صحيفة الكترونية اردنية شاملة

هل سيصدر قانون التخطيط الوطني في عام 2018 كذلك؟

تماشياً مع التوجهات الحكومية بجعل عام 2018 مستهلاً لمرحلة فارقة من الانتعاش والنمو الاقتصادي القوي، يقترح الكاتب تعديل “قانون التخطيط” العتيد والمؤقت لعام  1971 بالشراكة مع القطاع الخاص. كما يقترح اعطاء هذا القانون الأولوية القصوى باعتباره أهم تشريع شمولي وضروري لتهيئة الأساسيات الاقتصادية المحفزة والمسهّلة للنمو الاقتصادي المستدام والتشاركي في المملكة.

ولاصدار هذا القانون بصفة عاجلة وفي عام 2018 مبررات قوية ومتنوعة. بداية لابد من التأكيد بأن  أبرز النتائج المتوخاة من قانون عصري للتخطيط الاقتصادي تتمثل في تحقيق النمو المتسارع بعد حالة من “التباطؤ الاقتصادي المزمن” منذ عام 2010 ولمدة ثماني سنوات عجاف متعاقبة، لكنها لا تقتصر على ذلك.

فاصدار هذا القانون الاستراتيجي وتنفيذه بصرامة سيعمل على زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي، والذي عانى بدوره من تراجع حاد في السنوات الثمانية الماضية بسبب الزيادات السكانية غير الطبيعية وتلكؤ معدلات النمو الاقتصادي، الى جانب دور القانون في توسيع الطبقة الوسطى ومستوى معيشتها وهي أساس الاستقرار والنمو الاقتصادي.

كما سيساهم هذا القانون في تقليل معدلات البطالة والفقر، وفي تراجع مديونية الأفراد والشركات في القطاعين العائلي والخاص، وأيضاً سيساهم في تخفيض وتائر الجريمة والطلاق والتسرب من المدارس. كذلك، فان ظواهر مثل تصفية الشركات وتدني معدلات تأسيسها ودخلها الخاضع للضريبة، وتنامي قيمة الشيكات المرتجعة، ونسب حجز الشقق وأعداد المطلوبين للمحاكم وللتنفيذ القضائي بسبب عدم سداد ديون البنوك، كل هذه الظواهر ستشهد هي بدورها تراجعاً مع استدامة النمو السريع بحدود 5% على الأقل مقابل 2% حالياً.

كما ان اصدار وتنفيذ هذا القانون سيساهم بفاعلية في توسيع القاعدة الضريبية وبشكل تلقائي، أي دون أية زيادة في العبء الضريبي المفروض، كما انه سيساهم في تقليل التهرب والتجنب الضريبي بسبب توفر عامل “الوفرة” للمكلف الضريبي، علاوة على تعزيز التوجه نحو الاقتصاد الرسمي والمنظم. هذا سيعمل بدوره على تخفيض عجز الموازنة العامة ليقل عن 3% من الناتج المحلي الاجمالي.

توسيع الدخل القومي سيعمل كذلك على تخفيض حجم الدين العام الاردني كنسبة الى الناتج المحلي الاجمالي الذي يبلغ حالياً حدود 95% بالمقارنة مع نسبة80-60 % من الناتج كسقف دولي معياري ومستهدف، وبالتالي تعزيز الاستقرار المالي وتحسين ترتيب المملكة لدى مؤسسات التقييم الائتماني العالمية.

كما ان النمو الاقتصادي المستدام عادة ما يصاحبه تحسناً في أداء الصادرات والاستثمارات الأجنبية وبالتالي زيادة الاحتياطيات في العملات الأجنبية كوسادة احتياطية لأية صدمات خارجية غير متوقعة.

هذا ويتوقع من هذا القانون الجديد أن يحدد المسؤوليات والصلاحيات بخصوص قضية مؤسسية هامة هي: من هو المسؤول عن تحقيق النمو الاقتصادي المستدام في المملكة، بعد حالة من التشرذم وضعف التنسيق في السياسات والبرامج الاقتصادية بسبب غياب العقل الاقتصادي المركزي، تصميماً وتنفيذاً. كما يتوقع من هذا القانون ان يحدد دور القطاع الخاص ومشاركته في عملية التنمية الاقتصادية، سواء في مجال الاستثمارات أو صنع السياسات أو المساهمة في علاج التحديات الوطنية.

ويتوقع أن يحدد هذا القانون وأنظمته المعوقات الأساسية للنمو الاقتصادي Binding Constraints وأن يحسّن من نظام حوكمة النمو بما يقود الى تنفيذ وتنسيق أفضل لسياسات النمو الاقتصادي.

ويتوقع من القانون الجديد أن يحدد أيضاً المزايا النسبية والتنافسية الكامنة للاقتصاد الاردني وأن يحسن بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في ظل بيئة اقليمية أفضل نسبياً. وينبثق عن هذا، تحديد القطاعات والأنشطة الواعدة واعطاء اولوية لقطاعات مستهدفة ذات انتاجية أعلى ومردود سريع وعريض على الاقتصاد الاردني.

وعلى صعيد تحسين كفاءة القطاع العام وادارته، يقترح أن يجدد القانون ويقوي العمل بمنظومة الموازنة الموجهة بالنتائج، حيث تكون النتائج المتوخاة هنا هي “نمو اقتصادي أعلى وأكثر استقراراً”، أي العمل بنظام فعال للمراجعة والتقييم والمساءلة في مجال الانفاق الحكومي، بشقيه الجاري والرأسمالي، يكون مرتبطاً برئاسة الوزراء.

فمن خلال احداث “دفعة قوية” في تنفيذ وتنسيق السياسات الداعمة للنمو في القطاعات ذات الاولوية، بما فيها السياسة الاستثمارية والتجارية والصناعية والمالية والنقدية، يمكن للاقتصاد الاردني أن يستعيد مسار النمو العالي والمستدام كما كان قبل عام 2010. فهل سيصدر هذا القانون في عام 2018؟!

 

التعليقات مغلقة.