صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لمصلحة من؟

هنالك مقولة شعبية تقول “من اول غزواته كسر عصاته” وبها أصف قرار الحكومة بالغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا من جانب وكأن الفريق الاقتصادي الذي دججت به حكومة الدكتور هاني الملقي نفسها به لم يلقى حلاً اجتراحيا لمشاكلنا الاقتصادية سوى هذا القرار المتسرع والمباغت على حد سواء..

صحيح ان الاتفاقية لم تنعكس على الاقتصاد الاردني على النحو المتوقع منها ،لكن يمكن تجويدها وتعديل بعض بنودها بما يضمن نموا في حجم الاستفادة من مخرجاتها واستمزاج اراء الاطراف الاقتصادية ذات العلاقة بكل مكوناتها وعدم الاكتفاء بمعالجة احادية لقطاع بعينه. فبمقدور الحكومة ان تتخذ الكثير من الاجراءات لحمايته والحد من تغول الاتقافية لصالح الصناعة والمنتج التركي.

ومن حق الحكومة اتخاذ اي اجراءات لحماية المنتج الوطني وهو بالاصل لا يتعارض مع الاتفاقية والذنب ليس ذنب الطرف التركي الذي يوفر الدعم لصناعته لزيادة قدراتها التنافسية فمربط الخيل والحل والعقد في ابتعاد حكوماتنا عن التخطيط المبرمج لدعم الصناعة الوطنية ورفع قدراتها التنافسية وقيمتها المضافة قبل الشروع بتوقيع اتفاقيات بَنت عليها القطاعات التجارية والخدمية شراكات ممتدة مع الطرف التركي، منها ما هو في بداية الطريق ومنها ما هو في نصفه وبعضها في نهايته فهل تتقطع بهم السبل ويصبحوا في مهب الريح امام هذا القرار المباغت.

وأود ان أكد هنا انه كان اجدى بالحكومة وفريقها الاقتصادي التمهيد لهذا القرار بحوارات شاملة مع كافة الاطراف للوقوف بواقعية على تبعات مثل هذا القرار قبل اتخاذه وبالتالي احتساب الاضرار والايجابيات ومجالات القصور ، فهل يعقل ان نرفع القدرة التنافسية لقطاع بنسبة مئوية ضئيلة مقابل خسارات كبيرة في قطاعات اخرى، والامر ينسحب على جميع اتفاقيات الشراكة ، فالقصة ليست بهذه الاتفاقية وانما تكمن في القصور المستمر برفع قدرة الصناعة الوطنية التنافسية والإ سنجد انها تعاني في معظم الاسواق ان لم يكن في جميعها.

وأود الاشارةهنا الى ان حجة حماية المنتج المحلي وميلان الميزان التجاري بين البلدين لصالح تركيا يجب ان يدفع الحكومة باتجاه البحث عن روافع للصناعة الوطنية وتمكينها وتخفيف الاعباء الضريبية عنها لتكون في متناول الشريحة الأوسع من الطبقتين المتوسطة ومحدودة الدخل من خلال جودة مدخلات الانتاج في ظل سياسة ضريبية داعمة ومحفزة بما يخفض كلف الانتاج ويجعل سعرها مقبولا ومغريا للمواطن، ومع هذا فان الصادرات الاردنية للسوق الاردني شهدت ارتفاعا بنسبة تقارب 50% بعد توقيع الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ . كما ان الحكومة تستطيع ان تتخذ من الاجراءات لمواجهة الاغراق الذي تتحدث عنه للصناعة والمنتج التركي في السوق الاردنية.

هذا من جانب ومن جانب اخر فان العديد من المشاريع الكبرى التي يتوجه الاردن لاقامتها بالتعاون مع الجانب التركي لاسيما في مجال النقل البحري والتي يعول عليها الكثير ستتعرض لهزة بسبب هذا القرار، علاوة على الخسائر الكبيرة التي سيتكبدها القطاع التجاري والخدمي جراء ذلك .

لكل هذا فإنني ادعو الحكومة للتريث بتنفيذ قرارها بالغاء اتفاقية الشراكة مع الجانب التركي والدخول في حوارات مُعمَقة مع جميع مكونات القطاع الاقتصادي لجلاء الصورة حول صوابية هذا القرار من عدمه.

التعليقات مغلقة.