صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فساد متعدد الرؤوس والدوابر!!

خيري منصور

العبارة التقليدية التي ترد في سياقات ذات صلة بالفساد وهي قطع دابره فقدت بمرور الوقت وتفاقم الفساد دلالاتها، لأن الفساد شأن كل الظواهر المضادة للتاريخ والقوانين متعدد الرؤوس والدوابر ايضا، واشبه بحيوان الهيدرا الذي يتحول اي جزء من جسده الى كائن مكتمل النمو، ولفساد ثقافة ومنهج تفكير وانماط سلوك، واصبحت له تعاليمه وتقاليده وعدواه لهذا كان من المفاهيم التي تعولمت قبل ان يظهر مصطلح العولمة، فهو بلا جنسية او هوية وعابر للعصور والحدود.

وقبل قرن ظهر من يقولون ان قليلا من الفساد ضروري لاختراق البيروقراطية وتسريع ايقاع البرامج التنموية وتجاهل هؤلاء ان شرعنة قليل من الفساد هي كتبرير قليل من القتل، وان قتل امرىء واحد هو تشريع لقتل البشرية جمعاء، وفي عالمنا العربي تكررت كلمة الفساد ملايين المرات في كل وسائل التعبير واصبح عدوا غامضا ومجهولا وبلا نسب، لهذا انتهت المزاعم بالقضاء عليه وعلى دابره الى تفاقمه الكارثي، واصبح كالذباب الذي تلقح ضد المبيدات واصبح يتغذى بها!

وقد يكون للفساد اسماء اخرى مستعارة للتخفيف من وقعه على الاذن، وغسل سمعته القبيحة في الذاكرة، لكنه يبقى فسادا ولا شيء آخر!

أما المفارقة فهي ان هناك من اقاموا فاصلا بين الفساد والمفسدين، وبقدر ما يلعنون الفساد نهارا يسبحون بحمد الفاسدين ليلا، وهذا التجريد لم يتوقف عند الفساد بل شمل مجالات اخرى عديدة منها الاجتماعي والثقافي والسياسي، وانتهى الامر الى هذه الكوميديا السوداء التي تتلخص في مديح العروبة وازدراء العربي، وتمجيد الصدق ومعاقبة الصادق، والتغني بالوطن ومطاردة واقصاء الوطني!

إن فسادا متعدد الرؤوس ومجهول النسب هو بالضرورة متعدد الدوابر!!

التعليقات مغلقة.