صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مفهوم الدولة الفاشلة او الهشة

ظهر مفهوم الدولة الفاشلة كمصطلح سياسي في الأدبيات السياسية والأكاديمية الأمريكية في اواخر القرن العشرين مع انهيار الحكومة الصومالية (1995)،وإزداد الإهتمام العالمي بخطر الدول الفاشلة إقليميا ودوليا، بعد أحداث 11/9/2001 من خلال تصديرها مشاكل : الإرهاب الدولي، تجارة المخدرات، الأسلحة غير الشرعية، اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين إلى الدول الغربية وغيرها، وتبرز أهمية هذا الموضوع نظرا لتصدر العديد من الدول العربية لمؤشر الدول الفاشلة : الصومال، السودان ، العراق ، سوريا ، اليمن ، ليبيا …..الخ. 

وعلى الرغم من عدم وجود تعريف جامع مانع لهذا المفهوم مثله مثل جميع المصطلحات السياسية، إلا أنه يشير بشكل عام إلى أن الدولة الفاشلة تتميز بعدد من الخصائص :- إخفاقها بالقيام بوظائفها الأساسية بشكل جزئي أو كلي خاصة توفير الأمن وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين،فقدانها السيطرة الفعلية على جزء من أراضيها وعجزها عن تأمين حدودها، إفتقادها احتكار الاستخدام المشروع للقوة،إستبداد وفساد النظام السياسي وتراجع شرعيته داخليا وخارجيا ،إنعدام تداول السلطة، وتفشّي الفساد الإداري في أجهزتها ومؤسّساتها، بالإضافة إلى غياب النظم القانونية أو ضعفها، فقدان الثقة بالدولة ومؤسّساتها، تراجع وظيفة الدولة لجهة تقديم الخدمات العامة، إساءة استخدام السلطة وزيادة التدخل الخارجي في شؤون الدولة الداخلية،وجود صراع بين النخب الحاكمة، تراجع مكانة الدولة الإقليمية والدولية،وجود تحديات داخلية حادّة تهدّد بقاء الدولة ذاتها أو نظامها السياسي،وجود حالة من العنف السياسي الشامل أو صراع مسلح لا تتمكن الحكومة من احتوائه، وجود صراعات بين المكوّنات العرقية والدينية والطائفية والثقافية،أو حدوث حرب أهلية، استخدام مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية في قمع المواطنين وإرهابهم، ضعف مؤسسات الدولة وتصدع الأجهزة العسكرية والأمنية، ضعف البُنى التحتية أو عدم ملاءمتها، إنهيار النظام الصحي والتعليمي، انتشار الإرهاب والعنف الإجرامي والسياسي وانتشارالمخدرات،ارتفاع نسب الفساد المالي والإداري والسياسي،فقدان الدولة مكانتها الإقليمية والدولية،وجود أزمة اقتصادية(إرتفاع المديونية الداخلية والخارجية،زيادة نسب الفقر والبطالة ،انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية بسبب التضخم النقدي وزيادة الاسعار،تراجع نسب النمو الاقتصادي،غياب التوزيع العادل للسلع الاجتماعية والإقتصادية،انخفاض مستويات الناتج المحلي الإجمالي ، وجود نظام ضريبي غير عادل ، التهرب الضريبي ،وجود اقتصاد موازي وانتشار التهريب والسوق السوداء )، وجود مشكلات لاجئين ونازحين وهجرة الكفاءات .

وتولت عدد من المؤسسات البحثية والأكاديمية الأجنبية غير الحكومية ، وضع معايير ومؤشرات لتصنيف الدول حسب درجة فشلها، وأبرز تلك المؤسسات مؤسسة (صندوق السلام) الأمريكية التي تقوم بإصدار تقرير سنوي بالتعاون مع مجلة السياسة الخارجية الأمريكية منذ عام (2005)،وتم استخدام مصطلح الدول الهشة بدلا من الدول الفاشلة عام(2014)، ويرتب هذا التقرير الدول حسب درجة فشلها وفقاً لمؤشرات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وأمنية، وحسب مجموعة من المعايير وفق آلية علمية تستخدم برامج معقدة ومتطورة تقوم بمسح عشرات الآلاف من المصادر الإخبارية لجمع المعلومات وتحليلها، ومن ثم تأطيرها ضمن (12) مؤشراً فرعياً، وهي: المؤشرات الاجتماعية( الضغوط السكانية، واللاجئون ونازحو الداخل، المظالم الجماعية، الهجرة الخارجية وهجرة الأدمغة)، المؤشرات السياسية والعسكرية ( شرعية السلطة، الخدمات العامة، حقوق الانسان وحكم القانون، الأجهزة الأمنية، تصدع النخب، التدخل الخارجي)،المؤشرات الاقتصادية( التنمية الاقتصادية غير المتوازنة، الفقر والتدهور الإقتصادي)، وتتراوح قيمة كل من هذه المؤشرات بين (0-10)، وكلما حازت الدولة علامات أعلى تصدرت قائمة تصنيف الدول الفاشلة.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت لمفهوم الدولة الفاشلة وللمؤشرات والمقاييس التي أعتمدت في تصنيف الدول كدول فاشلة، وبأن دوافعها سياسية تمهد الطريق لتدخل الدول الكبرى في الشؤون الداخلية العربية، الا أنه من المفيد أخذ هذه التصنيفات بعين الإهتمام والإستفادة منها كانذار مبكر لمعالجة أوجه الضعف والخلل داخل كل دولة، وكذلك الإستفادة من التقارير والتحليلات التي تصدرها هذه المؤسسات، المعنية بتصنيف الدول الفاشلة، عن كل دولة ، كما أنه مطلوب من الدول العربية الأهتمام بوظائف الدولة الأساسية وتلبية حاجات المواطنين من الخدمات الأساسية وخاصة الأمن وخدمات البنية التحتية، والقيام بإصلاحات سياسية متدرجة، تضمن المشاركة السياسية الواسعة لكل مكونات المجتمع، وتحقيق العدالة الإجتماعية وسيادة القانون، وإحترام الحريات وحقوق الإنسان وكرامة الناس، والشفافية ومحاربة الفساد السياسي والمالي والإداري، وترسيخ مفهوم المواطنة القانونية، وتعزيز شرعية النظام السياسي على أسس قانونية ودستورية، ودعم الطبقة الوسطى ومؤسسات المجتمع المدني،ومحاربة الفقر والبطالة وتوزيع مكتسبات التنمية الإقتصادية بعدالة داخل كل دولة، وضمان حقوق الأقليات والمرأة .

التعليقات مغلقة.