صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تحليل درامي عن فيلم البيت الملعون

فيلم لا يستهان بمضمونه الدرامي إطلاقا، و يعالج قضية من القضايا التي يبحث بها علم الباراسايكولجي، و هو علم مثير للجدل لا تعترف به بشكل رسمي باقي العلوم الطبية و البيئية و الإنسانية المختلفة…فهو يبحث بالخوارق مثل التخاطر الفكري و رؤيا الاشباح او الارواح و في الناس التي لديها القدرة على معرفة الغائب و المستقبل و في تناسخ الارواح…بل هو علم يبحث بكل ما هو خارق لطبيعة البشر و موجود من حولنا…و ايضا قد يلامس في عملية بحثه الأمور التي لا نجد لها تفسير إلا في الكتب السماوية و في حوادث يعجز العلم الى يومنا الحالي عن ايجاد لها أدلة علمية إلا بما توفر من شهادات إنسانية و اختبارات ذاتية من البشر تقشعر لها الابدان، و من هذه الأجواء العلمية الخِصْبَةِ تأتينا هذه الرواية العملاقة من وحي خيال (مع حفظ الألقاب) الراحل أحمد الخطيب، و هي من اخراجه و هو من كتب السيناريو و الحوار لها ايضا، البيت الملعون هو من بطولة نخبة مقتدرة جدا من الفنانين و هم الكبيرو القدير سمير صبري و الراحلة الكبيرة ماجدة الخطيب و الراحل الكبير كمال الشناوي و الراحلة الكبيرة مريم فخر الدين و الكبيرة ناديه السبع (ارجو العلم بأن معظم ابطال و فنانين هذا العمل يتمتعون بإرشيف فني دسم لذلك ارفقت كلمة كبير أو كبيرة قبل اسم الفنان/فنانة من باب الإحترام لهم و لعطائهم بالسينما و لأنجازاتهم الدرامية، و كل الإحترام و التقدير اقدمه لكل فريق عمل هذا الفيلم من دون اي تميز بين فنان و فنان)، و اسمحوا لي بصفتي محلل و ناقد درامي أن اصنفه بأنه من أروع ما شاهدت من افلام رعب في السينما الكلاسيكية المصرية بالرغم من مآخذي كناقد على بعض أمور تقنية محدودة به…و لكن مما لا شك به و لا يحتمل النقاش بأنه يحمل تجربة دسمة و ناجحة جدا بالنسبة لمصنفه الدرامي و بالنسبة لمشاهده المثيرة…و لعدة أسباب سابدأ بشرحها هنا بحسب ما لمست و انا اشاهدها :  

أولا : الرواية غير مسروقة او مستوحاة من اية مادة درامية آخرى : و هذا ما لفت انتباهي اليها، فلم أجد مواد على ارشيف الإنرنت او عن طريق محرك البحث “جوجل” اية طعون بفرادتها او بنزاهة العمل، مما يصنفه بصورة اوتوماتيكية بأنه من وحي الخيال بالرغم من ان اساسه هو الباراسايكولوجي. المصداقية بهذه الأمور ضرورية، فالعمل الذي ينحدر بصورة خالصة من وحي الخيال أو الذي يستوحيه الكاتب من مصدر مُعَيًنْ و لكن يبدع كاتب السيناريو به بوضع الخطوط المناسبة بالنسبة لأين يتوقف الإحاء و بصورة مهنية و محترفة عالية سيكتب عمل سيلاقي الإستحسان عند الناس…و خصوصا اذا صارح الجمهور بمصدر الإحياء، و لذلك احترمت العمل لأنه قدم رواية مبتكرة انحدرت من وحي الخيال…و هذا كل ما يلزم للبدء برواية تبشر بالخير،

ثانيا تحليل للحبكة و أحداث الفيلم اتباعا للرسم البياني رقم أ :

 

 

