صحيفة الكترونية اردنية شاملة

سهولة ممارسة الأعمال

0

جاءت نتائج تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” للأعوام 2016-2017 مخيبة جدا للآمال بالنسبة للمملكة، فقد جاء ترتيبها 119 من أصل 190 دولة تم تقييمها، أي بانحدار وتدهور لأكثر من 40 مرتبة خلال عشرة أعوام (من المرتبة 76 عام 2006). أي أننا لم نكتف بعدم تحسين وتطوير بيئة الأعمال لدينا خلال عقد من الزمن (أو أن التطوير والتحسين الذي قمنا به كان محدودا جدا)، بل أننا سمحنا أيضا لأكثر من أربعين دولة كانت متأخرة عنا في مجال ريادة الأعمال أن تقوم، وخلال عشرة أعوام فقط، بتحسين بيئتها الاستثمارية وبيئة ريادة الأعمال فيها لتجعلها متقدمة ومتطورة عن تلك التي لدينا. هذا ناهيك عن ال 76 دولة التي كانت متقدمة علينا أصلا وتمكنت من زيادة الفجوة بيننا وبينهم. ” إنجاز” لا يستوجب المساءلة فقط بل يستوجب المحاسبة لكافة الحكومات التي تبوأت المسؤولية خلال عقد من الزمن.
—————————————————————————————————-
(Ease of Doing Business ) يعتبر تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” والذي يعده البنك الدولي بشكل سنوي، المرجع الأساس للمستثمرين حول العالم ليقيِّموا من خلاله بيئة الأعمال وبشكل موضوعي في 190 دولة في العالم، فيتخذوا قراراتهم الإستثمارية بناء على ذلك. التقرير، والذي يأتي في 120 صفحة لكل دولة، يقيم مدى سهولة (أو صعوبة) أن يقوم ريادي أعمال محلي أو أجنبي بإقامة مشروع إقتصادي صناعي أو تجاري أو خدمي في الدولة، ومحاولة إدارة هذا المشروع بنجاح بما يضمن له النمو والربحية على المدى البعيد. يقيم التقرير بيئة الأعمال في كل دولة من خلال عشرة معايير رئيسية تتناول دورة حياة المنشأة الاقتصادية فيها منذ ولادتها ونشأتها (تسجيلها)، مرورا بممارسة أعمالها وانتهاء بتصفيتها، حيث تشمل معايير التقييم الرئيسة: بدء العمل/ تسجيل المنشأة الإقتصادية، التعامل مع رخص البناء وأذون الإشغال، ألحصول على الكهرباء، تسجيل العقار، الحصول على التمويل، حماية صغار المساهمين، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود (ألإستيراد والتصدير)، البيئة القضائية/ تفعيل العقود، وإدارة التصفية. حيث يتم تقييم كل من هذه المعايير الرئيسية من خلال عشرات المقاييس ومؤشرات الأداء التفصيلية التي تحاكي وتحاكم كافة الإجراءات المعمول بها في الدولة ضمن ذلك المعيار/ المرحلة من حيث عدد تلك الإجراءات، نوعيتها ومدى مواءمتها مع أفضل الممارسات العالمية، والوقت اللازم لإنجازها وتكلفتها على رائد الأعمال.
في عام 2005-2006 كان الترتيب العالمي للمملكة الأردنية الهاشمية في هذا التقرير 76 من أصل 180 دولة تم تقييم بيئة أعمالها في ذلك العام. وأذكر بأنه، وخلال تشرفي بقيادة وزارة الصناعة والتجارة في ذلك العام، تم وضع خطة عمل تفصيلية، وبمشاركة فاعلة من كافة الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص، للإرتقاء بمرتبة الأردن العالمية إلى أقل من 55 خلال عامين (بحلول عام 2007) وأقل من 25 خلال أربعة أعوام (بحلول عام 2009)، لتصبح المملكة رائدة عربيا ومن الدول الرائدة عالميا في مجال ريادة الأعمال. إلا أن الخطة، على وضوحها وتفصيلها والتشاركية الكبيرة التي تم تبنيها في إعدادها، لم يكتب لها أن ترى النور وتنفذ كما كان مخططا له.
