صحيفة الكترونية اردنية شاملة

لكي لا يختلط الزيت بالماء

كثر اللغط مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الاعلام والبرامج الحوارية عن قضية اساسية تمس واقع حياة المواطن الاردني على المستوى اليومي، وهي معادلة تسعير النفط ومشتقاته من المحروقات. ونقول نفط وليس بترول لانه “خالي من الغاز” بحسب الاصطلاح العالمي وهذا بحد ذاته سيفتح باب منفصل للنقاش سنطرقه لاحقاً اما من تحت القبة او في مقالة لاحقة حسب مقتضى الحال.
وكمهندس عامل في قطاع الهندسة وعضو نقابة مهندسين احب ان اعطي الامور مسمياتها بدايةً حتى يسهل فهمها ويتم ازالة الغموض عن تفاصيلها. بالتالي سابتعد عن مسمى معادلة لانها بلاشك “غير موزونة” ومصطلح “الية تسعير” ايضا لاينطبق حتى لغوياً على مثل هذه الحالة. وبالعودة لأدبيات سوق البترول والنفط ومشتقاته بالذات نرى ان استخدام مصطلح سلسلة تزويد النفط ومشتقاته “supply chain” هو المصطلح الذي يجب استخدامه لتبدأ عملية الكشف عن مكونات السلسة وبالتالي كلفها والقائمين عليها من ادارة ومسؤولياتهم وواجباتهم “supply chain management ” وكمخرج ثانوي لهذه المعلومات فانه يصبح بالامكان مساءلة الاشخاص عن ادائهم وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب كما ارتأت الحكومة في اكثر من مناسبة ساتطرق لها لاحقاً.
بداية لابد من فهم قطاع البترول باقسامه الثلاث وسيكون لي تعقيب سريع على كل مرحلة او قسم…
المرحلة الاولى وتسمى مرحلة الاستكشاف والانتاج”Up-Stream E&P” وهي تتعلق بالتنقيب عن البترول وحفر الابار وصيانتها وتعميقها وادامتها وكل ما يتعلق بهذه التكنولوجيا وادارتها . وبالنسبة للاردن وعند التحري عن حقيقة وجود البترول في الاردن من عدمه، تولدت لدي قناعة حقيقية بان البلد غير مستكشف، حيث انه على مدى كل السنوات السابقة لم يتم حفر اكثر من 150 بئر اسكشافي على مستوى الوطن وهذا لا يمكن ان يقود الى اي استنتاج في عالم البترول بحسب الخبراء.
المرحلة الثانية وهي محلة متوسطة “’Mid-Stream”متعلقة باللوجستيات والنقل وهي غير واضحة بحسب هيكيلية وزارة الطاقة الاردنية حيث لم نجد اي معلومات او كلام بخصوصها
المرحلة الثالثة وهي المفضلة لدى الوزارة وتسمى مرحلة التكرير والتوزيع “down-Stream” وبحسب الاسم فان الكثير من كلفة المنتج النهائي في السوق “بنزين وخلافه” يعتمد على كلفة التكرير والتي يدخل في حسابها كميات المياه المستخدمة لاذابة الاملاح بداية من الخليط النفطي وكلف المواد الكيميائية لازلة الكبريت والحوامض وكلف الكهرباء المصاحبة وكفائة العمليات بشكل عام والتي لم تعطينا وزارة الطاقة اي معلومة عنها باي مرحلة من المراحل وتكتفي برقم اصم عن كلفة عامة للمصفاة ونسبة ارباح غير مفهومة بظاهرة غريبة نرجو انها انتهت مع بداية ايار الحالي ولكن انتهائها لا يعني الاعفاء من المسؤولية عن ما سبق.
وبخصوص المشتقات المستوردة على شكل منتج جاهز عن طريق الشركات التسويقية الثلاث “المناصير،توتال،جوبترول” فان لوجستياتها وكلفها ومحدداتها تخضع بالاعتماد على البورصات العالمية.
وبشكل عام فانالعقود في عالم البترول و النفط ومشتقاته هي عالم متكامل بحد ذاته، والمعلومات المتاحة لي كنائب مشرع و رقيب على اداء الحكومة هي بالحد الادنى في هذا الخصوص (علماً بانني قد ارسلت بالطرق الدستورية اكثر من سؤال للحكومة بلا اجابة)، حيث لم يتضح لي وبخاصة بعد تغريدة معالي الوزيرة طبيعة العقود الاجلة المبرمة وهل هي عقود اجلة لنفط خام ام لمنتج نهائي وهل يلجأ القائمين على هذه العقود الى مفهوم ضمان الاسعار المستقبلية “Hedging” ام لا، ومن المسؤول عن الاستيراد للدولة الحكومة ام المصفاة ام الشركات التسويقية ام خلطة، وما دور وهدف المخزون الاستراتيجي المشار اليه في نشرة وزارة الطاقة، واين هو. ومن هو الرقيب على العملية ككل علماً ان اسعار المشتقات كمنتج نهائي قد نزلت بنسب تتراوح مابين 1-2% بحسب الاسواق العالمية.
المطلوب من معالي الوزيرة وبشكل تفصيلي وواضح وصريح تحديد سلسلة التزويد للمنتج النهائي حيث يظهر لنا بحسب الشرح اعلاه ان المشتقات او المحروقات في المحطات يمكن ان تاتي من خلال المصفاة او من خلال الشركات التسويقية وكل له مكوناته ولوجستياته وكلفه التي تختلف فيما بينها واسواقه وبورصاته العالمية. كما ارجو تحديد الجهة المسؤولة عن كل جزء بسلسلة التزويد واليات الرقابة والتشريع الاردني النافذ بهذا الخصوص. ونراكم من تحت القبة قريباً باذن الله.

 

التعليقات مغلقة.