صحيفة الكترونية اردنية شاملة

رئيس حكومة يستحقه الوطن

“رئيس حكومة يستحقه الوطن…”. وددت أن انشر هذا التعليق قبل أسبوعين عندما قام جلالة الملك المعظم بتكليف دولة الدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة، مستشهدا بمقال كنت قد كتبته قبل أشهر بعنوان : “رئيس الحكومة الذي يستحقه الوطن: خصاله وآلية اختياره” … رأيت في شخص دولة الرئيس المكلف حينها تلبية كاملة للمواصفات والخصال التي تضمنها المقال وأنشدها في شخص رئيس الوزراء المنشود: الاستقامة والنزاهة ونظافة اليد، الولاء والانتماء الحقيقيان غير المصطنعان للوطن وقائد وشعبه، الكفاءة والمقدرة على التفكير الابداعي خارج الصندوق، المهارات الشخصية من الجرأة والشجاعة والخلق والتواضع والدماثة وقول الحق مهما كانت صعوبته، وقدرته على الاتصال والتواصل الفعال مع المجتمع بكافة شرائحه وفئاته، وأخيرا الثقة الملكية والشعبية والتي تمكنه من اتخاذ القرارات الصعبة… صفات رأيتها مجتمعة جميعا في دولة الدكتور عمر كما لم أشهدها مجتمعة في أي رئيس حكومة سابق في العهد الجديد… رايت فيه الشخص عروبي الهوى أردني الانتماء هاشمي الحب والولاء الملتزم بمباديء الدين الحنيف خلقا وممارسة في تناغم وتكامل قل نظيره… وهو ما يجب ان يكون… رأيت فيه امتدادا لوصفي وذوقان.. وكم وددت وتمنيت لو أن كان…

ترددت في أمر النشر حينها حتى لا يساء فهمه ويوجه في غير وجهته… وقلت سأمتدح الرئيس وكفاءته وخصاله وحكومته بعد تشكيلها… حكومة والتي لا بد بأن تأتي قوية ملبية لطموح سيد البلاد وأمال وتطلعات شعبه الطيب، وموائمة لطلبات المرحلة الحرجة التي نعيشها من عمر الوطن…

واليوم، ولمفاجئتي الكبرى، يزداد ترددي وتعظم حيرتي أكثر وأكثر. .. فكيف لي أن امتدح واثني والتشكيل جاء بهذه الصورة المخيبة للآمال والتطلعات الشعبية. .. وكيف لي أن انتقد وأقرع وأعود للمخاطرة بسوء الفهم والتقدير وتوجيه الأمور لغير وجهتها … عن حسن نية البعض أو سوء نية آخرين… أو قد يكون في الصمت أبلغ الرسائل، والله أعلم بالنيات التي لا ابغي وراءها سوى مرضاة الله وخير الوطن والناس… فكرت وفكرت.. فقررت البوح على الرغم من مخاطره.. فاصعب البوح هو بوح الوطن.. ولكن الوطن يستحق ذلك وأكثر منه بكثير…

فبالرغم من عدم وجود أي تحفظ شخصي لي على أي من الأخوة الوزراء الذين أتمنى لهم كل التوفيق والنجاح بإذن الله، إلا أن الواجب الوطني يحتم القول بأن تشكيلة الحكومة جاءت مخيبة لآمال الشعب بكل المقاييس. .. كان الشعب يريدها حكومة انقاذ مميزة… قوية رئيسا وأعضاء. . يقوى هو بهم ويقوون به… ويقوون جميعا بثقة ملكية سامية وثقة شعبية غير مسبوقة… ممنوحة مسبقا وعلى بياض… ولكن للأسف هذا ما لم يكن.. فجاءت خيبة الأمل مضاعفة مقدارا ومعاكسة اتجاها لما كانت عليه الآمال والتطلعات والامنيات بداية… فهكذا تكون الأمور عادة عندما تكون الامال والتطلعات الأولية عظيمة وتأتي النتائج مخيبة لها جميعا.. فيسطر الشعب مكرها وبقلم حزين علامة “راسب” لرئيس أحبه دونما مقدمات او إثباتات بالرغم من حرقته ورغبته العارمة بأن يوسمه بعلامة “ناجح بامتياز”.. ولكنه لم يستطع القيام بذلك…

كل ما يمكن تأمله اليوم هو بأن يتمكن الرئيس الجديد من لملمة شظايا الامال والامنيات المهشمة، فينهض هو وحكومته بنهج اقتصادي واجتماعي جديد، فيعود ببث الأمل في نفوس شعب اعياه الارهاق ويتطلع بكل شغف لرؤية نور الحياة والعيش الكريم في نهايه النفق المظلم… وفقهم الله جميعا لذلك…

حفظ الله الأردن عزيزا وقويا ومنيعا. .. وحماه شعبا وارضا وقيادة…

التعليقات مغلقة.