صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الضَّرِيبَة وخطَة التَحفِيز

قَبل الحديث عَن النسب الضَرِيبِيّة المُقتَرحة في مشروع قانون الضَّرِيبَة الجَدِيد علينا أن نَصِلَ إلى إجابات واضحة ومُقنِعة للرَّأي العَامّ حول الأهداف الرَّئيسيَّة التي يجب ان تتحقق من اَي قانون اِقتِصاديّ.

الحُكُومة اليوم تهدفُ من وَرَاءِ إجراءاتها الاقْتِصَاديّة الى تَحفِيزِ الاقْتِصَاد الوَطَنِيِّ الذي يعاني من تباطؤٍ حاد في النمو، لذلك من المفترض ان تكون التعديلات المُقتَرحة في القانون الجديد تُساهم إِيجَابياً في النمو وليس العكس كما يعتقد البعض من انه سيؤثر سَلْباً في هذا الشأن.

الحُكُومة ترى ان التعديلات الجديدة في الضَّرِيبَة سَتُسَاهمُ في رفدِ الخزينةِ بِما يزيدُ عَن ١٠٠ مليون دينار، والحقيقة ان هذا الرقمُ قد يكونُ متواضعاً مُقارنة عما تتحدثُ عَنهُ بعضُ الأوساطِ الرسمية من ان التهرُّب الضريبيّ يتجاوزُ النصفَ مليار دينار على اقل تقدير.

هُنا يتطلبُ الأمرُ فعلاً توضيحاً، إذا كانت الـ ١٠٠ مليون دينار المُتَحصلة من توسعةِ المشمولينَ بالضَّرِيبَة، وبالتالي دخولِ شريحةٍ جديدة من المُكلفين، او إذا كان المبلغ المُتَحصلُ يأتي نتيجة الإجراءات الجديدة التي تحد من التهرُّب الضريبيّ المُقتَرحة، وفِي جميع الحالات السابقة فان التحصيلات المالية المقدرة متواضعة جداً مع حجم التعديلات المُقتَرحة

البعضُ يرى ان الزيادة في التحصيلات الحُكُومية هي من الناحية النظرية صحيحة وتتناسب مع حجم الزيادات المُقتَرحة على القطاعات الاقْتِصَاديّة المختلفة والتي فعلا كانت التقديرات تشكل زيادات على مختلف القطاعات، حيث ارتفعت على البنوك من ٣٥ بالمئة الى ٤٠ بالمئة، والصناعة والتجارة من ١٣و١٨ بالمئة على التوالي الى ٢٠ بالمئة عليهما الاثنين، ناهيك عَن الزيادات الضريبية الجديدة على شرائح دخل الأفراد.

اذا كان الاقْتِصَاد يعاني من تباطؤ في النمو كيف تفسر الحُكُومة  اِقتِصاديّا زيادة الضرائِب على مختلف القطاعات وسط سعيها لرفع النمو ، علما ان المفهوم العلمي لهذه المسالة يؤكد تراجع الاستهلاك مع زيادة الضرائِب؟، لا بل كيف ستساهم رفع الضَّرِيبَة على القطاعات الاقْتِصَاديّة في تحريك عجلة الاقْتِصَاد الوطني ، خاصة ان أداء معظم فعاليات القطاع الخاص من بنوك وشركات تعدين وخدمات وصناعات تعاني منذ حوالي خمس أعوام تراجع نسبي في إيراداتها وأرباحها ، لا بل ان بعضهم  دخل في نفق الخسائر المظلمة مما دفعه الى اعادة هيكلة أعماله وأنشطته ، وبالتالي هو يرى انه بحاجة الى تسهيلات وحوافز لإعادة تألقه وفاعليته من جديد وان لا تزيد عليه الضرائِب .

الصِّناعَةُ هي الاخرى تعاني الأمرين، نتيجة ضعف أنشطتها التصديرية لأسباب مختلف من أبزرها إغلاق الحدود في الجوار، فكيف سيساهم رفع الضَّرِيبَة عليها في تحفيز انشطتها واعمالها، خاصة وان اعفاء أرباح الصادرات سينتهي هذا العام، فهذا عبئ جديد على القطاع الا إذا كان هناك برنامج وطني يدعم الصادرات ويعوض القطاع بدل الاعباء التي فرضت عليه.

البنوك هي الاخرى سترتفع عليها الضَّرِيبَة ٥ بالمئة لتصبح ٤٠ بالمئة، والمعروف ان الهامش بين فائدة الاقراض والايداع مرتفع جدا يَصْل الى ٤او٥ نقاط، وإذا ما علمنا ان اتجاهات أسعار الفائدة في العامين المقبلين سيكون بارتفاع فان هناك اعباء جديدة سيتحملها المقترض سواء من الأفراد او المؤسسات، مما سيحد هو الاخر من أنشطتها وأدائها المالي، وبالتي سيكون عليها من الصعوبة ان تتماشى مع خطة التحفيز.

الحُكُومة مُطالَبة اليوم بإِجراء حِوَارٍ اِقتِصاديّ بعيدا عَن لُغةِ الأرقام الصَمَّاء، وان تناقش في إطار شمولي وبتناسق تام مع تشريعات الدولة الاقْتِصَاديّة المختلفة من جهة، والعبء الضريبي الذي بتحمله المواطن والقطاع الخاص من جهة اخرى.

[email protected]

التعليقات مغلقة.