صحيفة الكترونية اردنية شاملة

في الحديث عن نقابة المهندسين

0

يبدو ان الإعلان عن ميلاد التيار الوطني النقابي المهني ” نمو ” سارع في تسخين الحراك الانتخابي في نقابة المهندسين … واستطاع ان يخطف الأضواء من خلال تعبيرات التعددية والتنوع التي شاركت في إشهاره … وأيضا في الحيثيات التي رافقت المشاورات والحوارات لاعلان هذا التيار …حيث بدا واضحا للعيان ان مضامين خطاب الافتتاح للمؤتمر الموسع التي شهدته قاعات مجمع النقابات المهنية في عمان … كانت توحي بأن التيار هو وليد الحاجة الموضوعية للرد على الأزمة العامة بكل مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية… كما عبر الحضور الكثيف عن حاجة المهندسين الى برامج تنفيذية عملية … والى طي صفحة الماضي وانطلاق حقبة جديدة قوامها الشراكة والمشاركة واسترداد القرار النقابي من حكومات الظل التي جثمت على صدور المهندسين لعقود طويلة .

الإشكالية التي تواجه العمل النقابي في نقابة المهندسين ، تحّوله الى عمل فئوي ، يمّثل فئات محددة ، يدافع عن فئات محددة ، وتحتكره جهات محددة ، أما الفئات العريضة والواسعة من المهندسات والمهندسين ، المغيبين المهمشين ، وخاصة المنتشرين في القرى والبوادي والأرياف والمخيمات فهم ليسوا أكثر من مجرد حطب في نار الصراعات السياسية ، وساحة لتبادل الرسائل السياسية على حساب الغالبية العظمى منهم .

ان العمل النقابي الحقيقي هو النضال من أجل الدفاع عن حقوق ومكتسبات المهندسين ، وتحسين ظروف عملهم ومعيشتهم ، والدفاع عن الوطن وقضايا الأمة ، انطلاقا من شعار خدمة الأعضاء ، وهذا يفرض على جمهور المهندسين على اختلاف مواقع عملهم واختصاصاتهم ، ان يمارسوا حقهم وواجبهم الوطني اولا ثم النقابي ، بالاندفاع للمشاركة الفاعلة في النشاطات النقابية ، وفرض التعددية والتنوع على المشهد النقابي .

ان مشاركة الشباب والمرأة في النشاط النقابي ، سوف يشكل اختبارا حقيقيا للبنى الفكرية للقوى السياسية ، القائمة على تغييب الديموقراطية في ممارساتها النقابية الداخلية ، كما يشكل امتحانا للقوى النقابية التقليدية في قدرتها على التكيف مع المستجدات ، والاندغام في الفعل النقابي مع جمهور لا يستهان به من الجيل الجديد ، المتقد والحامل لراية التغيير والتجديد والمشاركة .

مهندسو القطاع العام يشكلون مع باقي القطاع ، القاعدة الاجتماعية – الطبقية الضرورية لحماية الوطن والتماسك الاجتماعي فيه ، في ظل سيادة القطاعات غير الانتاجية ، وبالتالي فان المقاربة الاقتصادية البحتة في التعاطي مع هذه المسالة ، يجب ان لا تكون مقاربة كلاسيكية ، حسب تعليمات البنك الدولي والجهات المانحة ، بل لا بد من الأخذ بجملة من المعايير ، التي تحفظ حقوق كافة الأطراف في المعادلة الاقتصادية ، بما فيهم الخزينة وجيش من العاملين في القطاع العام ، فاذا كان هناك فساد وإنفاق مفرط وعبء على الخزينة ، فالحل يجب ان يكون باستئصال اّفة الفساد من جذورها ، وتنظيم الإنفاق ، وليس بإضعاف القطاع العام الذي يعني انهياره ، انهيارا للوطن لا سمح الله .

ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية والوضع الداخلي الاستثنائي يؤكد حاجتنا الى كافة الجهود النقابية الوطنية ، لتمكين اّليات عمل نقابي تشاركي ، يتأسس على وعي ديموقراطي وممارسات ديموقراطية حقيقية ، تتجاوز التموضعات الضيقة والتجاذبات الهامشية ، والتمسك بالتنافس الديموقراطي بعيدا عن التخوين والتكفير والإتهامية ، ومن هنا جاءت ولادة التيار الوطني النقابي ” نمو ” كاستجابة لطبيعة التحديات التي تواجه مسيرتنا ، كتحدي الأزمة الاقتصادية الخانقة وتردي الأوضاع في سوق العمل ، وتفشي ظاهرة البطالة في صفوف المهندسين ، وإغلاق العديد من أسواق العمل الخارجية ، وعجز نقابة المهندسين بحكم بنيتها التقليدية عن الرد على الاسئلة المطروحة نتيجة التغيرات الهائلة في أعداد الخريجين وعجز الدولة عن توفير فرص عمل لهم ، وفي ظل أيضا ثورة عالمية في قطاعات البرمجة وتداعيات ” الثورة الصناعة الرابعة ” .

المهندسات والمهندسون هم امام تحد إثبات وجودهم ودورهم … فالعمارة والإعمار والتنظيم المديني وحماية البيئة هي مقاييس وطنية واجتماعية ومهنية ، ودور النقابة هو الدفاع عن هذه الأسس وتطويرها … أن تكون مهندسا يعني بكل وضوح ان تضع المعرفة والخيال والإبداع في خدمة المصلحة العامة .. حيث تجتمع المعرفة بموقف أخلاقي … يؤكد ان دور المهندس ليس ان يبني الحجر فقط … بل ان يبني وطنا .. بكل ما تحمل كلمة وطن من مضامين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.