخاص في ظل التراجع الاقتصادي وحالة الركود التي يعيشها الاقتصاد الوطني.

هذا سبب كاف للحكومة لإعادة النظر في اتفاقها مع الصندوق والتركيز على التحفيز الاقتصادي للقطاعات، خاصة مع تزايد التحديات الأمنية والاقتصادية التي بدأت تزداد تداعياتها على الأمن المعيشي للمواطنين، ولا ننسى كذلك عدم وفاء المجتمع الدولي بتعهداته لدعم الاقتصاد الأردني في مواجهة تداعيات أزمة اللاجئين، فهل تفتح هذه الأسباب بوابة مراجعة الحكومة لاتفاقها مع الصندوق؟.

[email protected]

التعليقات مغلقة.