  1. المقدمة للرواية او للفيلم : و تسمى بالإنجليزية  exposition، و تحتوي هذه المشاهد الأولية من الفيلم او الرواية بالعادة على الشخصيات و خلفية الرواية و الحقبة و التوقيت التي تحدث به الرواية، و لا بد من التوقف هنا عند الأسلوب الذي عالج به المخرج مقدمة هذا الفيلم الكبير، فقد ابتدأها بمشاهد ساكنة خالية من اية حركة أو حِدًة درامية…من دون تتر البداية أو اية موسيقى تصويرية…فلم نرى أو نسمع بها إلا مديحة بطلة الرواية و هي تخرج من السيارة ثم طقطت نعليها و هي تدوس مدخل الفيلا التي تسكن فيها، فَلِبُرْهَة من الزمن لم نسمع همسة من البطلة إطلاقا…و كأنه الهدوء قبل العاصفة…فرأيناها تدخل الفيلا و تصعد الى الطابق العلوي منها و تتجه نحو غرف اولادها، و بعد الإطمئنان عليهم رأيناها تزيل اطباق من على الطاولة بكل هدوء ثم تدخل الى غرفتها و تبدأ بالإسترخاء و أخذ راحتها فيها، و فجأة تبدأ مشاهد من الإثارة الحقيقية لنرى روح خفية لا تظهر معالمها تصفعها على وجهها ثم تهاجمها و تحاول خنقها بوسادة على السرير…و يتخلل هذا الهجوم مشاهد لصور معلقة على الحائط و لإضاءة السرير و هي تهتز بعنف لتنذر البطلة بوجود غير طبيعي بغرفتها…

كانت بداية موفقة جدا أشعرتني بالرهبة و اعلنت للذي يشاهد الفيلم بأن هنالك أحداث مثيرة و مرعبة ستنتظره، فإن كانت البداية قوية و مميزة ستنجح بجذب إنتباه المشاهد ليصيبه الفضول ليشاهد باقي المادة و ليعلم المزيد عن ماذا سيحدث…و غالبا تسمى باللغة الإنجليزية hook او cliff hanger  ، و كتلخيص للبداية فقد تَمَحْوَرَتْ حول روح تهاجم إمرأة بشراسة و تحاول خنقها و ارهابها؟؟؟؟ و أعحبني المخرج حينما نظم عملية هروب مديحة مع اولادها، فحينما اخذت اولادها من الغرفة و اسرعت الى خارج الفيلا نحو السيارة اكتشفت بأنها نسيت المفتاح فوق خزانة عند المدخل، ليدفعها هذا الأمر رغم الرعب الشديد الذي كان يزلزل كيانها للعودة للبحث عنه، و من كثرة ارتباكها نسيت بأنها وضعته عند المدخل…مما دفعها لمحاولة تحدي خوفها و العودة للغرف للبحث عنه…و حينها حدث امر ساعد من تصاعد صحي للأحداث و دَفْعَهَا بصورة صحيحة نحو ذروة الحبكة…فإصطدمت بالروح وجها لوجه اثناء خروجها من الفيلا…فرأت طفلة صغيرة ارعبتها بصورة كبيرة…

البداية كناية عن انذار أشعر المشاهد بأن هنالك أمر سيئ سيحدث للبطلة بالمستقبل…و يمسى بالعملية الأدبية  foreshadowing ، و الإثارة في اول الفيلم اسلوب استعمله العديد من المخرجين الكبار في افلامهم ليخلقوا الرغبة القوية داخل المشاهد لمتابعة الفيلم، الراحل الكبير ياسين اسماعيل ياسين استخدم هذا الاسلوب في فيلمه الشهير عاد لينتقم، و هو من فئة افلام الرعب، فراينا مشهد مؤثر لبطل الفيلم مع ابنته حينما تتعرض لحادث مؤلم يسبب لها الوفاة. و لعله كان اسلوب ناجح و مؤثر لأَسْر المشاهدين منذ اللحظات الأولى من الفلم…و بحادثة موت صاعقة و مؤثرة لتلبي غرضها بأن تكون خير مقدمة لباقي مشاهد الرعب القوية في الفليم، و يتكرر هذا الاسلوب الناجح في فلم استغاثة من العالم الآخر حيث رأينا مقدمة خاطفة للفيلم فوق خلفية مائية في الليل حيث كانت مقدمة ناجحة للكابوس التي حلمت به البطلة في الفيلم، حيث كان يتكرر كابوس معها و هي على ضفاف النيل، و لا ننسى رائعة ستيفين سمورز في فيلمه الشهير المومياء انتاج سنة 1999 The Mummy، حيث ابتدأ الفيلم بمشاهد من العصر الفرعوني تناولت قبل تتر البداية قصة الحب بين أمحوتب كبير الكهنة و أناكسونامون زوجة فرعون، و حيث حدثت الخيانة و قتل امحوتب فرعون حينما اكتشف خيانة زوجته معه…و لتنتحر عشيقته خوفاً من عواقب خيانتها لفرعون، و تخللتها مشاهد مرعبة لعقوبة رئيس الكهنة مع معاونيه حيث تم تحنيطهم و هم على قيد الحياة!!!!  

