صحيفة الكترونية اردنية شاملة

التصدي لمشروع كيري أردنياً!

0

المزاج الشعبي متوجس من مشروع وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يهدف الى التوقيع على اتفاق اطار بين الفلسطينيين واسرائيل حول قضايا الوضع النهائي، وذلك قبل انتهاء مهلة التسعة شهور التي قبل بها الطرفان للمفاوضات والتي تستحق في ابريل القادم. المعارضة على اختلافها متفقة على ان اقتراحات كيري خطيرة وتزج بالاردن في نفق مظلم وتجعل منه شريكا في مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية. الاخوان المسلمون يحذرون من تنازلات اردنية لصالح اسرائيل ويشككون في قدرة الاردن على صد ضغوط واشنطن التي تسعى الى اعادة ابتكار دور اردني في الضفة الغربية.

والنواب يطالبون بعقد جلسة مناقشة عامة حول مشروع كيري والقوى الشعبية تريد عقد مؤتمر وطني للتصدي للمشروع على الرغم من أن المصادر الفلسطينية الرسمية تفيد بأن وزير الخارجية الاميركي لم يقدم نصا مكتوبا لأي من الطرفين الاساسيين. ما زاد من تخوف الشارع الاردني هو التصريح الملكي المتكرر بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة على اساس حل الدولتين يشكل مصلحة اردنيا عليا، وان الاردن لن يقبل بتسوية لا تتفق ومصالحه العليا، وهو موقف يدل على قلق رسمي مما قد يتمخض عن مقترحات كيري.

هناك قضيتان ينبغي الانتباه لهما. الاولى ان كل ما قيل وكتب عن مشروع كيري لاتفاق الاطار جاء عبر الاعلام وليس عن طريق الخارجية الاميركية او اي قناة رسمية اخرى. والثانية ان رد الفعل الاسرائيلي والفلسطيني كان رافضا بشكل او بآخر لهذه المقترحات. كما أن الاردن عبر عدة مرات عن طريق رئيس الوزراء ووزير الخارجية والناطق الرسمي باسم الحكومة عن رفض المملكة المبدئي لتواجد قوات اسرائيلية على الحدود المشتركة بين الاردن والدولة الفلسطينية المقترحة وخاصة في غور الاردن، اضافة الى رفض الاردن ان يكون له دور عسكري او سياسي غرب النهر. هذه المواقف جاءت ردا على ما نشر عن مقترحات قدمها كيري بخصوص الحفاظ على أمن اسرائيل.

كما عبر مسؤولون اردنيون عن موقف الاردن تجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين على ارضه، والمتعلق بالدفاع عن حقهم في العودة والتعويض، وهما امران ترفضهما اسرائيل بشكل واضح وجلي، بما في ذلك مقترح الرئيس بيل كلينتون المتعلق بعودة رمزية. المشكلة اننا لا نعرف تفاصيل مشروع كيري ولا ما دار خلال لقاء الملك عبد الله برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل اسبوع في عمان.

بعض التفاصيل باح بها امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه لصحيفة الحياة اللندنية الجمعة، حيث تطرق في مقابلة مطولة الى اقتراحات كيري الأمنية والى موقفه من قضايا المستوطنات والقدس الشرقية والحدود والمطاردة الساخنة داخل الاراضي الفلسطينية والتواجد العسكري الرباعي في غور الاردن والتبادل السكاني والسيطرة على المعابر والاجواء. ومن الصعب تأكيد هذه التفاصيل، مع العلم ان عبد ربه أكد ان نتنياهو رفض معظمها، كما فعل الجانب الفلسطيني.

في الآونة الأخيرة كتب الكثير عن الدور الاردني وما يمكن ان يتمخض عنه مشروع كيري بالنسبة للاردن وأثار البعض مسألة التجنيس وربطها باقتراح نيابي لحل مشكلة ابناء الاردنيات المتزوجات من اجانب، بينما تحدث البعض الآخر عن دور اردني فاعل في الضفة وقيامه بدور شرطي بالنيابة عن اسرائيل. واخرون تحدثوا عن دولة فلسطينية تعلن لدقائق قبل ان تنضم الى الاردن عبر كونفيدرالية او فيدرالية ما يشكل تهديدا لحقوق ابناء شرق الاردن وتمهيدا لمشروع الوطن البديل في نظرهم.

من المهم ملاحظة ان تظاهرات شعبية قد نظمت في بعض المدن الاردنية تنديدا بمشروع كيري وخطره المحتمل على أمن الاردن القومي. في هذه اللحظة المصيرية على صانع القرار ان يتحدث مباشرة الى الشعب ليوضح مصالح المملكة العليا فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي، وليؤكد موقف الاردن من مقترحات كيري تجنبا لمزيد من الخلط على المستوى الشعبي. الاردن لن يكون جزء من مخطط اميركي-اسرائيلي لتصفية للقضية الفلسطينية لكن عليه ان يعبر عن موقفه بشكل حازم في وقت تغيب فيه المعلومة ويخرج فيه المشككون ليوجهوا سهام الاتهام الى النظام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.