صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الأردن والصندوق..

العلاقة بين الأردن وصندوق النقد الدولي ليست جديدة أو مرتبطة بالاتفاق الأخير، بل هي علاقة ممتدة منذ العام ١٩٨٩، ذلك العام الذي انهار فيه الدينار، وكان يوما أسودا في تاريخ الاقتصاد الوطني.

الأساس في العلاقة هو الأزمة الاقتصادية التي عاشها الأردن في أواخر الثمانينات. ولَم تكن العلاقة وليدة تعاون ثنائي اختياري للأردن، فالامر كان إجباريا على المملكة التي لم يعد أحد من المانحين والمؤسسات الدولية الاقتصادية تتعامل مع الاردن المنهار اقتصاديا، وهنا جاءت برامج التصحيح الاقتصادي التي أتت لمعالجة الاختلالات المالية في الموازنة.

نعم المعالجات في برامج التصحيح مالية وليست اجتماعية، وهنا الفارق الواضح الذي دائماً ما يكون في المفاوضات بين الحكومة والصندوق أثناء إعداد البرامج التصحيحية، وهذا أمر منطقي فالحكومة تسعى من أي معالجات إلى عدم المساس بالأمن الاجتماعي والمعيشي للمواطنين، في حين لا يرى الصندوق مثل هذه الأبعاد في المعالجات المالية، وهو يطلب أن تحقق الأهداف المالية في نهاية كل فترة، ويرى أن الحكومة ستكون قادرة على المعالجات المعيشية للأسر الأردنية بعد المعالجات المالية وليس قبل.

نعم الاختلاف بين الحكومة والصندوق خلال برامج التصحيح تكون في أولوية المعالجات الاجتماعية والمالية، أيهما أولى في الطرح.

في الأوضاع الاقتصادية الصعبة للخزينة وفِي ظل تراجع المساعدات وانتشار مظاهر الكساد الاقتصادي وتزايد المديونية وخدمتها، يكون الوضع التفاوضي للمفاوض الأردني في أصعب حالته، وإمكانياته تكون في فرض طلباته ومقترحاته في أدنى مستوياتها ومراحلها.

للأسف نحن في الأردن لا نملك الكثير من الخيارات في المرحلة الراهنة، والذي يدقق في معطيات الوضع الإقليمي يدرك تماما حجم التحديات التي تعصف بالأردن.

في حسابات المنطق والعقل لا يمكن أن توجد حكومة هدفها الاعتداء على جيوب المواطنين، فالأصل أن تسعى للحفاظ علي شعبية مقبولة بين فئات المجتمع لا أن تشوه صورتها بينهم، وأنا شخصيا متأكد من المعلومات التي أحصل عليها من مصادر متعددة من أن المفاوض الأردني ليس حبيس مطالب الصندوق المالية، فهو يحاول قدر الإمكان، وبالإمكانات المتاحة لديه تأجيل الكثير من الإجراءات، لكن في النهاية لغة الأرقام هي العليا.

يجب علينا أن ندرك كمواطنين أن جزء من مشاكلنا الاقتصادية هي سوء الإدارة الرسمية للاقتصاد الوطني المتراكمة على مدى العقود الماضية، لكن أيضا هناك كم كبير من مشاكلنا لها أبعاد إقليمية ودولية منها ما هو سياسي بحت، ما يتطلب على الجميع إدراك حقيقة الموقف الأردني وفهمه جيدا، لكن هذا لا يخلي مسؤولية السلطات الرسمية من تعزيز منظومة الإصلاح الداخلي، والشفافية والمساءلة والمحاسبة والعدالة الاجتماعية.

[email protected]

التعليقات مغلقة.