صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الحِوار الضَرِيبيّ في النُوّاب

انهت الحكومة سِلسِلة لقاءاتها مع مختلفِ الفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنقابية للاستماعِ الى آرائهم بشأن مشروعِ قانونٍ جديد لضَرِيبة الدخل، اِستَمَعَت ودَوَّنَت جميع ملاحظات المجتمع المؤسسي، وهي الآن بصدَد اِستِكمال الاِستَمَاع لآراء وملاحظات المواطنين من خلال طرحِ المسودة الأولى للمشروع على موقعِ ديوانِ التشريع والرأي، ليُصار بعد ذلك لإقراره في مجلس الوزراء ومن ثم ارساله الى السُّلطة صاحبةِ الولاية في التَّشْريع وهي مجلس الأُمَّة.

في الغرفة الاولى سيكون لمجلس النُوّاب دوراً كبيراً في اِستِكمال الاِستَمَاع إلى وجهةِ نظر الفعاليات المختلفة حول المشروع الاكثر جدلاً في المجتمع خلال الآونة الاخيرة، وستكون موضوع الشعوبية حاضرة عند بعض النُوّاب على اعتبار ان هذا القانون يُدغدغ القاعدةَ الانتخابية لهم، مما قَدْ نُشاهد مزاودات وسقوف مطالبات وشكل جديد من اشكال المعارضة يختبف عن سابقية هذه المرة.

في الاساس عندما يكون مشروع قانون ضَرِيبيّة الدخل عند النُوّاب، فالأمر يتطلب الابتعادُ عن الشعبوية والتحقق من أن مسودة المشروع التي تقدمت بها الحكومة حَقَّقَت المتطلبات الاساسية من اي قانون ضَرِيبيّ وهي كل الآتي:

اولا: تحفيزُ الاقتصاد الوطني والمساهمةِ في تحسينِ بيئة الاعمال وتنافسية الاقتصاد، والتحَقَّق من أن عجلة النمو ستعود وتخرجُ من حالةِ التباطؤ المسيطرة عليه منذ سنوات عدة أدت الى تزايُدِ معدلاتِ البطالة والفقر.

ثانيا: استدامة قدرةِ الخزينة على توفيرِ الغطاء المالي المُناسب لتمويل نفقات جهاز الدولة العام بشقيه المدني والعسكري، وتوفيرِ مُخصصاتٍ كافية لتغطية الخدمات الاساسية من تعليم وصحة ونقل.

ثالثا: الحفاظ على الامن المعيشي للمواطنين، والابتعاد عن جيوب الدخول المحدودة من ابناءِ الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، والعمل على تعزيز سبل تحسين قدرتهم الاستهلاكية، وكَبَحَ جِماحَ التضخم الذي تشهده الاسواق في الفترة الاخيرة.

رابعا: مُواجهة المديونية التي فعلا اليوم باتَت كابوساً للموازنات العامة والمُستنزِف الاكبر لعوائد الدولة المختلفة، حيث ان هنالك ما يقارب الـ 1.07 مليار دينار فقط تذهبُ لخدمةِ الدين العام وهي نسبٌ كبيرة تستنزفُ موارد الدولة الى اتجاهات غير تنموية.

خامسا: مَنَّعُ التهربِ الضَرِيبيّ والذي يعتبر احد آفات القوانين السابقة التي فَشلت جَميعُها في الحدّ من التهرب الضَرِيبيّ وزيادة التحصيل من شرائح فعلا بدأت تتخذُ من القانون نفسه وسيلة للتهرب الضَرِيبيّ، مما لا يحقق العدالة في الاستحقاق الضَرِيبيّ بين شرائح المجتمع.

في النهايةِ إذا كان إِقرار مشروع قانون ضَرِيبةِ الدخل هو مطلبٌ إصلاحي داخلي لتحقيق العدالة في توزيع ثروات المجتمع بين فئاته المختلفة، فإنه ايضاً جزءٌ من مُتطلبٍ إصلاحي دولي لاستدامة علاقة الاردن بالمانحين والمؤسسات الدولية التي تتطلع هي الاخرى لقانون ضَرِيبيّ جديد في المملكة يساعدها في تقديم المساعدات والمنح والقروض للأردن بشكل يُمكّن الحكومة من إعادةِ جدولة ديونها بشكل افضل من حيث الفوائد مما هي عليه الان.              

. [email protected]

 

 

التعليقات مغلقة.