صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فاعلية الشراكة وآفاق الخروج من الأزمة

في تقرير حول أهمية التكامل الاقتصادي في تحقيق الاستقرار والسلام لدول المنطقة والذي صدر عن الدورة السادسة للقمة العالمية للحكومات في دبي جاءت الإشارة بشكل واضح الى أهمية استقرار العلاقة مع القطاع الخاص ضمن منظومة إصلاحات جريئة تسعى الى تحفيز نشاط القطاع الخاص ضمن اقتصاد ديناميكي تنافسي يرتكز على الابتكار والشمول. وأتي استقرار العلاقة مع القطاع الخاص عبر قنوات التشاركية الحقيقية وتوفير المناخ المناسب لعمل القطاع والشفافية والمساءلة والنزاهة. بيد أن الأهم فيما سبق هو في الجزء المتعلق بخلق بيئة تنافسية ابتكارية شامل تراعي زيادة الإنتاجية وتسعى الى توسيع قاعدة الإنتاج من جهة وتؤسس لمبادرات شبابية ابتكارية جديدة. الشاهد مما سبق هو أن البيئة الاستثمارية الحقيقية هي تلك البيئة التي تجعل من الشريك الرئيس في التنمية، وهو القطاع الخاص، يعمل ضمن أطر واضحة شفافة غير معقدة تساعده على تحقيق أهدافه الشخصية والاجتماعية ضمن مناخ استثماري مُحَفِز للمستثمر ومُحَفِز للقطاع الاستثماري المستهدف. ومن منطلق ما تقدم وعند الاسقاط على الحالة الأردنية فإن المخرج الحقيقي هو في تحفيز القطاع الخاص وفي تحفيز الابداع وفي تحفيز الاستثمار الخارجي ضمن حزمة من السياسات التي ستساعد خلال العامين القادمين الى خروج حقيقي من أتون الازمة الاقتصادية الى فضاء الاستفادة من الفرص الآنية والقادمة. وفي ظل الحاجة الى إيجاد وتوفير ما يقرُب من 100 ألف وظيفة جديدة سنويا فإن الأردن مطالب بالنزوع الى كافة الوسائل التي تساعد على تحفيز النشاط الاستثماري والاقتصادي، كما هو الحال في قضية منح الجنسية للمستثمر ذو حاجة لها ويبحث عنها ضمن ملاذ يجعل من الاستثمار في دولة ما انطلاقة له للتحرك حول العالم والعمل بأريحية أكبر. علينا ألا ننقل من اي خطوة تسعى الى البحث عن المستثمر الجاد والمناسب لنا. ومن جهة أخرى فإن المناخ الاستثماري في الأردن بحاجة فعلية الى العديد من القرارات الإدارية التي يمكن ان تتبنها الحكومة، كما تبنت قرار التجنيس الاستثماري، بما يساعد على التغلب على العديد من العقبات الاستثمارية التي يتناولها تقرير التنافسية العالمية. فهناك العديد من الإجراءات التي تتعلق بفترات إنجاز المعاملات أو استخدام الحوسبة والتقنية في تقديم الخدمات الذكية، أو في توفير التمويل المناسب والشراكة المناسبة، او تقديم الحماية المناسبة للمستثمرين، ومعظم ما تقدم هي إجراءات لا تحتاج الى تعديلٍ في قوانين أو حتى اصدارٍ لأنظمة جديدة. إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني لا تعني أنه غير قادر على الخروج من أزمته فعلى مدى تاريخه الاقتصادي شهد الأردن أزمات اقتصادية كانت في معظمها مستوردة من ما يحدث أو يحيط أو يُحاك للمنطقة، بيد أنه في كل مرة خرج منها بثبات وبفرص اقتصادية مكنته من تحقيق الكثير من الإنجازات. الأزمة الاقتصادية الحالية ليست أسواء مما سبق وليست عصية على الحل، المعطيات على ارض الواقع تشير الى إمكانية الاستفادة من العديد من الفرص القائمة والقادمة والكامنة. فمن ناحية و كما سبقت الإشارة في مقال سباق هنا، فإن ارهاصات العالم 2018 تشير على المستوى الإقليمي  والدولي وحتى الآردني الى أننا أمام عام من المؤشرات الإيجابية على مستوى مناطق العالم كافة، وقد عزز ذلك النتائج الأولية القادمة من مناطق العالم المختلفة حتى الأن، وحتى على مستوى المنطقة العربية. ومن ناحية ثانية فإن المعطيات على ارض الواقع تشير الى تطورات إقليمية حميدة ضمن الإطار المحيط بالأردن وخاصة عند الحديث عن التطورات في العراق وسوريا، ومن هنا فقد بدأ الحديث عن خط النفط بين العراق والعقبة مثلا وما يشكله من دعم للاستثمار وتحريك للاقتصاد وما يمكن أن يشكله ذلك من عوائد للخزينة وللأفراد في المملكة. أما من جهة الازمة السورية فإن الحديث في تقارير عدة، ومنها التقرير المشار اليه في البداية، أن هناك حاجة الى ما يزيد على 170 مليار دولار لغايات إعادة البناء والتعمير، والبعد الجيوسياسي الأردني يحتم أن الجزء الأكبر من عملية الاعمار عليها أن تمر من الأردن. فبالقدر التي تكلفت به الأردن اعباءً اقتصادية مالية كبيرة نتاج الازمة السورية، فإن الآفق واستشراف المستقبل يشير الى أن العام الحالي هو بداية التحول نحو التهدئة وبالتالي الاستفادة من عمليات الاعمار. فبالرغم من أن الأردن هو المتحمل الأكبر للأعباء المالية الكبيرة التي تسببت بها الازمة السورية والتي تشير التقارير الى انها تزيد عن 35 مليار خلال السنوات الست الماضية توزعت على الدول المتأثرة وتحمل الأردن النسبة الأكبر منها، فإن المأمول أن يتمكن الأردن من تحقيق عوائد حقيقة من عمليات التهدئة وإعادة الاعمار. وفي الختام فإن تحقيق هدف الخروج من الازمة، او من عنق الزجاجة، أمر قابل للتحقيق إن تجمعت القوى المختلفة واستعدت للعمل سويا وبشراكة فاعلة، فاليوم الشراكة مع القطاع الخاص وتحفيزه بات من الفرائض، واللجوء الى منتدى أو ملتقى وطني يضع الخطوط الرئيسية لخطة الخروج من الازمة في غضون العام القادم أمر ممكن وقابل للتحقيق، ولن يتحقق ذلك دون أن يعمل الجميع بتشاركية كاملة بما يسمح ان تنفتح آفاق استغلال الطاقات الكامنة للاقتصاد بموارده البشرية وخاصة الشابة القادرة على الابتكار والابداع والتميز.

التعليقات مغلقة.