جاءت نتائج تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” للأعوام 2016-2017 مخيبة جدا للآمال بالنسبة للمملكة، فقد جاء ترتيبها 119 من أصل 190 دولة تم تقييمها، أي بانحدار وتدهور لأكثر من 40 مرتبة خلال عشرة أعوام (من المرتبة 76 عام 2006). أي أننا لم نكتف بعدم تحسين وتطوير بيئة الأعمال لدينا خلال عقد من الزمن (أو أن التطوير والتحسين الذي قمنا به كان محدودا جدا)، بل أننا سمحنا أيضا لأكثر من أربعين دولة كانت متأخرة عنا في مجال ريادة الأعمال أن تقوم، وخلال عشرة أعوام فقط، بتحسين بيئتها الاستثمارية وبيئة ريادة الأعمال فيها لتجعلها متقدمة ومتطورة عن تلك التي لدينا. هذا ناهيك عن ال 76 دولة التي كانت متقدمة علينا أصلا وتمكنت من زيادة الفجوة بيننا وبينهم. ” إنجاز” لا يستوجب المساءلة فقط بل يستوجب المحاسبة لكافة الحكومات التي تبوأت المسؤولية خلال عقد من الزمن.
وللتعامل مع الموضوع بإيجابية، قمت بدراسة تقريري سهولة ممارسة الأعمال للأعوام 2016-2017 لكل من المملكة الأردنية الهاشمية (صاحبة المرتبة 119 عالميا من أصل 190 دولة) ودولة الإمارات العربية المتحدة (المرجع المعياري الإقليمي والعالمي في ريادة الأعمال لتبوئها المرتبة ألأولى عربيا و24 عالميا في سهولة ممارسة الأعمال)، في محاولة مني لإجراء تحليل مقارنة لبيئتي الأعمال في الدولتين، معززا هذه الدراسة بالخبرة العملية في القطاع الحكومي في المملكة لأكثر من 18 عاما (حتى عام 2005) وإثني عشر عاما بعدها في تطوير وتميز الأداء الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة. محاولة متواضعة للمقارنة بين بيئتي الأعمال في وطني الأم الذي أعشق وأتمنى ان يكون الأفضل في العالم، وبين وطني الثاني الذي أحب. وطن إحتضنني لأكثر من عقد من الزمن ومنحني، وما زال، من الدعم والتشجيع والتحفيز أكثر بكثير مما أستحق، والذي أتمنى له أيضا الريادة العالمية التي استحقها ويستحقها بجدارة. مبرزا خلاصة التحليل والمقارنة ضمن معايير التقييم العشرة كما يلي:
فضمن المعيار الأول “بدء العمل” والذي يتناول إجراءات تسجيل المنشآت الاقتصادية لدى كافة الجهات الحكومية وتلك الممثلة للقطاع الخاص ذات العلاقة (غرف الصناعة والتجارة)، إحتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربيا و5 عالميا بمعدل 91.21%، بينما احتل الأردن المرتبة الخامسة عربيا و106 عالميا بمعدل 84.62% (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 80.35%). حيث يقوم المستثمر بتسجيل منشأته الاقتصادية في دبي من خلال 4 إجراءات عمل فقط (مدمجة في تطبيق ذكي واحد) وتستغرق الموافقة 8 أيام عمل كحد أقصى، بينما يحتاج في الأردن إلى 7 إجراءات و12 يوم عمل (إذا ما كانت المنشأة مستوفية لكافة الشروط والوثائق ومقامة في المنطقة الاقتصادية المخصصة لذلك النشاط). يقود عملية التسجيل في دبي دائرة التنمية الاقتصادية ويشترك معها كل من وزارة تنمية الموارد البشرية وغرفة تجارة وصناعة دبي (غرفة دبي) ويمكن إنهاء عملية التسجيل كافة من خلال تطبيق ذكي أو من خلال زيارة أحد مراكز خدمات “تسهيل” المنتشرة في أنحاء الامارة وفي مراكز التسوق ومحطات الوقود فيها، بينما تقود وزارة الصناعة والتجارة في الأردن عملية التسجيل ويشترك معها كل من أمانة عمان الكبرى (أو البلديات) وغرف الصناعة والتجارة ومؤسسة الضمان الاجتماعي. 9 من أصل ال 12 يوم عمل لتسجيل المنشأة في الأردن هي داخل أمانة عمان الكبرى ولذلك يبقى هذا مجالا رئيسا للتحسين. من أبرز الإجراءات التحسينية التي أشاد فيها التقرير في الأردن هو تخفيض قيمة الحد الأدنى المسجل للاستثمار، بينما كان في دبي دمج متطلبات دائرة التنمية الاقتصادية وغرفة التجارة والصناعة (غرفة دبي) في قائمة واحدة وإمكانية المستثمر من الحصول على الترخيص والتسجيل لكليهما من مكان واحد (إما دائرة التنمية الاقتصادية أو أي من مواقع “تسهيل” أو التطبيق الذكي لتسجيل المنشآت الاقتصادية)، كذلك الحال بالنسبة لدمج متطلبات دائرة التنمية الاقتصادية ووزارة التنمية البشرية وهيئة التقاعد والضمان الاجتماعي بنفس الطريقة وتوحيد وتسهيل الحصول عليها.
