صحيفة الكترونية اردنية شاملة

تعديلات قانون العمل.. رفاهية قبل أوانها

التعديلات التي وضعتها لجنة العمل النيابية على مشروع قانون العمل فيها من الفاعلية العمالية التي تتناسب مع دول مثل الاتحاد الأوروبي أكثر منها  مع الأردن الدولة التي هي اليوم بأمس الحاجة إلى رفع الإنتاجية العمالية وإعادة صقل الطبقة العاملة في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

أبرز الاقتراحات هي رفع الإجازات السنوية للعامل إلى شهر بدلا من 21 يوما، والحقيقة المؤلمة أن معظم العاملين أو الموظفين الأردنيين يعملون ضمن أقل مستويات وساعات العمل المطلوبة، فمن يصدق أن العامل الأردني يحظى بـ 104 أيام عطل أيام الجمعة والسبت في العام، يضاف إليها شهر إجازات سنوية بموجب التعديلات الأخيرة المقترحة، ناهيك عن 20 يوما من العطل الوطنية والدينية، بمعنى أن العامل الأردني يحصل على 154 يوما من العطل في العام الواحد، أي أنه يقضي أكثر من 40 بالمائة من العام في إجازات رسمية غير تلك القسرية والمرضية.

من التعديلات المثيرة للجدل أيضا إلزام القطاع الخاص بإيجاد حضانات أطفال للعاملين لديه، وهو أمر فيه مخاطرة كبيرة على الأطفال في المنشآت من عدة نواحي، ناهيك عن المسؤولية القانونية والصحية التي ستترتب على أرباب العمل، إضافة إلى الكلف الإضافية على المنشآت.

رفع التعويض المالي في حالات الفصل التعسفي إلى راتب شهر دون تحديد السقف الأعلى وبحد أدنى أربعة أشهر، ما يرفع كلف التعويض  دون حدود قانونية، وهو أمر لا يتناسب أبدا مع واقع الشركات ولا مع الأنشطة الاقتصادية الراهنة التي تتسم اليوم بالركود غير المسبوق.

طبعا هناك الكثير من التعديلات التي اقترحتها لجنة العمل في مجلس النواب على قانون العمل مثل عقود العمل ومكافآت نهاية الخدمة والعلاقة مع النقابات العمالية وإجراءات الانتساب لها وغيرها من التعديلات المثيرة للجدل في الوقت الراهن.

الحقيقة أن جميع التعديلات المقترحة على قانون العمل هي جزء من منظومة حقوق العامل الأساسية ولا خلاف عليها أبدا، لكن حقيقة تطبيقها في الوقت الراهن هو أمر مستغرب ولا يتسم بالمنطق.

فالأساس في قانون العمل أن يكون مرتبطا بالعملية التنموية، وأن يواكب السياسات الرسمية والإجراءات المتعلقة بتحفيز الاقتصاد ورفع الإنتاجية للعامل الأردني للوصول إلى نسب نمو اقتصادي مستدام قادرة على النهوض بالأنشطة الاقتصادية وتدعم جهود أرباب العمل في توسيع أعمالهم وبالتالي المساهمة في زيادة فرص العمل ومحاربة الفقر والبطالة.

من غير المعقول أن تكون تعديلات قانون العمل تصب في صالح طرف واحد من المعادلة العمالية وهو العامل، فالأمر بحاجة إلى نظرة شمولية مرتبطة بالاقتصاد الوطني، وكيفية تطوير معادلة عمالية تساهم في تطوير مهارات العامل ورفع كفاءته الإنتاجية قبل الحديث عن منحه المزيد من الإجازات، فالدول تتسابق اليوم في الإنتاجية وليس في الإجازات، وبعد الانتهاء من هذا الأمر يشرّع النائب للعامل ما يشاء من تعديلات تصب في رفاهيته، لكن الأساس هو زيادة الإنتاج  قبل كل شيء.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.