صحيفة الكترونية اردنية شاملة

بعد مأساة الصريح لابد من التصريح

0

في الأمس القريب كان للأردنيين كما للعرب رسالة تنقلهم من الصراعات الداخلية إلى هدف سامي يجمع القلوب و يوحد البوصلة نحو استرجاع الحقوق من أيدي المغتصبين.
وفي اليوم الحاضر اختزلت كل الأماني و الأهداف في الحصول على وظيفة أو منصب أو لقمة عيش , و زاد الأمر سوءاً أنه لا بد من سلبها من شركاء الوطن تحت مسميات الواسطة و المحسوبية و التزييف فتحولت هذه الأهداف المقزمة أصلاً إلى صراعات و كراهية متبادلة تتراكم يوماً بعد يوم.
في الأمس القريب كانت الدولة ممثلة بأشخاصها تشعر بالمسؤولية الأخلاقية نحو حاضر شعبها و مستقبله. فجندت لأبنائها كل ما أوتيت من صلاحيات لتضع الثقافة و الأخلاق في مكانهما اللائقين بداية من اختيار القائميين على التربية و التعليم لتسند هذه المهمة الحساسة لأهل الخبرة و الاختصاص و لمن شهد لهم التاريخ الحماسة و الاهتمام في هذا المجال.
و اليوم ترك هذا الركن الأساسي في بناء المجتمع , فالتربية و التعليم نقلت مهمتها للمستثمريين و أصحاب المال. و عقل الطالب حشوه معلومات لن يستخدم منها إلا النزر اليسير في مجال تخصصه المستقبلي . وتركوا حيز الأخلاق و الأهداف السامية لجيل المستقبل تتحكم فيه الأفلام و ملاعب كرة القدم فأسمى الأهداف تسجيل (جول) في ملعب الخصم.
في الأمس القريب كانت الدولة و المجتمع حارس لتراث الأمة و قيمها المقدسة. فمن اراد أن يقكر مجرد تفكير في المس بهما يجد رادعاً يمنعه . وسلاح مفهوم العيب يقف مانعاً لكل الممارسات اللاأخلاقية.
و اليوم تجند الدولة كل امكانياتها حماية لمصالح شخوصها تاركةً الأمر الجلل و بناء الأجيال للمجهول. فشخوصها لم يتم اختيارهم أصلاً لهذه المهمة السامية.
في الأمس المجتهد يكرّم و الأمين يمكّن له و صاحب الحق غالباً يأخذ حقه.و اليوم يكرّم الفاسد و ينصّب الوريث و تزيف الحقيقة و يحيّد عن المشهد الأجدر بحمل المسؤولية.
في الخلاصة لا بد من وقفة مع الضمير و أخذ الأمر بجدية و استنتاج منظومة اجراءات تمتاز بالديمومة بعيداً عن مفهوم الفزعة المؤقت الذي تبرد حماسته و تنهار قواه أمام اول تحدي من المستفيدين من حالة التيه الذي يعيشه مجتمعنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.