صحيفة الكترونية اردنية شاملة

المرأة المورد الاقتصادي المهدور

0

في هذا اليوم سيكون لمشاركة المرأة في سوق العمل الدور الأكبر من السجال والمناقشة حيث يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة. ويستخدم العديد من المحللين الإحصاءات التي تشير بوضوح أن العالم العربي بشكل خاص يشكو من ضعف واضحٍ في مشاركة المرأة في الاقتصاد وسوق العمل وأن بعض الدول، مثل الأردن تكاد تكون فيها مشاركة المرأة الأقل على مستوى المنطقة العربية ككل.
ففي الوقت الذي لا تختلف التركيبة السكانية الجندرية بين معظم دول العالم، حيث تحتل النساء نسبة نصف عدد السكان، فإن حسابات مستوى مساهمة المرأة في سوق العمل تختلف بشكل واضحٍ بين الدول المتقدمة والدول النامية، حيث تصل في الدول المتقدمة الى الوضع الطبيعي الذي يتساوى فيه الوزن النسبي لمشاركة المرأة في سوق العمل مع نسبتها في التركيبة السكانية أي نحو 50%، في حين أن الأمر في الدول النامية يختلف تماما حيث تتفاوت نسبة مساهمة المرأة في سوق العمل بين 20% الى 30% في أفضل الأ؛وال، ويقع المتوسط الحسابي لتلك المساهمة في الدول النامية حول 20% فقط. بيد أن النسبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا متفاوتة أيضا وبشكل متذبذب بين دولة وأخرى.
إلا أن المعدل العام لمساهمة المرأة في سوق العمل في منطقتنا هذه هي 28% تقريبا مقابل 51% في مجموعة الدول المتقدمة ونحو 46% في مجموعة الدول المشابه لمنطقتنا في الدخل بين القارات والمناطق الأخرى في العام مثل مجموعة أمريكا اللاتنية والمجموعة الآسيوية وغيرها من الدول النامية أوالدول في طور النمو. والملاحظ على مستوى دول المنطقة العربية أن النسبة تتفاوت بشكل كبير فتكاد تزيد النسبة عن المتوسط العام في بعض دول المغرب العربي وشمال افريقيا وتقل عن المتوسط العام في الأردن وبعض الدول الخليخية.
وقبل الدخول في المطلوب عمله من الجهات الرسمية والقطاع الخاص لغايات تحقيق خطوات عملية في كيفية ادماج المرأة بشكل اكبر في سوق العمل فإن من الانصاف القول أن هناك مجموعة من الأسباب التي لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي أو بالتشريعات والتحيز الجندري والتي تحدُ بشكل مهم من نجاح سياسات الإدماج تلك. وضمن أهم هذه الأسباب تأتي عدم رغبة الكثير من النساء بالعمل بعد الزواج، وخاصة إذا كان الزوج قادرٌ على توفير متطلبات الحياة الزوجية، كما أن العديد من النساء تحجم عن العمل بعد الولادة رغبة في القيام بدروها كأم ومربية ومتابعة للحياة الزوجية. بيد أن ذلك كله لا يجعل من المبرر أن تنخفض نسبة المشاركة الكلية للمرأة في الاقتصادات العربية الى ذلك المستوى المنحدر للغاية، وهو أمر يدل بشكل واضح على عدم الوعي بأهمية اعتبار المرأة مورد اقتصادي يجب أن تقاس كفاءته بمستوى انتاجيته وعطائه لا بمستواه الجندري. الشاهد مما سبق كله هو أن الفكر الاقتصادي الرصين يعتبر المرأة مورد اقتصادي بشري ولا يُفكر في البعد الجندري لها بقدر ما يفكر في كيفية استغلال ذلك المرود لغايات رفد الاقتصاد بموارد انتاجية تحقق النمو والتنمية في آن واحد. ومن هنا فقد توجهت مجموعة من دول المنطقة الى وضع معايير إداء تختص بمشاركة المرأة في سوق العمل وصلت الى رفع مستوى مشاركتها ليتوازى مع المتوسط العالمي أي 50%، وهو ما تسعى اليه دولة الإمارات خلال السنوات الثلاث القادمة، في حين وضعت بعض الدول خطة لرفع مساهمة المرأة الى نسبة تفوق المتوسط القائم في المنطقة، وهو ما تسعى اليه المملكة العربية السعودية في خطة 2030.
بقي علينا في الأردن أن نقوم بخطوات فعلية وضمن معايير حقيقية تجعلنا نعود الى المسار السليم لمشاركة المرأة كعنصر اقتصادي، قبل حتى أن فكر في البعد الجندري. ذلك أن المؤشرات القائمة أشارت الى أن الاردن يشهدُ تراجعٍ مستمرٍ في مساهمة المرأة في سوق العمل منذ بداية العام 2010 وحتى الأن. وقد انخفضت النسبة من نحو 14%، والتي هي أصلا اقل من نصف النسبة الكلية للمنطقة، الى نحو 12%، مما يشير الى انحدار مضطرد في مشاركة المرأة على مدى السنوات السبع الماضية.
المرأة موردٌ اقتصاديٌ انتاجيٌ فعال في كافة مجتمعات العالم علينا الاعتراف به وعلينا أن نتوقف عن هدر ذلك المورد باللجوء الى سياسات تحفيزية تساعد على رفع انتاجيته وتحسن انتاجية الاقتصاد تبعا لذلك، زيادة مساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني تعني زيادة الناتج المحلي للبلاد وزيادة النمو الاقتصاد وارتفاع مستوى الدخل الكلي.
الدكتور خالد واصف الوزني
[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.