صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تشتت القطاع الخاص

إذا كنا ننتقد القطاع العام بتعدد مؤسساته وهيئاته المستقلة التي بات بعضها عبئا كبيرا على الخزينة، فإن القطاع الخاص ليس بأفضل حال منه، فهو الآخر في حالة تشتت وتبعثر، لدرجة أننا بتنا لا نعرف هوية الاقتصاد الوطني من خلاله.

اقتصاد صغير مثل الاقتصاد الأردني يحتوي على كم كبير من المؤسسات والهيئات والجمعيات المعنية بعمل القطاع الخاص ما يفوق تصور العقل البشري والمنطق في آن واحد، فهل يعقل أن يكون هناك غرفة تجارة وصناعة وفوقهم غرف للأردن عامة وبجانبهم جمعيات مناطقية في كل حارة، وكل قطاع ونقابة دخلت أيضا على الخط في تجزئة وتعرية القطاع الخاص من حضوره وفاعليته في النشاط الاقتصادي الوطني.

هذا الكم الكبير من المؤسسات المعنية بالقطاع الخاص باتت تشكل عبئا على بيئة الأعمال الأردنية، وبعضها أشبه بما يكون بالدكاكين التي تعزف منفردة عن الخطاب العام للقطاع الخاص، وليس لها أي حضور في المشهد العام سوى في السفر والترحال والإصرار على المشاركات الخارجية، أو الإصرار على التمثيل في الاجتماعات الرسمية وجلوس رؤسائها بجانب المسؤولين في الاجتماعات المختلفة.

فعلا بات الأمر أشبه بما يكون مسرحية هزلية فالاقتصاد الأردني بحاجة إلى تحديث مرجعياته المشتتة والمتصارعة فيما بينها لتطوير خطابهم الإعلامي وتحديد مطالبهم وتفعيل حضورهم في المشهد الاقتصادي العام للدولة.

اليوم باتت مطالبات وملاحظات القطاع الخاص في التشريعات لا تخرج من أدراج المسؤولين الرسميين الذين لا يبالون للأسف لمطالب القطاع الخاص في كثير من الحالات، وذلك لسبب منطقي، وهو عدم وجود تفاهمات بين هذا الكم الكبير من ممثلي القطاع الخاص في الدولة، فملاحظات رجال الأعمال والتجار والصناعيين حول قانون ضريبة الدخل على سبيل المثال لا يمكن أن تلقى أذنا عند الحكومة بسبب حالة التشتت الكبير والفروقات الهائلة في الطروحات بين ممثلي القطاع الخاص في الأردن مع كل أسف.

من يصدق أن هناك غرف تجارية في المملكة لا تمتلك قدرة حتى على تحصيل اشتراكاتها التي بالكاد لا تغطي مياومات سفر بعض أعضائها في عام؟.

ومن يصدق أن جمعيات ومؤسسات معنية بتجمعات صناعية مناطقية ضيقة جدا تطالب بحضور رسمي كبير لها في المناسبات وأن تكون ندا للمؤسسات التقليدية في الدولة مثل غرف الصناعة؟.

ومن يصدق كذلك أن هناك جمعيات قطاعية باتت مستقلة في قرارها وتطالب هي الأخرى بتمثيل لها في الاجتماعات والمناسبات الرسمية في الدولة؟.

مشهد مؤلم لفعاليات القطاع الخاص الذي كان في السابق أكثر حضورا وتأثيرا على الحياة الاقتصادية في الدولة، ويتمتع بقوة فاعلة في كافة المناسبات والمحافل، وله كلمة عليا في الشأن الاقتصادي للدولة.

اليوم هناك مباحثات جدية في لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب لإصدرار مشروع قانون جديد لغرف التجارة والصناعة، والأمل معقود بهذه اللجنة لإعادة الاعتبار إلى مؤسسات القطاع الخاص وإعادة الحيوية والتألق للغرف التجارية والصناعية وجعلهما مؤسسات قادرة على الحضور والتاثير في الأنشطة الاقتصادية، وتفعيل دورهما ومحاربة الجمعيات المشاغبة التي بدأت تظهر هنا وهناك، والتي أثبتت أنها في النهاية جمعيات فردية يبحث أصحابها عن كراسي للجلوس عليها لا أكثر، وأنها بعيدة كل البعد عن خدمة قطاعاتها.

[email protected]

التعليقات مغلقة.