صحيفة الكترونية اردنية شاملة

‘غوغل’ يكشف المنسي!

0

واحدة من اكبر مشكلاتنا اننا لا نتذكر ما حدث بالأمس. وحتى مع وجود نظام البحث اللوغاريتمي “غوغل” فان قلة منا مستعدة لاستثمار ساعة او اكثر او اقل في البحث في عشرات ومئات الأخبار المتعلقة بعناوين عريضة كالاصلاح السياسي والاقتصادي وما انفق من وقت وجهد في هذين الملفين. قبل نحو عقد من الزمان عقد نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء وزير مراقبة الاداء العام الدكتور مروان المعشر والناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة اسمى خضر ووزير اصلاح القطاع العام الدكتور احمد مساعدة مؤتمرا صحفيا مشتركا اعلنوا خلاله تفاصيل الخطة العشرية لبرنامج القطاع العام الذي تنفذه الحكومة بهدف تطوير الاداء الحكومي ومواءمة عمله مع السياسات والاجندة الوطنية وبرامجها من خلال خمسة محاور هي تعزيز صنع السياسات واتخاذ القرار واعادة هيكلة المؤسسات وتنظيمها وادارة الاداء وتطوير الخدمة المقدمة وادارة الموارد المالية وادارة الموارد البشرية.
وبحسب الخبر الذي استعدته من “غوغل” فان هذه الخطة كانت ملزمة للحكومة وللحكومات التي ستأتي من بعدها، كونها ستطبق وفق برنامج زمني سيستمر لمدة عشر سنوات. كان ذلك في نوفمبر 2004، اي قبل نحو عشر سنوات، ولست ادري لو أن خطة الأجندة الوطنية الاقتصادية-الاجتماعية طبقت في حينها، ولم يتم وأدها، ولو تم تنفيذ الخطة العشرية لتطوير اداء الحكومة والتزمت بها الحكومات المتعاقبة، كما كان يقال، كيف سيكون حالنا اليوم؟
“غوغل” يفضحنا ببساطة لانه لا ينسى حتى لو نسينا نحن. حظيت لجنة الأجندة الملكية بدعم ملكي غير مسبوق، وضمت بين ضفافها نخبة من الخبراء الاردنيين في شتى المجالات، وعبرت من حيث تشكيلتها عن كافة اطياف المجتمع الاردني. واستطاعت بعد جهد استغرق نحو عام ان تقدم خطة عقلانية وواقعية لاصلاح الواقع الاردني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بعيدا عن اية تحيزات.
لكن ما حدث ان الحكومات والبرلمانات المتعاقبة نجحت في وأد مخرجات الأجندة الوطنية التي لم تحظ حتى بنقاش وطني، وتم دفنها وهي حية واضطر اصحابها الى الانسحاب وسط اتهامات من مختلف الاصعدة. وكان ان تم تقديم الأمني على الاصلاحي في تلك المرحلة ونسي الاردنيون مخرجات الأجندة وعصفت الأحداث بالاردن والمنطقة وتغيرت الأولويات.
اليوم نتحدث عن دعوة ملكية للحكومة لتقديم خطة اقتصادية عشرية تراعي وضع المواطن الأردني وطموحاته وقدرة البلاد على اجتياز التحديات الكبرى التي يواجهها. تغيرت الظروف فالاقتصاد الوطني يعاني من وطأة عجز الموازنة واحمال المديونية الخارجية وتدخل جهات اجنبية، ولا يرى المواطن الأردني نهاية للنفق المظلم الذي زج به. الحكومات المتعاقبة اختارت سياسة الجباية والاعتداء على جيوب المواطنين وتحميل القطاعات الاقتصادية اكثر مما تحتمل. نواجه تحديات في قطاعات كالطاقة والعمالة واختبارات في مجالات الهيكلة الحكومية اضافة الى سوء ادارة برنامج الخصصة واستشراء الفساد والتخوف على مصير مؤسسات استراتيجية كالضمان الاجتماعي وغيرها.
خسرنا عشر سنوات وها نحن نعود الى المربع الأول. لنعترف ان الحكومة، اي حكومة، عاجزة عن تقديم خطة عشرية اقتصادية ناجحة وملزمة، وان هذا التحدي يتطلب خبرات وطنية من كافة المجالات، كما حصل مع الأجندة الوطنية في يوم ما.
ذاكرتنا الوطنية ضعيفة، وكنا ذات يوم على مقربة من اجتراح الحلول وتقديم الدراسات واستشراف التحديات. لكننا اضعنا كل ذلك بين ليلة وضحاها. المشككون عليهم الرجوع الى محرك البحث “غوغل” ليعلموا ان خطاب الأمس هو نفسه خطاب اليوم مع تغير الحقائق والارقام والمعطيات!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.