صحيفة الكترونية اردنية شاملة

أُسُس الحِوار الاقتصادي الوطني

بات واضحاً ان أكبر تحدٍ امام الحكومة الجديدة اليوم هو إيجادُ منظومةِ حوارٍ وطني شاملة بين مختلف أَطياف الشارع للوصول الى تفاهمات حول السياسات والاجراءات الاقتصادية المتبعة والعودة الى حالة الاستقرار وقطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الوطن والمواطن.
صحيح ان قانون الضريبة كان سبباً مباشرا في تحريكِ موجة الاحتجاجات الشعبية، إلا انه قد يكونُ ” القَشَّةُ الَّتي قَصِمَتْ ظهر البَعِير “، فالسياساتُ الاقتصادية التي اتُّبعت في السنوات الستة الماضية لمواجهة التحديات الخارجية كانت سياسات تقشُّفية بحتة تحملت جُيوب المواطنين تداعياتها في الوقت الذي لم تنعكس عليه إجراءات التصحيح على دخله الاجمالي الذي ظل مستقراً لسنوات كأرقام مطلقة، في حين ان قُوَّتَهُ الشرائية اخذت بالتراجع نتيجة ارتفاع الاسعار والضرائب والرسوم عليه.
ما يحدث اليوم في الشارع هو وَليد لسياسات اقتصادية تراكمية لا يمكن مُعالجتها بين ليلة وضحاها، وهنا تأتي اهمية الحوار الاقتصادي الوطني الذي دعا إليه الملك الحكومة في كتاب التكليف السامي للبدء به مع فعاليات المجتمع ومؤسساته الرسمية والاهلية.
أُسُس الحِوار الاقتصادي هذه المرة يجب ان تخرج من إطارها التقليدي المتعارف عليه، وان تتضمن شفافية أوسع ومصارحة أكبر مع الفعليات الشعبية، وعدم البقاء ضمن ارقام الموازنات العامة، والتوسَّع في شرح السياسات الاقتصادية ضمن إطار سياسي متكامل، فلا يعقل ان نتجاهل البُعْد السياسي في الموضوع، والملك قالها صراحة في حديثه الاخير معنا ككتاب واعلاميين ان الاردن يدفع ثمن مواقفه السياسية التي من المؤكد انها لا تعجبُ الكثيرَ من القوى.
مظلة الحوارِ يجب ان تستند على مبدأ الموازنة التحديات والضغوط الخارجية وبين متطلبات الامن المعيشي للأردنيين في عملية الاتصال مع الشارع، حينها سيدرك المواطن والحكومة حجم المخاطر التي يتعرض لها، والمؤكد ان يصلا الى تفاهمات مشتركة حول كافة القضايا الاقتصادية الجدلية، لان الحقيقة والمكاشفة والمصارحة تضع الاردنيين امام مسؤولياتهم الوطنية تُجاه حماية وطنهم من أيَّة محاولات للعبث بأمنه واستقراره.

الحِوار اليوم بحاجة الى توسيع قاعدته بين أكبر شريحة من المجتمع خاصة فئات الشباب التي شاركت في الاحتجاجات والتي خرج الكثير منها للشارع بلا عنوان سوى رفض كل ما يصدر عن الحكومة من قرارات واجراءات، فالمطلوب هو ادَّخارهم ومشاركتهم في رسَم الحلول والسياسات الاقتصادية، وهذا النهج كفيل برفع مستوى مسؤولياتهم الوطنية في العملية السياسية.
الحِوار يجب ان يهدف اولاً واخيراً الى إعادة الثقة بين المؤسسات الرسمية والشارع الذي ينظُرُ نَظْرَة رِّيبةُ تجاه تلك المؤسسات، ويعتمد هذا على عنصرين رئيسيين: اولاهما نوعية الخطاب الاعلامي الرسمي تجاه الشارع، وثانيا اجراءات على ارض الواقع كبادرة حسنة على صِدّق التوجَّه.
اخيراً، الحِوار هو ركيزة اساسية في قطع الطريق امام الأَيَادِي الخَفيّة التي تحاول العبث بأمن البلاد وتعمل جاهدة على خلق حالة من الفوضى في الشارع، لذلك المسؤولية جماعية في إِنجاح الحوار الاقتصادي الوطني المنشود.

[email protected]

التعليقات مغلقة.