  1. الأحداث المتصاعدة :  و تسمى بالإنجليزية rising action، فبعد ان تكتشف مديحة ان هنالك قوة خفية تهاجمها تبدأ هنا سلسلة من الأحداث المرعبة التي تنجح بتحويل حياتها الى جحيم، فبعد أن يصل زوجها شريف من عمله يكتشف بأن زوجته بحالة انهيار كلي، و في هذه النقطة تتصاعد الأحداث و تبدأ حدتها بالإزدياد و كما يشير الرسم البياني…فهنالك حبكة يجب ان تبلغها اية رواية كاملة و موزونة العناصر و لن تستطيع ذلك من دون سلسلة من الأحداث المتصاعدة التي نزيد من إلتحام الخير مع الشر أو تفاعل شخصيات الرواية مع بعض…أما بغير ذلك لن تبلغ الرواية الحبكة بالقوة و الفاعلية المطلوبة، و في هذه النقطة بفيلم البيت الملعون نستطيع القول بأن هذه المرحلة تبدأ تقريبا بعد أن تخبر مديحة زوجها عن الرؤًي التي تشاهدها، فنراه يرتعب قليلا حينما يصل المنزل مع زوجته، و حينما يسمع بأصوات مريبة بالقرب من المنزل يجري وراء مصدرها الى ان يصل الى مبنى مرتفع عن الارض، فيصعد اليه بإستحدام السلم ليكتشف بأن مصدره هو قطعة حديد تهتز مع شدة الريح…في حقيقة الأمر نرى شريف لا يصدق مديحة إطلاقا، و سأحاول سرد الأحداث التصاعدية بنقاط سريعة نظرا لدسامة العمل :

-) ففي اليوم الثاني تعود الرؤى الى مديحة حينما يكون زوجها بالعمل، فترى جنايني الفيلا يتكلم مع سيدة اسمها فتحية حيث تشكو له تصرف “البنت الصغيره”، و حيث تهددها بأنها ستضرب عنقها بالمنجل الذي بيدها لتربيها، و فجاة تظهر امامها نفس البنت التي ظهرت لها في مقدمة العمل و هي تجري نحو أولادها، فتجري ورائها لترى مديحة اولادها بمفردهم، و حينما تسأل اولادها عن البنت ينكران بأنها موجودة اساساً، و ينكر صالح بأنه تكلم مع إمرأة اساسا، و حينما تذكر له اسمها يفيدها بأن هذا الإسم هو اسم زوجته التي توفت منذ 25 سنة؟!

-) ذات ليلة من الليالي نرى كم أن الخوف نجح بالسيطرة على مديحة، فنراها بمشهد تمسك بسكين مطبخ و تضعه تحت وسادتها في الصالة حيث هيئة لها مكان للنوم على الكنب و ليس في غرفتها حيث اعتادت أن تأتيها الرؤى المزعجة، و قبل ان تنام يصل زوجها و هو منهك القوى من العمل حيث كان مكلف بصيانة محول للكهرباء تابع للدولة، يتنبه لوجود غطاء و وسادة للنوم على كنب الصالة و لكن يحتفظ بهذا الأمر لنفسه، و تحاول مديحة البوح له بمخاوفها و لكنه يشكو لها تعبه، فينام و يتركها مع خوفها الكبير…و حينما تحاول النوم تبدأ بسماع صوت إمرأة نتاديها وسط نشاط للريح خارج نافذة منزلها، فتتبع الصوت لتصدم و هي بأعلى سلم الفيلا بإمرأة بأرض الصالة تلتقط انفاسها الأخيرة و تتلوى من الألم و تمد بيدها نحوها، تصيب مديحة حالة خوف ضخمة من المشهد ثم ترى نفس البنت تقف في الصالة، فتدخل بحالة خوف هيستيريا و تجري خارج المنزل حيث ترى ظلال لأشخاص على الأرض من حولها، ثم تشاهد يد خارجة من الأرض لتبدأ بالصراخ الهيستيري، يمسك بها زوجها حيث يتبين بأنه تبعها الى الخارج لتتضح بأن اليد هي للعبة بلاستيكية،