أما المعيار الثاني “الحصول على رخص الانشاءات”، فقد احتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا بمعدل 86.15%، بينما احتل الأردن المرتبة 109 عالميا بمعدل 67.10% (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 64.62%). لكي يقوم المستثمر في دولة الامارات العربية المتحدة ببناء منشأته الاقتصادية، سواء أكانت صناعية أو تجارية أو خدمية أو مستودعات، فإنه يحتاج إلى 11 إجراء تستغرق كحد أقصى 49 يوم عمل، بينما يحتاج المستثمر في الأردن إلى 16 إجراء تستغرق 63 يوم عمل في حال استكمال كافة الشروط والوثائق. ومن هذه الاجراءات في الأردن إجراءات الحصول على موافقة إستخدام الأرض وفحص التربة والحصول على الموافقة على المخططات الهندسية والحصول على إذن للبناء ولاحقا لإذن للإشغال وإجراءات التفتيش والموافقات من قبل الدفاع المدني والحصول على تمديدات المياه والصرف الصحي وغيرها. تقود بلدية دبي عملية منح رخص الانشاءات في دبي وتشترك معها المكاتب الهندسية ومختبرات فحص التربة المعتمدة بالإضافة إلى هيئة كهرباء ومياه دبي. والأمر شبيه في المملكة حيث تقود أمانة عمان الكبرى هذه العملية بمشاركة شركات الكهرباء والمياه الوطنية والمكاتب الهندسية والمختبرات المعتمدة. من أبرز ما أشاد به التقرير في دبي هو تبسيط إجراءات بلدية دبي والدفاع المدني وإمكانية تقديم الطلبات ومتابعتها من خلال تطبيقات ذكية، بالإضافة إلى تطبيق منهجية إدارة المخاطر على التفتيش ما قبل وبعد منح رخص الانشاءات.
في المعيار الثالث “ألحصول على الكهرباء”، إحتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا بمعدل 98.84%، بينما احتل الأردن المرتبة 48 عالميا بمعدل 89.92% (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 66.83%). لتمديد وتوصيل الكهرباء لمنشأته، يحتاج المستثمر في دولة الأمارات العربية المتحدة إلى ثلاثة إجراءات تستغرق 28 يوم عمل كحد أقصى وتكلف رسوم توصيلها 24.7% من متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد، بينما يحتاج المستثمر في الأردن إلى 5 إجراءات تستغرق 50 يوم عمل في حال استكمال كافة الوثائق المطلوبة وتكلف رسوم توصيلها 325.3% من متوسط الناتج المحلي للفرد. تتولى شركة كهرباء ومياه دبي عملية توصيل الكهرباء والماء للمنشأت الاقتصادية في دبي، بينما تتشارك في كل من شركة الكهرباء الوطنية وأمانة عمان الكبرى هذه المهمة في الأردن. ومن أبرز ما أشاد به التقرير بالنسبة لدبي هو قيام هيئة الكهرباء والماء باستحداث تطبيق ذكي لتقديم ومتابعة الحصول على الكهرباء من خلال خطوة واحدة فقط وإلغاء متطلب الكشف على الموقع وتقليل وقت الحصول على الخدمة من خلال برنامج عمل داخلي صارم بضوابط وقتية محددة لا يقبل تجاوزها مهما كانت الظروف، مع وجود الخطط والسناريوهات البديلة المحكمة للتعامل مع أي طاريء.
