صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الانتفاضة الثالثة؟

0

تحذير وزير الخارجية الاميركي جون كيري الموجه الى اسرائيل من ان فشل مفاوضات السلام مع الفلسطينيين قد يؤدي الى اندلاع انتفاضة ثالثة لم يأت من فراغ واظن ان الرجل يعي تماما ما يقول ويدرك حساسية الاوضاع في الاراضي المحتلة ودرجة النقم التي وصلت الى مستويات خطرة في الشارع الفلسطيني على خلفية الكشف الأخير عن تسميم الزعيم ياسر عرفات بمادة مشعة وتوجيه اصابع الاتهام الى اسرائيل، اضافة الى نقاشات الكنيست الحالية حول سن قانون يتيح لليهود الصلاة في باحة المسجد الأقصى.

الانتفاضة الثانية انطلقت شرارتها اثر زيارة استفزازية قام بها الوزير اريل شارون تحت حراسة مشددة الى باحة الاقصى في عام 2000. وارتبط مصير عرفات، الذي رفض الاذعان للضغوط الاميركية والاسرائيلية، منذ تلك اللحظة بمصير القدس الشرقية والمقدسات الاسلامية والمسيحية فيها، وهو موقف تاريخي دفع حياته ثمنا له.

يدرك المراقبون ان العملية التفاوضية الجارية الآن بين اسرائيل والفلسطينيين برعاية اميركية لن تثني سلطة الاحتلال عن موقفها المتصلب تجاه القدس الموحدة تحت سيادة اسرائيلية. والمواجهة القادمة بين الطرفين ستكون حول القدس ومصيرها ومستقبل سكانها العرب الذين يتعرضون لأسوأ مشروع “ترانسفير” وتهجير قسري عرفه العالم. وهذا الأمر لا يعني فقط الفلسطينيين بل الاردن الذي اضفى رعاية هاشمية تاريخية على الاوقاف والمقدسات الاسلامية.

تهويد الأقصى سيحدث ان لم يكن هذا الاسبوع ففي الايام القادمة، ونوايا اسرائيل والمتطرفين اليهود تجاهه واضحة للعيان. ولا يمر اسبوع الا وتعتدي اسرائيل على اسوار واساسات هذا المكان المقدس لدى ملايين المسلمين، والقصد هو استفزاز العرب والمسلمين وانهاء صلتهم بالأقصى من خلال اقتسامه.

نعرف أن الاردن غاضب جدا من هذه الاجراءات الاسرائيلية، وانه ارسل رسائل تحذير الى اسرائيل وان وفدا اردنيا سيسافر الى الاراضي المحتلة للاطلاع عن كثب على الاجراءات الاسرائيلية السافرة. لا يمكن للاردن ان يسكت على هذه الاعتداءات وان يتغاضى عن دوره التاريخي في حماية مقدسات القدس. ولا تمر مناسبة الا ويحذر الملك عبد الله من الاجراءات الاحادية الجانب، ويؤكد للعالم دوره كملك هاشمي في حماية الأقصى.

تخطئ اسرائيل كثيرا اذا ما اعتدت على الأقصى مجددا ومررت قانونا يقضي بتقاسمه مع المصلين اليهود. رد الفعل الاردني سيفاجئ الجميع، وقد يطلق شرارة الانتفاضة الثالثة التي حذر منها كيري. اما بالنسبة لاغتيال عرفات فالأمر لا يشكل صدمة للرأي العام الفلسطيني، فاسرائيل اغتالت قياديين فلسطينيين بدم بارد في غزة ورام الله وتونس وقبرص وبيروت وغيرها، فليس غريبا ان تنفذ تهديدها باغتيال ياسر عرفات الذي شكل صموده ومن ثم استشهاده فصلا مضيئا في تاريخ النضال الفلسطيني ضد المحتل.

احتمال اشتعال انتفاضة ثالثة كبير ان لم يكن حتمي لأن اسرائيل تمضي بشراسة في تنفيذ مخططها بتهويد القدس وتدنيس مقدساتها واستفزاز مشاعر العرب والمسلمين بينما تراوغ في مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية دون ان تقدم شيئا. اسرائيل تريد ابتلاع الأرض وارغام الفلسطينيين على قبول سلام ناقص ومذل. وهي على وشك تحدي الدور الاردني في القدس الشرقية. لا يمكن ان يمر كل هذا دون رد فعل مزلزل لأن ما يحدث اليوم يشكل المعركة الفاصلة والأخيرة بيننا وبين اسرائيل!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.