صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تقرير “مالية الأعيان”

من يقرأ تقرير اللجنة المالية في مجلس الأعيان حول قانون موازنة 2018 يدرك مدى العمق العلمي والعملي الذي تتمتع به اللجنة وأعضائها، وتناولها لمعظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الدولة بطريقة الناصح الأمين الذي يراقب الوضع عن كثب.

فعلا نستطيع أن نعتبر تقرير مالية الأعيان حول الموازنة وثيقة اقتصادية واجتماعية للدولة في سنة 2018، تستطيع من خلالها تلمس نقاط الضعف والقوة الكامنة في الاقتصاد الأردني، ويمتلك التقرير حسا استقصائيا عاليا في وضع يده على بؤر اقتصادية ساخنة غائبة عن العقل الاقتصادي الرسمي.

التقرير طالب بوقف عمليات الإنفاق خارج الموازنة، وهذا ما كرسته الحكومة الماضية التي رحلّت دفع مستحقات تتجاوز قيمتها ال1.3 مليار دينار مقابل أن تتغنى بعدم إصدارها لأي ملحق للموازنة، والحقيقة أنها هربت من دفع مستحقات عليها وحمّلتها للأجيال المقبلة.

في مسألة التدريب المهني والتشغيل، كشف التقرير عن وجود أكثر من 100 مؤسسة معنية بالتدريب المهني تنفق ما يقارب ال300 مليون دينار في العام الواحد، ما يتطلب فعلا توحيد عمل هذه المؤسسات وتأسيس مرجعية واحدة للعمل المهني تكون أكثر فاعلية وإنتاجية بدلا من تضارب الأدوار وتبعثر الأموال.

اقترب تقرير مالية الأعيان من قلق الكثير حول ما يدور في أروقة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، إذ طالب صراحة هذه المرة بالتروي في موضوع التأمين الصحي الشامل الذي تنوي المؤسسة الشروع به، لما له من تداعيات مالية مقلقة على المؤسسة في المستقبل والتي تتطلب تعديلات جذرية على تعديل قانون الضمان يضمن في النهاية زيادة إيرادات المؤسسة بشكل يفوق الزيادة في النفقات.

اللجنة المالية في مجلس الأعيان أوصت بإعادة هيكلة الموازنة العامة، وهذه مسألة في غاية الأهمية، من عدة جوانب أهمها ضمان عدم خروج المسار الإنفاقي عن مساره المقر في الموازنة، والالتزام حرفيا ببنوده ومخصصاته دون تغول عليه.

أدركت اللجنة أن موضوع المعالجات الطبية أحد أبرز المشاكل المقلقة ماليا في الموازنة والتي عادة ما تتجاوز مخصصاتها بكثير، ما يتسبب وتحت الضغوطات بعدم دفع المستحقات الإضافية للعلاج والتي تفوق بكثير المخصصات المرصودة في الموازنة، ما يتسبب بتشوه مالي في الموازنة ومخالفة القانون من جهة، والتأخر في دفع المستحقات المالية لشركات الأدوية والمستشفيات، ما يعطل أعمالهم وأنشطتهم، لذلك التقرير أوصى بزيادة مخصصات العلاج الطبي حتى يتسنى للحكومة تجاوز هذه المعضلة.

وأوصى التقرير بوضع مخصصات كاملة لدعم أصحاب الدخول التي تقل عن ألف دينار، ودراسة التعرفة الكهربائية بما يراعي مبدأ التكافل الاجتماعي، ولا يعاقب المنتج على حساب المستهلك.

هناك 18 توصية لمالية الأعيان حول قانون موازنة عام 2018، وكل توصية تحتاج إلى لجان رسمية لمتابعة تنفيذها، وهذا الأمر يحتاج اليوم إلى تنسيق عال المستوى بين مجلس الأعيان والحكومة لمتابعة توصيات التقرير التي سيكون لها نصيب وافر في هذه الزاوية خلال المرحلة المقبلة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.