أما المعيار الرابع “تسجيل العقار”، احتلت دولة الامارات العرية المتحدة المرتبة الأولى عربيا 11 وعالميا بمعدل 90.04% بينما احتل الأردن المرتبة 96 عالميا بمعدل 62.18% (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 60.64%). يحتاج المستثمر في دولة الامارات العربية الاتحادية لتسجيل عقاره لإجرائين فقط يستغرق انهاؤهما 1.5 يوم عمل فقط وبرسوم قيمتها 0.2% من قيمة المنشأة، بينما يحتاج في الأردن إلى 7 إجراءات تستغرق 21 يوم عمل وبرسوم قد تصل إلى 9% من قيمة العقار. ومن أبرز الإجراءات التي أشاد فيها التقرير في هذا المجال في دبي هو استحداث تطبيق ذكي لشراء وبيع وتسجيل ونقل ملكية العقارات دون الحاجة لزيارة دائرة الأراضي والأملاك، بالإضافة لزيادة مراكز تقديم الخدمة (مراكز تسهيل) لمن يرغب بذلك وزيادة أوقات دوامها لتشمل فترات دوام مسائية وخلال عطل نهائية الأسبوع والعطل الرسمية، وتخفيض رسوم التسجيل ونقل الملكية إلى النصف واستحداث العقود الموحدة لكافة أنواع العقود العقارية.
أما ألمعيار الخامس “ألحصول على التمويل”، فقد تبنى تقرير “سهولة ممارسة الأعمال ” الدولي أسلوبا مغايرا للقياس عن المعايير السابقة غير عدد الإجراءات ومدة إنهائها وتكلفتها، حيث إعتمد مقياسين رئيسيين لهذا المعيار. تناول المقياس الأول مدى توفر أنظمة معلومات إئتمانية في الدولة عن المقرضين والمقترضين ومدى شمولية وعمق وشفافية هذه الأنظمة وسهولة الحصول على المعلومات منها، بحيث تمكن أنظمة المعلومات هذه من التحقق من التاريخ الإئتماني لطالبي القروض الجدد بكل سهولة ويسر، ويمكن طالبي القروض بنفس الوقت من بناء سمعة إئتمانية إيجابية لهم تكون عاملا ميسرا لهم في توفير التمويل لمشاريعهم القادمة، ويتم قياس ذلك من خلال ثمانية مؤشرات فرعية. أما المقياس الثاني لهذا المعيار فيتناول مدى وجود تشريعات للرهن التمويلي (مثل الرهن العقاري) والإفلاس، ومدى قوة هذه التشريعات وبما يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية بما يحمي حقوق المقرضين والمقترضين على حد سواء، ويتم قياس ذلك من خلال 12 مؤشر تفصيلي. إحتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الثانية عربيا و101 عالميا بمعدل 45%، بينما احتل الأردن مرتبة متأخرة جدا وهي 185 (من أصل 190) وبمعدل 0.0% (المراتب الخمسة الأخيرة ومنها الأردن أخذت معدل صفر) (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 28.75%). فبالرغم من أن حجم ودائع الأردنيين في البنوك الأردنية تجاوز ال 32 مليار دينار أردني في شهر ديسمبر عام 2016، إلا أن معيار “ألحصول على التمويل” هو الأسوأ من بين كافة معايير التقييم العشرة وبذلك يكون مجالا ذا أولوية للتحسين من خلال تقوية أنظمة المعلومات الإئتمانية المتوفرة حاليا في المملكة وتطوير وتقوية تشريعات الرهن التمويلي والإفلاس وبما يتواءم وأفضل الممارسات العالمية. ويمكن أن تقود كلا من وزارة المالية (محور التشريعات المالية) والبنك المركزي (محور أنظمة المعلومات الإئتمانية) عملية التطوير لهذا المعيار.