-) نرى الروح تلاحق مديحة حتى في جولاتها خارج الفيلا، ففجأة و هي تقود سيارتها نراها تفقد السيطرة على السيارة كليا و نرى الروح تتحكم بالمقود و تبدأ بقيادة السيارة…مما يثير الذعر في مديحها و أولادها،    

-) يتعرف شريف على الدكتور صلاح محمود بواسطة صديق له حينما يشكو له مشكلة زوجته، و ينجح شريف بعد زيارته للدكتور بإقناعه بعلاج زوجته، و يبدأ بعلاجها و لكن لتحدث بعض التطورات التي تفاجئ مديحة جدا…

-) تقبل مديحة العلاج عند الدكتور صلاح، و منذ اللحظة الأولى يتضح لها بأن الدكتور صلاح يتعامل معها على انها تعاني من تخيلات غير واقعية بالرغم من ايمانها بأنها تَراها عن حقيقة. و تمضي بعلاجها على هذا الاساس الى أن يحدث بينها و بين الروح مواجهة عنيفة تسبب لها انهيار بالأعصاب، فيزورها الدكتور صلاح على اثر هذه الحادثة الخطيرة و يعطيها حقنة منوم، و يخبر زوجها بأنها تعاني من هلوسه بصرية او  visual hallucinationحيث يكون هذا تشخصيه النهائي لمرضها،  

-) تزورها عمتها بالمنزل بعد هذه الحادثة، و بوجود شريف زوجها تخبرهم عمتها بأنها لم تكن تتوقع أن يستقرا بنفس الفيلا الذي كانت مديحة تعيش بها في صغرها مع والديها، و تكمل عمتها الحديث لتخبرهم بأن حياة اهل مديحة كانت غير مستقرة بسبب وجود خلافات زوجية بين الطرفين، و تصدم مديحة حينما تخبرها عمتها بأن والدتها سعاد قتلت في الفيلا، و كانت التهم موجهة لوالدها، و بالرغم من انكاره لهذه التهمة إلا ان الأدلة كانت ضده، و لم يتوقف الأمر عند هذه النقطة بل تم اتهامه بالجنون و ادخل مستشفى للصحة النفسية، و كانت النتيجة مأسوية حيث انتحر من كثرة الضغوطات،     

-) حينما تتضح لها هذه الأمور ترويها للدكتور صلاح…و لكنه يتمسك برأيه بأنها تعاني من رؤى نتيجة لطاقات عنف مكبوتة في داخلها، و لكن اثناء المحادثة تكشف لها زلة من لسانه بأنه يعلم عنها أكثر مما كانت تتوقع…فتستغرب بأنه يعلم اسم والدتها بالرغم من انها لم تخبره عن اسمها خلال حديثها معه…فتبدء مديحة بالشك في الدكتور صلاح و نواياه تجاهها…

-) تبتعد مديحة عن الدكتور صلاح إلاً أنه بكل خبث يقابل زوجها و يكشف له احتفاظه بمعلومات ارشيفية عن قضية مقتل سعاد والدة مديحة، و بأن هذا الأرشيف له علاقة بطبيعة عمله، و يقنع زوجها بأن ما تراه هو تخيلات لا علاقة لها بارض الواقع و بأن ليس هنالك روح خفية تحرك زوجته…فنتعرف هنا على خوف الدكتور صلاح من ما تراه مديحة و من ماضي يقترب منها بالرغم من ارادته،

