صحيفة الكترونية اردنية شاملة

موازنة 2019

صَدَرَ قبل ايام قليلة بلاغُ رئيس الوزراء الخاص بأعدادِ مشروعِ قانونِ موازنة 2019، وهو ما يستَدْعي من الوزارات والمؤسسات الرسمية تقديمَ خططها ومؤشراتها المالية للحكومة استعداداً لمناقشتها وتبويبها في خطةِ الدولة المالية للسنة المقبلة.

الظّرفُ الرَّاهِن يختلفُ عن كل الظُّرُوفُ السابقة، والوضع الاقتصادي يقتضي هذه المرة أن تتعامل الحكومة بنظرة غير تقليدية مع موازنة العام المقبل، وأن تحدث فيها ثورة حقيقية من حيث الإعداد والضبط الحقيقي للأنفاق.

نقول ذلك لأن مديونية الدولة وصلت اليوم الى 97 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وخدمة الدين تتجاوز 1.07 مليار دينار، والوضع الاقليمي في أسوأ حالاته، فالحروب الإقليمية فرضت حصاراً مباشراً على الاقتصاد الاردني، والذي انعكسَ بذلك على الصادرات الوطنية الذي يعتبر احد اهم أسواقها الاستراتيجية وهي السوق العراقية التي كانت لوحدها تستحوذُ على اكثر من مليار دولار من اجمالي الصادرات الاردنية، وخسارة السوق السورية التي كانت ايضاً تستحوذ على ما يقارب 500 مليون دولار، مما جعلَ اتجاه الصادرات يسيرُ سلباً عكسُ الأهداف المرجوة.

الاستثمارُ كان الأكثر تعرضاً لاستقبالِ تداعياتِ الازمة الإقليمية، فالتدفقاتُ الإستثمارية تبحثُ عن مواطن آمنة ليس في بلدٍ مُحدد، وإنما في المنطقةِ كاملة، والامر لا يختلفُ ايضاً للتدفقات السياحية. كُلها مؤشرات باتت اليوم أَسيرةٌ للتغيرات الاقليمية، وأفرزت تداعياتٌ سلبية ضاغطة على السياستين المالية والنقدية للدولة في السنوات الاخيرة.

هنا يتطلبُ من الحكومةِ التحرك فوراً لإعادة النظر في تركيبة هيكلية الموازنة الاردنية، واقصد هنا في إعادة النظر فيما يسمى ببند النفقات الرأسمالية، والتي باعتقادي أنها بأمس الحاجة اليوم لترتيبها وتصنيفها من جديد، والتأكد من قيمتها المُضافة على الاقتصاد الوطني.

المقصود بالقيمةِ المُضافة للنفقات الرأسمالية هو ان تكون مشاريعها تتمتع بمؤهلاتٍ قادرة على جذب عملات صعبة وجلب تكنولوجيا عالية وتشغيل أيدي عاملة اردنية وتستخدم مدخلات إنتاج محلية، مما يترك الاثر البالغ على الحركة الإيجابية على مؤشرات الاقتصاد الوطني في حال التحقق من توفر الشروط السابقة.

يكفينا التعاملُ مع بند النفقات الرأسمالية على انها نفقاتٌ تشغيلية، وألا كيف تفسر الحكومة إنفاق أكثر من مليار دينار في الاقتصاد الوطني سنويا والنمو الاقتصادي لا يتجاوز 2 بالمئة في اقتصاد صغير مثل الاقتصاد الاردني.

الاردن ليسَ بحاجةٍ اليوم الى مدارس او مباني او مستشفيات جديدة بقدر ما هو بحاجة الى صيانة ما هو قائم منها والتي يعاني الكثير منها من نقص في الخدمات، لسنا بحاجة إلى فتح طرق جديدة، فالحكومات السابقة انفقت ما يقارب المليار دينار فقط لا غير على طرق جديدة من اموال المنحة الخليجية، فهذه ليست اولوية تنموية، نحن بامس الحاجة الى مشاريع تنموية رافعة ورافدة للنمو الاقتصادية وتعزز من مسيرة التنمية فقط لا غير.

 

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.