صحيفة الكترونية اردنية شاملة

خدمات مقابل الضرائب

“هل استطاعت الموازنة مقابل زيادة العبء على المواطن، أن ترفع مستوى الخدمات وتحسنها بالقدر الذي يلمسه المواطن بوضوح، بعيدا عن الوعود والشعارات خاصة في مواضيع النقل والصحة والتعليم والخدمات؟”.
سؤال طرحه السادة الأعيان أثناء مناقشاتهم لقانون موازنة الدولة لسنة 2018.
غالبية موجة الاستياء التي تجتاح مشاعر الأردنيين من رفع الضرائب والرسوم على السلع والخدمات يأتي لكونهم لا يشعرون أن هناك مقابل لقاء ما يدفعونه، فخدمات الطرق والنقل والأداء في الدوائر الخدمية الرسمية المختلفة في أدنى مستوياتها.
لا بل إن غالبية الأردنيين بات لديهم شعور بأنه لا يمكن لهم الحصول على خدمة من جهة بالشكل الذي يريدونه إلا إذا قدموا رشاوي لمقدمي الخدمات الرسمية للأسف.
نعم هذا شعور وله أساس من الصحة، فكثيرة هي الدوائر الرسمية التي باتت سمعتها في الحضيض نتيجة انتشار مظاهر الفساد الإداري والرشاوي وغياب الشفافية والإخلاص في العمل.
قيام الحكومة قبل أشهر قليلة بإحالة عدد كبير من موظفي إحدى الدوائر الاقتصادية الرسمية على التقاعد ونقل بعضهم، يأتي في إطار جهود تصحيح مسار مشوّه في تلك المؤسسة التي تنامت فيها أعمال مخلة بالقوانين وانتشار الرشاوي بشكل فاضح، والغريب في الأمر أن الحكومة لم تستطع أن تقدمهم إلى العدالة لأن أعمالهم تغطت بثغرات قانونية نجتهم من المحاكمات العادلة، ما دفع مجلس الوزراء إلى إحالتهم على التقاعد.
هذا عمل جزئي يتطلب انتفاضة رسمية في جميع أجهزة الدولة خاصة تلك التي تتعامل مع المواطنين.
الأساس أن دافعي الضرائب يحصلون على الخدمات الضرورية لهم دون الحاجة للاتفاف على القوانين والأنظمة والتعليمات، وأن يلجأوا إلى الرشاوي أو إلى ممارسات مخلة بالقوانين للحصول على خدمة هي حق لهم، وليست منة من أحد عليهم، فكونهم مواطنين فهم أيضا دافعي الضرائب الرئيسية للخزينة، ولولا التزامهم المالي لكان وضع الاقتصاد في خبر كان.
هنا يتطلب من الحكومة النهوض قدما بالإصلاحات الهيكلية الإدارية على كافة مستويات المؤسسات والدوائر الرسمية، فكما هي معنية بمعالجة الإصلاحات المالية واختلالات الموازنة لسد عجز الموازنة وتحقيق الاستقرار المالي، فهي أيضا مطالبة بالسير قدما وبنفس وتيرة التحصيل الضريبي الذي تنفذه في معالجة كافة التشوهات الادارية وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين ومحاربة الفساد الإداري والتشوهات وحالات الابتزاز التي تسود كثيرا من سلوكيات العاملين في تلك المؤسسات الرسمية، والتي بات بعضهم يعمل بشعور أنه محصن من المساءلة، وقد يفسر هذا الشعور حالات تنامي مظاهر الاختلالات في سلوكيات العمل العام الذي بات هو الآخر أفضل وسيلة للثراء الفاحش للأسف في نظر بعض الموظفين والطامعين للوصول إليه عن غير جدارة واستحقاق.

[email protected]

التعليقات مغلقة.