ألمعيار السادس، “حماية صغار المساهمين”، يهدف إلى تعزيز حوكمة الشركات المساهمة العامة وتوضيح وتجذير وحماية حقوق صغار المساهمين فيها. يقوم التقرير بذلك من خلال تسعة مقاييس رئيسية تشمل: مستوى الإفصاح والشفافية الفردية والمؤسسية، مسؤوليات ومساءلة المدير التنفيذي (ومن ضمن ذلك إحالته للقضاء)، مسؤوليات ومساءلة مجلس الإدارة (ومن ضمن ذلك إحالتهم للقضاء)، ألتعيينات العائلية في المناصب القيادية، التضارب في المصالح، نسب التملك والسيطرة للأقرباء والحوكمة وقوة حماية صغار المساهمين. حيث يحتوي كل من هذه المقاييس على عشرة مؤشرات أداء تفصيلية. حصلت دولة الإمارات العربية المتحدة على المرتبة الأولى عربيا والتاسعة عالميا بمعدل 75% بينما حصل الأردن على المرتبة 165 (من أصل 190 دولة) وبمعدل 35% فقط (أقل من معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغ 45.17%)، مما يجعله أيضا معيارا ذا أولوية للتحسين والتطوير. ومن أبرز الإجراءات التي أشاد فيها التقرير في هذا المجال في دبي هو تشديد متطلبات الحوكمة والافصاح والشفافية للشركات المساهمة العامة في التشريعات والقوانين ذات العلاقة ومنها قوانين الشركات والأوراق المالية ووفق افضل الممارسات العالمية بهذا الشأن، ومنع أي شكل من أشكال التضارب في المصالح (ألمباشر المعلن أو غير المباشر المبطن)، وتوضيح آليات تحويل المدراء التنفيذيين ومجالس الإدارة للقضاء في حال اتخاذهم لقرارات تضر بمصالح صغار المساهمين بشكل خاص والشركة بشكل عام، وتوضيح أسس ألتعيينات ومنح العلاوات والمكآفئات للقيادات العليا في الشركة، ومنح الحق لصغار المساهمين بتعيين مدققين خارجيين محايدين للتدقيق على أعمال الشركة ومنحهم الحق بالاطلاع والحصول على أية وثائق يريدونها في ذلك.
في ألمعيار السابع، “دفع الضرائب”، تصدرت دولة الامارات العربية المتحدة عالميا هذا المعيار حيث تبوأت المرتبة الأولى عالميا وبمعدل 99.44%، بينما حصل الأردن على المرتبة 79 وبمعدل 73.94% (أقل من معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغ 77.29%). يقيس هذا المعيار عدد وقيمة الرسوم والضرائب التي تدفعها المنشأة الاقتصادية، بالإضافة إلى تقييم مدى سهولة نظام إدارة الرسوم والضرائب في الدولة (عدد الإجراءات، الوقت، والتكلفة). تشمل المؤشرات التفصيلية لهذا المعيار عدد وقيمة الضرائب والرسوم التي تدفعها المنشاة الاقتصادية (ومنها ضريبة الدخل وضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة، ضريبة الممتلكات/ المسقفات، ألرسوم الجمركية، الضمان الاجتماعي للموظفين، رسوم أمانة عمان، الجامعات، الطوابع، وأية ضرائب ورسوم أخرى)، طريقة تقديم الاقرارات الضريبية ودوريتها، النماذج المطلوب تعبئتها والوثائق الثبوتية المطلوب إرفاقها، نسبة الضرائب من الأرباح، طريقة الدفع، آليات الحصول على التعويضات/ الرديات الضريبية، الوقت اللازم لإنجاز العملية منذ تقديم الاقرارات الضريبية وحتى رد التعويضات إن وجدت. أقر التقرير قيام الأردن ببعض الخطوات الإيجابية، ولكن غير الكافية، في هذا المجال خلال العام الماضي ومنها تقديم الاقرارات الضريبية لضريبة الدخل والمبيعات الكترونيا وزيادة نسب تخفيض القيمة (الإستهلاك) على بعض الممتلكات الثابتة. ومن أبرز ما أشاد به التقرير بالنسبة لدبي في هذا المجال هو استحداث تطبيق ذكي يمكن الشركة من تقديم كافة أقراراتها الضريبية لكافة الضرائب وتسديد كافة الضرائب والرسوم المستحقة عليها ولكافة الجهات والحصول على الرديات والتعويضات من خلال هذا التطبيق.
