صحيفة الكترونية اردنية شاملة

غاز اسرائيلي .. ‘طلعنا من تحت الدلف لتحت المزراب’

0

ما هي إلا أيام قليلة، على انتهاء مجازر اسرائيل في غزة، لتعلن فيه دولة الاحتلال انها بصدد توريد غاز إلى المملكة لمدة 15 عاما بقيمة 15 مليار دولار، اي مليار دولار في كل عام.
انخراط إسرائيل في تفاصيل الشأن الاقتصادي الوطني، ودخوله إلى أحد أهم القطاعات الحيوية، وهو الطاقة، يعني ببساطة ان الاقتصاد الاردني بات تحت القصف السياسي الاسرائيلي المباشر، وفي وقت ما سيتخدم كاداة سياسية للضغط على الاردن، في حال اتخذ النظام مواقف لا تعجب اسرائيل.
الحكومة لم تتعلم كثيرا من قصصها التراكمية في قطاع الطاقة، فبعد ابرامها في العام 2003 اتفاقا حصريا لتوريد الغاز المصري للمملكة ليشكل فيما بعد أكثر من 85 بالمئة من احتياجات المملكة من الطاقة المولدة للكهرباء، وهذا بحد ذاته كان خطر امنيا كبيرا على الاقتصاد الوطني واستقراره، لان الاردن ببساطة اعتمد على مصدر وحيد لمعظم احتياجاته من الغاز من مصر دون ان ينوع مصادره، وهو ما جعله يدفع الثمن غاليا بعد اكثر من 26 تفجيرا لانبوب الغاز في الاراضي المصرية.
اليوم يفاجئنا وزير الطاقة الاسرائيلي بان الايام الماضية حفلت بمباحثات مع كبار المسؤولين في الحكومة الاردنية لوضع ترتيبات نهائية لاستيراد الغاز من اسرائيل، ضمن اتفاقية طويلة المدى، ليكون في المرحلة القريبة بديلا عن الغاز المصري المنقطع، وبهذا ينطبق على الحكومة المثل القائل: “طلع من تحت الدلف لتحت المزراب”؛ فإذا كان الأردن لم يخرج بشيء تعويضي لحقوقه من اتفاقية الغاز مع مصر، فكيف به الحال مع اسرائيل، التي لم تحترم يوما عهدا وميثاقا، وتستغل كل صغيرة وكبيرة في الضغط على الاردن، اذا احست ان مواقفه وحراكه سيؤلب الراي العام المحلي والاقليمي والدولي ضدها.
دخول الغاز الاسرائيلي الى الاقتصاد الاردني هو اختراق تطبيعي بامتياز برعاية رسمية هذه المرة، فبعد ان عجزت إسرائيل عن إبرام اتفاقيات تعاون اقتصادي مع فعاليات القطاع الخاص، الرافض لاي اشكال التعاون مع دولة الاحتلال، كان الالتفاف هذه المرة، من خلال استغلال ازمة الطاقة التي يمر بها قطاع الصناعة الوطنية وكبريات الشركات التي تشكل الطاقة لوحدها اكثر من 40 بالمئة من كلف الانتاج، لتبرم اتفاقا لتوريد الغاز الاسرائيلي الى هذه الشركات، كوسيلة لتخفيض كلف الانتاج والمحافظة على استمراريتها في السوق.
للأسف؛ الاختراق هذه المرة للتطبيع مع اسرائيل نظمته ورتبته الحكومة، والملعب سيكون الشركات الكبرى، التي تسيطر عليها شركات عالمية تمتلك حصصا كبيرة في كبريات الشركات الاستراتيجية الاسرائيلية، وهذا ما يجعل الحضور العربي والاردني في مجالس تلك الشركات “حبرا على ورق”، اذا ما رفضت توريد الغاز الاسرائيلي الى شركاتهم، لان اتفاقيات الخصخصة لتلك الشركات اعطت الشريك الاجنبي حصرية مطلقة في الادارة والتسويق والمبيعات والانتاج.
للاسف؛ ستحقق اسرائيل اختراقا اقتصاديا في المنطقة العربية عجزت عن تحقيقه في كل حروبها ضد العرب، ونحن مقبلون هذه المرة على تطبيع اقتصادي قسري مع العدو الاسرائيلي، شئنا ان ابينا، والغريب هو الصمت المطبق لمؤسسات المجتمع المدني واحزابه ونوابه وإعلامه.

[email protected]
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.