صحيفة الكترونية اردنية شاملة

فَضِيحَة الدُخَّان

يُسجلُ لحكومةِ الرزاز تعامُلها الشَفَّاف مع قضية مصنع الدُخَّان، واصرارُها على ترجمة تعهداتها بمحاربة الفَساد بعد يوم واحد على نَيْلها ثِقة النواب إلى اجراءات على ارضِ الواقع لا تقبل الشَكّ، وأن كان البعض من ضعفاء النفوس يرون أن الحكومةَ تلعبُ على وترِ الشعبوية لا أكثر من هذا الاجراء، وهو في رأيي الشخصي قتلٌ لجهودِ الدولة في كشفِ الفاسدين واسترداد الأموال العامة للخزينة.

 

قَضيّة مصنع الدُخَّان بهذه التفصيلات التي اعلنتها الحكومة تعطي دلائل ومؤشرات هامة في عدةِ جوانب لعل أبرزها: أن الفَساد الاداري باتّ مُعششاً في بعضِ الاجهزةِ الخدمية الرسمية، وان هناك “ شِلَّة” موظفين يقررون صَفقات مشبوهة وفق آليات يفرزونها لتمريرها وكأنها صَفقات رسمية من خلال التصاريح والتراخيص الرسمية.

 

هذهِ الفَضِيحَة تُثبت أن ما يتحدث به المواطن من وجود فَساد ورَشَاوَى منتشرة بين موظفي بعض الدوائر كلام صحيح ولا غبار عليه، والانكار الرسمي ما هو الا إِنْكار لحقيقة مرة لمرض أصاب جزءاً هاماً من القطاع العام والإدارة المحلية التي كان الاردن يتباها بإنجازاتها ومستوياتها لدرجة انها كانت مثلا للإنتاجية والكفاءة والاخلاص في دول الجوار.

 

فَضِيحَة بهذا النوع يؤكد بما لا يدع الشَكّ ان مسألة التهرب الضريبيّ موجودة في الاردن غالبيتها وفق احكاك القانون تتم، فالتفاهمات بين الفاسدين وبعض الموظفين وترتيب الصفقات المشبوهة بأحكام لا تشوبها شائبة.

 

الأهم من ذلك كله، أن هناك فاسدين باتّت لديهم نفوذٌ كبير في المجتمع من خلال اتصالاتهم  مع كبار رجال الدولة، وكأنهم بذلك يعملون على حصولهم من حصانة لكافة اعمالهم وانشطتهم، وباتوا ينظمون الدورات والاحتفالات والمؤتمرات لتغطية انشطة مريبة لأعمالهم  برعايات رسمية في بعض الاحيان مع كل اسف، وهذا ما يُسمى “الأَمارة والتجارة معا”، واذا ما دققنا ثراء بعض المسؤولين لنجدَّ العجب العجاب، من شخص يعمل طيلة سنوات خدمته في  القطاع العام وهو ابن عائلة بسيطة لتجده يسكن افخم الفلل في ارقى المناطق ويقتني احدث موديلات السيارات، وتجدهُ يمارسُ انفق استهلاكي يوازي ثراء العائلات الثرية التاريخية في المملكة ان لم يكن اكثر .

 

ما حدث يستدعي من الجهات الرسمية المسؤولة هذه المرة مواصلة الانفتاح الاعلامي والاجابة على تساؤلات الشارع فيما يتعلقُ بكيفية خروج المتهم الرئيسي من البلاد وإذا ما كان هناك ترتيباً لإخراجه ام لا، حتى لا تتكرر فضيحة خروج السجين خالد شاهين قبل سنوات.

 

تحالفات بعض رجال الاعمال الطارئين على المجتمع مع مسؤولين في مختلف السلطات هو عملية جُرْميَّة تستحق من الدولة التقصَّي عنها وانهائها بكافة اشكال القانون، لأنها في النهاية تطاولٌ على المال العام من جهة، وتخطي حدود سلطة القانون من جهة اخرى.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.