أما معيار “التجارة عبر الحدود” (المعيار الثامن)، فكان مميزا بالنسبة لتحليل المقارنة بين البلدين، فقد جاء المعيار الوحيد من بين المعايير العشرة والذي يتفوق فيها الأردن على دولة الامارات العربية المتحدة. حصل الأردن على المرتبة الأولى عربيا و50 عالميا بمعدل 86.39%، بينما حصلت دولة الامارات العربية على المرتبة 85 وبمعدل 71.50% (معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 55.98%). يشمل هذا المعيار على تقييم عدد الاتفاقيات التجارية الدولية والإقليمية والثنائية الموقعة وأثرها في فتح الأسواق وتسهيل التجارة الخارجية، إجراءات الاستيراد والتصدير والمؤسسات ذات العلاقة (الجمارك وهيئات التفتيش والفحص والرقابة)، إجراءات الموانيء (عدد الإجراءات، الوقت، والتكلفة) وسهولة النقل الداخلي والتخزين. ومن الملفت للانتباه هنا بأن هذا المعيار، والذي يشكل عادة محور الانتقاد الرئيسي للقطاع الخاص الأردني في معظم اجتماعاته مع جلالة الملك المعظم والحكومة والمتمثل بما يرونه بأنه “التعقيدات الحكومية المبالغ بها في إجراءات الاستيراد والتصدير وما يرافقها من أعمال التفتيش والرقابة للجهات الرقابية المختلفة” من وجهة نظرهم، بأنه المعيار ذات الترتيب الأعلى عند تقييمه عالميا، حيث حصل الأردن على المرتبة 50 عالميا بينما حصلت تركيا على المرتبة 70 والامارات على المرتبة 85 ولبنان 134 ومصر 168. ومن أبرز الإجراءات التي أشاد بها التقرير في المملكة تطوير البنية التحتية في ميناء العقبة وتبني نظام إدارة المخاطر لفحص المستوردات وتطوير وتسهيل الإجراءات الجمركية. أما فيما يتعلق بدبي فقد أشاد التقرير بالنظام الجمركي الشامل المحدث (مرسال 2) والذي يعتبر نقلة نوعية في تبسيط وتسهيل الإجراءات الجمركية وتقليل الوقت والتكلفة بشكل كبير على المستوردين والمصدرين على حد سواء، علما بأن عددا من نشامى الوطن، والذين سبق وأن خدموا في دائرة الجمارك الأردنية، قد شاركوا وساهموا بشكل فاعل في إعداد وتطوير نظام مرسال 2 ويشاركون حاليا في تطبيقه.
ألمعيار التاسع تناول “النظام القضائي التجاري”، حيث يقيم جودة وسهولة وسرعة التقاضي لحل النزاعات التجارية في الدولة. ومن المؤشرات المحددة التي يتم تقييمها ضمن هذا المعيار: الوقت اللازم لرفع دعوى قضائية تجارية والوقت اللازم للتقاضي والحصول على حكم فيها والوقت اللازم للتنفيذ، ورسوم التقاضي والمحاماة والتنفيذ، وإجراءات المحاكمة وإدارة الجلسات وأتمتة إدارة المحاكم وأنظمة حل النزاعات الموازية. حصلت دولة الامارات العربية المتحدة على المرتبة الأولى عربيا و25 عالميا وبمعدل 71.14%، بينما حصل الأردن على المرتبة 124 وبمعدل 52.42% (أقل من معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغ 53.46%). ومن أبرز ما أشاد به التقرير في دبي هو أستحداث تطبيق ذكي لرفع الدعاوى ومتابعتها وأتمتة كافة أعمل المحاكم واستحداث مكاتب لإدارة القضايا في المحاكم المختصة.
تناول ألمعيار العاشر والأخير، “إدارة تصفية الشركات”، مدى توفر البيئة التشريعية والتنفيذية والقضائية الملائمة لتصفية الشركات المتعثرة بما يضمن إعادة كافة الحقوق للدائنين ويمكن المدينين من تلبية ما عليهم من التزامات وبأسرع وقت ممكن، وبالتالي حمايتهم من الزوال والسعي لإعادة إندامجهم في الدورة الإنتاجية بأسرع وقت. حصلت دولة الامارات العربية المتحدة على المرتبة الثالثة عربيا (بعد مملكة البحرين وسلطنة عمان) و104 عالميا وبمعدل 40.61%، بينما حصل الأردن على مرتبة 142 وبمعدل 30.38% فقط (أقل من معدل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبالغ 30.48%)، مما يجعله أيضا مجالا رئيسيا ذا أولوية للتحسين.