-) نرى الدكتور صلاح بمشهدين في خضم هذه الأحداث من الفيلم في حالة نفسية سيئة جدا مما يوحي بأنه إنسان يتمتع بسلوك غير طبيعي او بأنه معتوه نفسي،   

-) تحدث هنا مواجهة بين شريف و مديحة يُعْرِبْ فيها شريف لزوجته عن استيائه التام من الظروف التي تمر بها اسرته و عن خوفه من تأثير ما يحدث على أولاده، و يقول لها بأن الدكتور صلاح كان خارج مصر و قت مقتل والدتها، و يضغط عليها كي تعود الى جلسات العلاج عند الدكتور بالرغم من ارادتها…

  1. الذروة : و تسمى بالإنجليزية climax، و تصل هذه الرواية المثيرة للجدل و الكبيرة بمضمونها الأدبي الى هذه النقطة الهامة حينما يجتمع الدكتور صلاح مع شريف و مديحة في بعض المشاهد في صالة منزله لإستكمال علاجها، و نرى الدكتور صلاح بكل نوايا خبيثة يعطيها دواء ممزوج مع سائل لتشربه ثم يستأذن منها و من زوجها لكي يذهب الى أجزخانه ليشتري دواء لها، يصر شريف على الذهاب معه لكي يكون رفيق مشوراه لشراء الدواء…و يذهبا الى الأجزخانه ليتركا مديحة بمفردها بمنزل الدكتور…و هنا تتعملق حادثة إلتقاء الروح مع مديحة…فنرى جبروتها و هي تزلزل كيان منزل الدكتور حول ضحيتها المسكينة…فنرى النوافذ تهتز بعنف في صالة المنزل  و نرى رياح قوية تدخل من النوافذ على الصالة، تدخل مديحة في حالة انهيار كلي بسبب الخوارق التي تحدث من حولها، و لا تكتفي الروح بهذا القدر من إظهار قدرتها…بل نراها تسكب غضبها بكل ضراوة على المكان فتهتز الصور على الجدار و نرى الأثاث يتحرك من مكانه حول مديحة و هي تحاول الهروب من هذه العاصفة الكبيرة…و فجأة مع هذا الغضب الذي ابتدأ يفتك بمنزل الدكتور يصل شريف مع الدكتور بسيارته، و يسمع صرخات إستغاثة مديحة…فيجري الى المنزل بجنون و يبحث عنها وسط الدمار المهيب الذي يراه…فيجدها و يحضنها و هو ينظر الى المكان الذي انهار فجأة بقوة من حوله، و يؤكد لها بأنه أخيرا يصدقها…و بأنه يرى قدرة المارد الخفي الجبار الذي يفتك بسلامها…و نرى الدكتور صلاح يصرخ و هو بحالة انهيار و جنون على الروح التي فتكت بمنزله…لتتعملق هذه المواجهة الثنائية بين الدكتور صلاح و شريف و مديحة و هم بقبضة الروح…

