صحيفة الكترونية اردنية شاملة

موقف غامض للرئيس عباس

0

مهين موقف القيادة الفلسطينية من جريمة قتل الفتى المقدسي محمد ابو خضير التي ارتكبها مستوطنون تعرفهم اسرائيل ردا على خطف وقتل ثلاثة فتية اسرائيليين بالقرب من الخليل من قبل مجهولين. كان من الواجب استغلال رد الفعل الشعبي الغاضب لاحباط مشروع نتنياهو باستباحة الضفة الغربية وقصف غزة بهدف افشال المصالحة الفلسطينية وعزل الرئيس عباس سياسيا.
انتهزت اسرائيل قضية الاختطاف لاعادة بسط نفوذها على الضفة الغربية ومحاصرة مدن وقرى واعتقال المئات، من بينهم من افرج عنه عبر صفقة شاليط، وتعطيل المساعي السياسية وشل حركة السلطة الفلسطينية. كان موقف عباس ضعيفا ومحرجا وهو يؤكد على استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي نقض ما تبقى من اتفاق اوسلو وحول السلطة عمليا الى وكيل عنه في الاراضي المحتلة.
ثم جاءت جريمة اختطاف وقتل وحرق الشاب الشعفاطي ابو خضير التي هزت المجتمع الفلسطيني وفجرت موجة غضب عارمة واعادت تسليط الاضواء على معاناة الفلسطينيين تحت احتلال عنصري وبربري. لماذا لم يستغل عباس هذه الفرصة ليطلق العنان لانتفاضة سلمية تعيد خلط اوراق نتنياهو؟
لا نفهم موقف الرئيس الفلسطيني خاصة بعد انهيار العملية السلمية واصرار نتنياهو على تسمين المستوطنات وبناء اخرى جديدة في القدس الشرقية والضفة، وقصفه غزة المحاصرة واعتقال المئات. ما الذي ينتظره عباس وهو يرى بأم عينه جنود الاحتلال ينتهكون المدن والقرى والجامعات ويحاصرون المدنيين ويقتلون الابرياء؟
لماذا التردد في التوقيع على ما تبقى من معاهدات دولية تسمح لدولة فلسطين الانضمام الى منظمات اممية وعلى رأسها محكمة الجرائم الدولية التي تخشاها اسرائيل؟ نتنياهو يصعد وعباس صامت ومتردد في استخدام آخر اوراقه. اما جريمة قتل الشاب الفلسطيني فكانت فرصة لعباس ليذكر العالم بجرائم اسرائيل ويقود بنفسه ثورة شعبية سلمية ضد الاحتلال، ويقدم للفلسطينيين خيارا شريفا بدل الاستكانة لاستباحة اسرائيل للضفة وقصفها لغزة.
آن الأوان لعباس ان يدرك ان اسرائيل التي يحكمها اليمين المتطرف لا تريد السلام وانها ترفض الانسحاب وتعارض قيام دولة فلسطينية على أي شبر من الضفة وانها لن تعيد القدس او تسمح بعودة اللاجئين او تتنازل عن غور الاردن. كل القياديين الفلسطينيين يدركون ذلك، بمن فيهم صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات الذي كشف الكثير من خلال الشريط المسرب له عبر “يوتيوب” مؤخرا.
اضاع عباس فرصا كثيرة في الماضي واختار الرضوخ لنتنياهو في اكثر من مرة. عليه ان يغتنم الفرصة والظروف الحالية والغضب الفلسطيني ليحقق انجازا تاريخيا بتبنيه انتفاضة فلسطينية جديدة وتنفيذ تهديده بحل السلطة والقاء مفاتيحها في حضن نتنياهو. اسرائيل لا تفهم الا لغة القوة والفلسطينيون ضحوا في الماضي وسيضحون في المستقبل. ما لا يفهمه الرئيس عباس هو ان الانتفاضة الفلسطينية ستغير كل شيء وستضع اسرائيل امام استحقاقات الاحتلال التي غابت عنها لعقود. حتى وزير الخارجية الاميركي جون كيري لمح الى ذلك عندما حذر من انتفاضة فلسطينية قادمة ومن تحول اسرائيل الى كيان عنصري ودولة ابارثيد.
اذن ماذا ينتظر عباس وما الذي يخشاه وقد استبيحت الضفة الغربية وتحولت السلطة الى اداة طيعة في يد نتنياهو عملها الوحيد اليوم هو التنسيق الأمني مع الاحتلال؟ ان لم يكن قادرا على اتخاذ قرار تاريخي فليتنحى اذن ويترك لغيره شرف المحاولة!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.