صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فلسطين.. أين التحرك العربي؟

د. شملان يوسف العيسى

ألغت الأرجنتين مباراة ودية أمام إسرائيل استعداداً لكأس العالم تحت ضغوط سياسية بشأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين في غزة. وتأتي هذه الخطوة الجريئة من جانب الأرجنتين، وهي ليست دولة عربية ولا إسلامية، تضامناً مع الشعب الفلسطيني في غزة، حيث قُتل أكثر من 120 فلسطينياً على أيدي القوات الإسرائيلية، وجُرح الآلاف في الاحتجاجات الأخيرة، كما تأتي كرد فعل إنساني وكصفعة قوية للإدارة الأميركية التي قررت نقل السفارة الأميركية إلى القدس معترفةً بها كعاصمة لإسرائيل.. بينما ينظر العالم كله إلى القدس الشرقية على أنها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية.

ومن المفارقات الغريبة، أن معظم شعوب ودول العالم تضامنت مع الشعب الفلسطيني، سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن الدولي، ولم يقف مع إسرائيل إلا الولايات المتحدة.

والسؤال هو: لماذا جاءت التحركات العربية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، دون المستوى المطلوب؟ ولماذا اقتصر الموقف العربي على الاحتجاجات التقليدية ومطالبة مجلس الأمن بالتحرك لحماية الفلسطينيين؟ وإلى متى تستمر حالة الصمت غير المسبوق على الجانب العربي؟
ربما نفهم سكوت معظم الأنظمة العربية واكتفاءها بالاحتجاج فقط عبر الشكوى للأمم المتحدة، بافتراض أنه يعود إلى علمها بالصفقة الأميركية القادمة التي لم يُفصَح عن تفاصيلها بشكل واضح وصريح إلى الآن.. لكن الأمر الذي لا نفهمه هو غياب أي دور يذكر للجماهير العربية الواسعة وصمتها بشكل عام، خصوصاً الحركات والتجمعات السياسية والحزبية (القومية منها والإسلامية والليبرالية)..! فهل ماتت الضمائر العربية ولم تعد تكترث بقضية العرب الأولى؟ أم أن ذلك الصمت يعود إلى الخوف من ردة فعل الأنظمة العربية؟ أم أن السبب يكمن في انشغال الشارع العربي بمشاكله الداخلية الملحة، حيث تعصف ببعض البلاد العربية حروب داخلية ذات طابع طائفي تهدد كياناتها الوطنية تهديداً وجودياً لا سابق له، في الوقت الذي تعاني فيه بلاد عربية أخرى من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة لا تسمح لها بالتفرغ للقضية العربية في فلسطين أو بمناطحة القوى الكبرى منفردةً؟

الخطورة في الوضع الحالي تكمن في النهج الجديد للإدارة الأميركية فيما يخص التعامل مع ملف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. فواشنطن، اتخذت خطوتها فيما يتعلق بالقدس لخدمة مصالحها العليا، وهي لم تعد تهتم بمسيرة السلام ولا بصورتها كوسيط «محايد» بين طرفي الصراع، لذلك انعدمت الثقة نهائياً لدى الفلسطينيين في الإدارة الأميركية الحالية.

مجلة «السياسة الدولية» المصرية نشرت في يناير الماضي مقالاً للدكتور حسن أبو طالب بعنوان «صفقة القرن المتجلية ومستقبل القضية الفلسطينية»، قال فيه: «الرئيس ترامب ينوي أن يعرض للفلسطينيين دولة، لكنها بشروط مختلفة عن الشروط السابقة، مرفقة مع عرض اقتصادي سخي جداً، وإن أموالاً كثيرة ستأتي للسلطة الفلسطينية لتدعم قبولها الانخراط في هذا الحل، وإن الخطة تتضمن تبني مبدأ تبادل الأراضي، ليس بالضرورة وفقاً لحدود 1976.. لإقامة دويلة للفلسطينيين لا علاقة لها بالضفة الغربية».. هذا المشروع الأميركي هو الذي جعل الفلسطينيين يتظاهرون في غزة لتأكيد ارتباطهم بالأرض.”الاتحاد”

التعليقات مغلقة.