عشرة معايير ل”سهولة ممارسة الأعمال”، تمثل مراحل ودورة حياة المنشأة الاقتصادية بدءا بتسجيلها ومرورا بالحصول على التمويل اللازم لها وإقامتها وإدارتها وانتهاء بتصفيتها. كل مرحلة مقيمة تقييما عالميا موضوعيا من خلال عشرات المقاييس ومؤشرات الأداء التفصيلية والتي تشمل عدد الإجراءات التي يحتاج رائد الأعمال إتمامها في مؤسسات القطاعين العام والخاص في الدولة ضمن كل مرحلة، ونوعية هذه الإجراءات ومدى مواءمتها مع أفضل الممارسات العالمية بهذا الشأن والوقت اللازم لإنجازها وتكلفتها عليه، وتحليل مقارنة بين المملكة الأردنية الهاشمية (صاحبة المرتبة 119) والدولة المرجع، دولة الإمارات العربية المتحدة، (صاحبة المرتبة الأولى عربيا و24 عالميا). بحيث تبين هذه المقارنة ترتيب وعلامة كل دولة ضمن كل معيار من معايير التقييم العشرة بالإضافة إلى عدد الإجراءات في كلا الدولتين ومدتها الزمنية ونوعيتها وتكلفتها وأبرز الإنجازات التي قامت بها الدولتين في تعزيز وتطوير وتسهيل ممارسة الأعمال فيها ضمن ذلك المعيار.
ألمطلوب والمتوقع من حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بأن تولي هذا التقرير الأهمية القصوى، كونه المرجع الأساس لكافة المستثمرين في العالم، لتضع خطة عمل تفصيلية وبمشاركة كافة الأطراف المعنية من القطاعين العام والخاص (مرة أخرى)، للإرتقاء بمرتبة الأردن من 119 عالميا إلى 76 خلال عامين (وهي المرتبة التي كانت المملكة تتبوأها قبل عشرة أعوام)، ومنثم الانتقال إلى مرتبة اقل من 55 خلال أربعة أعوام ومرتبة ريادية عربيا وعالميا اقل من 25 خلال ستة أعوام. وهو أمر لا يجب أن يكون ب”المهمة المستحيلة”. فتخفيض عدد إجراءات تسجيل المنشأة الاقتصادية مثلا من 7 إجراءات (موزعة على أربعة جهات) إلى 4 ومن 12 يوم عمل إلى 8 فقط، كما هو الحال في دبي، وتقديمها من خلال تطبيق ذكي، لا يجب أن يكون ب”المستحيل”. وكذلك الحال بالنسبة لأذون البناء والإشغال من 16 إلى 11 إجراء ومن 63 إلى 49 يوم عمل، والحصول على الكهرباء (من 5 إلى 3 إجراءات ومن 50 إلى 28 يوم عمل) وتعزيز كل ذلك من خلال تطبيقات ذكية. كذلك أيضا بالنسبة لتطوير وتحديث أنظمة المعلومات الإئتمانية في المملكة عن المقرضين والمقترضين وتعزيز شمولية وعمق وشفافية هذه الأنظمة وسهولة الحصول على المعلومات منها، كذلك الحال بالنسبة لتحديث وتطوير تشريعات الرهن التمويلي والإفلاس وبما يتواءم وأفضل الممارسات العالمية بهذا الشأن، الى غير ذلك من الإجراءات التحسينية ضمن كل معيار من معايير “سهولة ممارسة الأعمال”. كلها ليس فيها أي مستحيل إذا ما توفرت الإرادة والنية الحقيقية للإصلاح والتطوير. فالأمر كله لا يعدو كونه إرادة وإدارة… لا أكثر ولا أقل…
حفظ الله الأردن عزيزا وقويا ومنيعا… وحماه شعبا وأرضا وقيادة
د. أحمد ذوقان الهنداوي
[email protected]
ألمراجع:
تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” لعام 2017، ألمملكة الأردنية الهاشمية، ألبنك الدولي.
تقرير “سهولة ممارسة الأعمال” لعام 2017، دولة الإمارات العربية المتحدة، ألبنك الدولي.
دراسات وخبرات مجموعة الهنداوي للتميز في تطوير وتميز الأداء الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة (2005- 2017).
حقوق الملكية الفكرية لتحليل المقارنة والتوصيات الواردة أعلاه محفوظة لمجموعة الهنداوي للتميز/ د. أحمد ذوقان الهنداوي وفق قوانين الملكية الفكرية المعمول بها في كل من المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.