مشاهد الذروة مهيبة لعدة اسباب، فنرى المخرج يستخدم المؤثرات البسيطة التي بين يديه بصورة مثالية جدا ليرسم لوحة رعب تأسر بطلة الرواية و تسبب لها انهيار كبير…فلم نرى اية مؤثرات تستخف بعقل المشاهد او خارج عن اطار ما يمكن تقديمه بإحتراف…و هذا ما أعجبني بإخراج العمل، فتقدم لنا هذه الرواية رعب يثير الخوف في أنفس من يراها و بمؤثرات تقليدية أحسن استخدامها المخرج جدا…فيلم الرعب هذا امتاز بأجوائه الخاصة التي تمحورت حول صراع إمرأة مع روح معذبة تهيمن عليها لفترة من الوقت حيث تتضح انها روح والدتها، و تسعى للثأر من قاتلها الذي بقي حراً طليقا لسبعة و عشرين عاما و تسعى ايضا لحماية ابنتها من هذا القاتل اللعين، لذلك نراها تتعملق بزلزلة المكان حولها حينما تسكن  ابنتها بقصرها…و نراها تخاطبها برؤىً و مشاهد مؤثرة ترمز الى قتلها الذي حدث بالماضي و تنبئ بقتلها في المستقبل القريب…مما يدفع مديحة الى حافة الأنهيار اثناء اختبارها لهذه الخوارق الكبيرة…فيلم قدمه أبطال احترفوا بتقديم أدوارهم فأعجبني انغماس الراحلة ماجدة الخطيب بدورها و الأداء الكبير الذي قدمته، و اعجبني الأداء الذي قدمه سمير صبري بهذا العمل حيث اخذونا هاؤلاء الابطال برحلة رعب اختبرنا فيها ما يحدث بعالم الباراسيكولوجي…علم الخوارق و الماورائيات التي قد يتعامل معها البشر حينما تفوق قدرات نخبة منهم قدرات الإنسان العادي…او حينما تختار روح معذبة غاضبة لإنسانة ماتة قتلاً…أن تتصل بإنسانة مقربة جدا منها لكي تحذرها كي لا تنال نفس مصيرها…و لكي تزلزل كيان قاتلها حتى يسود العدل من جديد…و كما تروي قصتنا الكبيرة و المثيرة…”البيت الملعون،”

  1. تحلل الحبكة : و تسمى بالإنجليزية falling action، و هي كما يوحي اسمها مرحلة من الرواية يسعى الابطال بعد ارتفاع وتيرة الأحداث و وصول قوى الخير و الشر الى قمة المواجهة الى حل المشكلة، و هذا ما حدث مع ابطال روايتنا، فبعد أن شعر شريف بقوة الروح التي تلاحق مديحة ذهب معها لمقابلة علماء مختصين بعلوم الباراسايكولوجي و الوساطة الروحية، و أخبرتهم مديحة بما تشعر به حينما تكون الروح حاضرة في منزلها،

-) يزور الدكتور صلاح مديحة في منزلها و هي بمفردها، و يقوم بتنويمها تنويماً مغنطسياً حيث نراه بحالة نفسية غير طبيعية، فنشعر كم ان لهذا الدكتور طاقات خارقة لطبيعة البشر، و يبوح لمديحة بمكنونات عن حبه لوالدتها كما لو كانت مديحة سعاد…ثم يوقظها من سباتها العميق و يذهب و هي بحالة صدمة غير واعية للذي اصابها،

-) نرى فريق البحث العلمي يزور فيلا مديحة و شريف مع الوسيطة التي ستتصبل بالروح، و تشعر الوسيطة بفضل الحاسة التي لديها بوجود الروح في الفيلا، مما يشجع فريق البحث العلمي بعمل تجربة تحضير روح في الفيلا المسكونة،

-) يلتقي فريق البحث مع الدكتور صلاح في الفيلا، و يتضح للمشاهدين بأنهم زملاء قديمين منذ ايام الدراسة بجامعة السربون، و يتضح بأنهم على خلاف علمي حاد بسبب اختلاف مدارسهم العلمية، و يعترض الدكتور صلاح من صنع التجربة في فيلا شريف و مديحة، و لكن تصر العائلة عليها بالرغم من هذا الإعتراض،   

-) يَحْضُرْ الدكتور صلاح جلسة التحضير مع فرق البحث العلمي، و تفشل اول محاولة لتحضير الروح في الجلسة، و تشعر الوسيطة بالإرهاق الشديد من التجربة مما يدفع رئيس الفريق لطلب الإنسحاب من الجلسة، و لكن تلتمس منها مديحة بإلحاح أن تعيد المحاولة، تشعر الوسيطة مع مشكلة مديحة و تقبل مساعدتها، و تنجح ثاني محاولة إتصال، تخبر الروح الوسيطة بأن هنالك خطر على أحدهم بالمنزل، و لكن تنتهي الجلسة قبل أن تخبرهم الروح بالمزيد من المعلومات،

-) يحلل فريق البحث العلمي بواسطة اجهزة إلتقاط و تحليل الذبذبات الصوتية الذبذبات التي تم التقاطها اثناء الجلسة، و تحدث المفاجئة حيث يسمع الباحث الذي يحلل الموجات ذبذبة دخيلة و غريبة اثناء الجلسة…فيفهم فورا الفريق بأن الدكتور صلاح كان على إتصال مع الروح اثناء الجلسة مما يفسر فشل محاولة التحضير الأولى، فيتصل الدكتور المسؤل بشريف و يخبره بالنتائج،

