صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحوار الحكومي الجديد حول مشروع قانون الضريبة

مع بدء تحركاتها لإجراء حوارٍ جديد حول المشروع المُعدّل لقانون ضريبة الدخل، تواجه حكومة الرزاز تحدياً حقيقياً في تنفيذ حوار “وطني” يتجنب أخطاء الحكومة السابقة ويحظى بثقة المواطنين، ويؤول، حقيقةً، إلى تطوير النظام الضريبي في الأردن.

قبل البدء بالحوار، على الحكومة أن تتبنى رؤية جديدة تهدف إلى بناء جسور الثقة مع الناس لتحقيق التغيير المنشود، ولن يحدث هذا إلاّ إذا أعادت تعريف المصلحة العامة بوضع مصلحة المستهلك فوق مصلحة الخزينة على سلّم التعريف، كرؤية جديدة تنطلق منها كافة أعمالها وقراراتها ومنها المتعلقة بمشروع القانون.

إنجاح الحوار باعتقادي سيتطلب أولاً إعلان الحكومة عن إلغاء الزيادات الضريبية من مشروع القانون كلياً، والابتعاد عن حديث المديونية. بحيث ينصب الحوار على جوانبه القانونية والإجرائية المعنية بمجملها بتطوير النظام الضريبي. كما يجب أن تتقدم الحكومة للعموم بتصوراتها “الواضحة” و”المباشرة” حول ما يتوجب تعديله في مشروع القانون “الإشكالي” قبل البدء بهذا الحوار.

لربما أضحت النقابات المهنية الوجهة الرئيسية للحكومة الجديدة لإجراء الحوار الوطني الجديد، على اعتبارها الجهة الوحيدة التي لجأ إليها الناس لمواجهة مشروع القانون السابق. لذا، فإنّ إنجاح أي حوار نقابي- حكومي سيتطلب أيضاً من “النقابات” إجراء حوارات داخلية حول مشروع القانون من خلال لجانها المختصة الممثلة لهيئاتها العامة تحقيقاً للشفافية، ومن ثمّ تقديم مقترحاتها النهائية للحكومة والعموم قبل بدء الحوار.

وإن أصرّت الحكومة على المخاطرة بإخضاع الزيادات الضريبية للحوار، فإنّ المشكلة التي ستظهر في هذه الحالة هي أنّ “النقابات” غير متخصصة في تمثيل “المستهلك الفرد” عند تقييم الآثار الاقتصادية لأي زيادات ضريبية مقترحة، بل سينصب دور النقابات الرئيسي على اقتراح التعديلات القانونية والإجرائية المتعلقة بتطوير النظام الضريبي البعيدة عن الآثار الاقتصادية لمشروع القانون على المواطن. لذلك لن تجد الحكومة على أرض الواقع من يمثل مصلحة المواطن المباشرة في نقاش الزيادات ضريبية إن أصرت عليها.

لا بُدّ أيضاً أن توسّع الحكومة نطاق الحوار ليشمل مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات أهلية إلى جانب الغرف التجارية والصناعية. وعليها أن تحرص على تجنب “الحواضن التقليدية” من “منتديات” و”مجالس” والتي رعت حوارات مشروع القانون مع الحكومة السابقة بشكلٍ ساهم في الترويج لمشروع القانون الإشكالي.

أمّا الحوار الحكومي النيابي؛ فلن يكون له أثرٌ لدى المواطن، ولكن أعتقد أنّ الحكومة ستُجريه على أي حال لتحقيق الشكلية، ولاحتواء أعباء الهجوم النيابي الروتيني المرهق الذي يفرضه الواقع.

لا بُدّ أنّ الرئيس الجديد يعي تماماً أنّ كل هذه الأزمات و “الأعطال” لم تكن لتظهر لو كان هناك تمثيل فاعل وحقيقي للناس في مجلس النواب. هذا يحثّ بالطبع على وضع قانون انتخاب “عادلٍ” يشجع ويضمن إفراز تمثيلٍ كفؤاً في مجلس النواب ويحوز على ثقة المواطن.

التعليقات مغلقة.