صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحكومة والنواب في وَرْطة

ليسَ من السهل على حكومةِ الرزاز الحصولُ على ثِقةٍ عالية من مجلس النواب الذي باتَت الكثير من اعضائه خارج إطار المُعارضة التقليدية يوجهون سهامَ نقدهم لها مُنذ اليوم الاول لتشكيلها.

حكومة الرزاز في وضعٍ لا يُحسد عليه من عدةٍ جوانب، فهي جاءت على انقاض ازمةٍ اقتصادية خانقة وتراكمات مالية سلبية رحّلتها حكومات سابقة، وهي الآن تُجني تداعياتها الخطرة على أمن واستقرار الاقتصاد الوطني، والمعالجاتُ ليست بالسهل، فهي في وَرْطةٍ حقيقية بين تلبيةِ مُتطلبات التصحيح المالي مع صندوق النقد الدولي والمانحين من جهة، وبينَ مُتطلباتِ الأمن والاستقرار المعيشي  للمواطنين الذين دفعوا ثمنَ السياسات التقشفية التي اتبعت منذُ سنوات، والتي كانت نتيجتها مزيداً من الأعباء المالية والضريبية التي اثقلت كاهله وأدت إلى تراجع قوتهٍ الشرائية من جهة اخرى.

النواب من جهتهم ينظرون للحكومة وتحديداً لشخص الرئيس الرزاز انه يتجاوزهم في الكثير من القضايا والأمور الاقتصادية بهدف الشعبوية، وأن قراراته في النهاية تَضرُّ بشعبيتهم في الشارع، ويتهمونه صَراحة بعدمِ التنسيق المسبق بينهم.

هذا المشهد المؤلم لا يوجدُ لهُ حلٌ في المرحلة الراهنة إلا الحوارُ المتواصل والصراحة من الطرفين، فالحكومةُ لِوحدها غيرُ قادرة على السَيْر ببرنامجها دون الاستعانة بالنواب، والمجلسُ لا يستطيع أن يواصل انتقاده للحكومة لمجردِ انها تُخاطب الشارع في كثير من الاحيان، فالأمرُ يحتاجُ إلى توازنٍ في المعادلةِ بهدف المصلحة العامة.

الحكومةُ التي جاءت على إثر احتجاجات شعبية ليس بمقدورها تجاهلُ النواب أو تجاوزهم، فهي ليست حكومة مُنتخبة، هي مثل سابِقاتها بالتعيين، مع اختلاف الظرف فقط لا غير.

النوابُ هُم الآخرون في وضعٍ لا يحسدون عليه في الشارع، فالنظرةُ السوداوية تُسيطرُ على المشهد العام لناخبيهم، فغالبيتهم مُتهمونَ بإنهم كانوا شركاء في الأزمة الاقتصادية، وهم ساهموا في ردم فجوة الثقة بين المجتمع والسلطات، والأمرُ لا يختلفُ في هذا الجانب أيضاً بالنسبة للحكومات، فكلاهما محطُ عدمِ ثقةٍ الشارع.

للخروج من وَرْطةِ عدم ثقةِ الشارع بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، فإن الأمرَ يحتاجُ للوصول إلى تفاهماتٍ مُشتركة في القضايا الأقتصادية ذاتِ الجدل الكبير بين أوساط المجتمع، والإتفاق على برنامجٍ اقتصادي وطني مؤسسي عابرٌ للحكومات والنواب معاً، ولا يرتبطُ بحكومة ما أو مجلس كما يحدثُ دائماً،  فالوضع الاقتصادي الراهن وما يحيطهُ من تقلباتٍ سياسة إقليمية مُقلقة لا يقبلُ مُزايدات السلطات على بعض، فالجميعُ يتحملُ مسؤولية ما آل اليهِ الوضع الاقتصادي، والجميع مُطالبٌ بتحمل المسؤولية الوطنية تُجاه ما يحدث والابتعاد عن الشعبوية التي “لن تغني ولن تسمن اليوم من جوع “.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.