صحيفة الكترونية اردنية شاملة

النواب والرقابة المطلوبة

بالأصل كانت جلسة الثقة الأخيرة في مجلس النواب فارغة من معانيها الاقتصادية والسياسية، لأنها جاءت بعد أيام قليلة من موافقة النواب على قانون الموازنة العامة، والذي يشمل ضمنيا كل الإجراءات الحكومية الأخيرة، ما يعني موافقة النواب المسبقة على ما قامت به الحكومة.
جلسة الثقة كانت تحصيل حاصل، وردة فعل الشارع على النواب بعد فوز الحكومة بثقة جديدة من المجلس هي ذات ردة الفعل عند التصويت على الموازنة وقبلها على بيان الحكومة الوزاري، فالشارع في حالة استياء عام ورضاه بات مستحيلا في ظل الظروف الراهنة.
النواب في حيرة من أمرهم، فغالبيتهم يدعمون إجراءات الحكومة المختلفة، وفي ذات الوقت لا يستطيعون مواجهة ناخبيهم بالإقناع، حتى تقديم خدمات لهم مباشرة باتت هي الأخرى صعبة في هذه الأيام، فهم في وضع لا يحسد عليه.
لكن باستطاعة النواب أن يلعبوا دورا رقابيا فاعلا يعزز مساهمتهم بعملية الإصلاح الاقتصادي، ويكونوا أداة حيوية في الوصول إلى مسألة الاستقرار الاقتصادي المنشود، ويكون ذلك بالرقابة الدورية المستمرة على أداء الحكومة الاقتصادي، ومتابعة تنفيذ حيثيات الموازنة العامة.
إذا أراد النواب تغيير صورتهم السلبية في المجتمع عليهم تغيير نمط أدائهم الرقابي على الحكومة في الشأن الاقتصادي، وهذا يكون بالتحول من النمط التقليدي البائس الذي يمارس حاليا من غالبية السادة النواب، باستغلال موسم إقرار مشروع قانون الموازنة لتحويل المناسبة إلى موسم للشتائم والطلبات الخدمية التي لا تساهم سوى بزيادة العجز والمديونية والترهل الإداري.
الأدهى من هذا النقاش السقيم هو الغياب شبه الكامل عن المتابعة الدورية للموازنة وتفاصيلها اليومية، فالنواب لا يعرفون الموازنة سوى عند إقرار قانونها، وبعد ذلك يختفي النقاش كاملا عنها.
النواب مطالبون اليوم برقابة الأداء الحكومي، والتأكد من أن الإجراءات المقدرة أرقامها في الموازنة العامة، فكل ما تعمله الحكومة موجود في القانون المالي الذي أقره المجلس، فلا يوجد مفاجآت في سياسات الحكومة المعلنة والمتفق عليها ضمن برامج الإصلاح المالي للصندوق.
فالتقديرات الضريبية سواء في الدخل أو ضريبة المبيعات، وتقديرات بيوعات الأراضي والجمارك، وتقديرات الصادرات الوطني وباقي فرضيات الموازنة تحتاج الى تدقيق دوري للتأكد من سلامتها وصحتها، والوصول إلى الأهداف المرسومة في الموازنة العامة، وتدقيق إجراءات الحكومة فيما إذا كانت تصب في مسألة الاستقرار المالي أم أنها إجراءات شكلية مرهونة فقط بفترات زمنية محدودة للغاية، والتأكد من أن الخطاب الحكومي الاقتصادي يتوافق مع الإجراءات المنفذة على أرض الواقع.
الأمر لا يقتصر عند هذا الأمر، النواب هم شركاء في كل التصورات المالية الحكومية والسياسات الرسمية، ومن غير المعقول أن يتفاجأ النواب بقرار حكومي برفع الضريبة أو الرسوم، فكل شيء مخطط له بالموازنة التي وافقوا عليها، وبالتالي إذا رفضوا سياسة حكومية ما، فعليهم أولا أن يعيدوا النظر في الموازنة العامة.

[email protected]

التعليقات مغلقة.