-) نتعرف على أحداث كثيرة في هذه الأثناء من الفيلم…فإنها مرحلة فك الرموز و حل ألغاز كثيرة، فتستلم مديحة من عمتها صورة لها في صغرها لم تشاهدها من قبل، فتكتشف أن الطفلة التي كانت تظهر لها في الرؤى كانت هي نفسها و هي صغيرة، فتعلم حينها انها كانت ترى جريمة قتل والدتها امامها كما شهدتها في طفولتها، فتشعر بخطر كبير على حياتها، و فجأة يقتحم الدكتور صلاح المنزل على مديحة، و يكون بحالة نفسية مرهقة جدا حيث يتخيل مديحة  انها والدتها سعاد، و يعبر عن عدم مقدرته رؤية سعاد في ايدي رجل آخر غيره حيث كان يحبها، و يخنق مديحة بنفس الطريقة التي خنقتها الروح في اولى مشاهد هذا الفيلم…و لكن تتمكن مديحة من الفرار منه، و بعد مطاردة مُرْهِقًة يحاول الدكتور صلاح قتل مديحة بمسدس…و لكن يصل شريف بالوقت المناسب و يطلق النار على الدكتور صلاح…فيرديه قتيلا بثوان معدودة…

  1. الخلاصة/الخاتمة : و تسمى resolution، و هي خاتمة الرواية، و هنا يحدث ما ينبغي ان يحدث، فقد مات الدكتور صلاح قاتل سعاد والدة مديحة، و أخذ العدل مجراه، و انتصر الخير على الشر، و عادت المياه لمجاريها في أسرة شريف و مديحة، و ارتاحت الروح من تجوالها بعالم البشر و من سكنتها في فيلا عائلة شريف، إلا أن هذه الرواية أبت ان تنتهي بصورة تقليدية…فحينما كانت عائلة شريف تحتفل بعيد ميلاد عمة مديحة أخذ شريف صورة لأسرته بكاميرا بولارويد…و حينما صدرت الصورة من الكاميرا تفاجئ بوجود طيف الدكتور صلاح بجانب مديحة؟؟؟؟

كلمة لي عن الرواية : هذه رواية جديرة بالدراسة، و جديرة لكي يتوقف الناقد الدرامي عندها، فهي عمل ناجح و كبير قدمت لنا تجربة فريدة جدا من نوعها و عالجت محتواها الدرامي بصورة ناجحة جدا، كناقد ليس لي اية مآخذ كبيرة عليها إلا بما يختص بالمؤثرات المرئية، فكنت احب ان ارى تفخيما لهذه المؤثرات، و لكي تكون مخيفة بعض الشيئ أكثر بنوعها، فهذه روح لا تخضع لقوانين بشرية حينما تتعاطى مع بني الإنسان…لذلك وجودها في عالمنا سيكون مخيف لنا كبشر، أما بغير ذلك ارى فيها رواية كبيرة أرفع لفريقها القبعة احتراما و اجلال و تكريما لما قدموه فيها، و لروح ماجدة الخطيب أقول “شكرا لكِ و لما قدمتيه للسينما المصرية، و شكرا لهذا العمل الرائع الذي تَرَحًمْتُ به على روحكِ و انا اشاهده، اداء رائع بإمتياز يحاكي قوة اداء اروع ممثلات هوليود، شكرا لكِ،” و اقول لروح كمال الشناوي “بأنك ابدعت ايها الفنان الكبير، فهذا العمل يضاف من دون جدال و نقاش الى ارشيفك الذهبي و يبرهن خبرة السنين الدسمة التي كانت ليدك،” و اقول للفنان الكبير سيمر صبري “شكرا لك ايها الفنان المبدع، دور كبير ينحدر من موهبة عملاق درامي، أمتعتنا كعادتك بهذا العمل الدرامي الكبير،”     

التعليقات مغلقة.