صحيفة الكترونية اردنية شاملة

الاردن وصفقة القرن : لا نعلم أم نُطنّش !؟

في معجم المعاني ترتبط كلمة طنّش بمثل شعبي دارج يقول ” طنّش تعش تنتعش ” ، ولم اجد في وصف المواقف الرسمية الاردنية والعربية ، التي تدّعي بانها لا تعلم شيئاً عن صفقة القرن ، إلا ما يوحيه هذا المثل البائس ، الذي يصلح في حياة الأفراد لكنه كارثة عندما يتعلق الامر بمصائر الاوطان . وحال هذه المواقف كحال من يزعم بان الوقت نهاراً فيما هو ليل بهيم مُدلهم .
( الأعمى اصبح بصيراً ) امام وقاحة وغطرسة ترمب في التعامل مع القضية الفلسطينية ، فما يفعله هذا الرجل منذ ان أنبأ العالم عن وجود صفقته هو تجاهل الحقوق الفلسطينيية والسعي لتصفية ملفاتها واحدا بعد اخر ، وصولاً الى ما يسعى وتسعى اليه الحركة الصهيونية وهو إلغاء فلسطين وشعبها من خريطة العالم الجيو سياسية . وبجانب ذلك وفِي خطٍ موازٍ ،عمل ترمب ويعمل ، على تجاهل الدول العربية وتتفيه اي رد فعل او موقف منها ضد اسرائيل واحتلالاتها او تجاه ما يقوم به من دعم على بياض للصهيونية وأحلامها التوسعية الاستعمارية الإحلالية .
– صفقة ترمب يا سادة يا كرام ، تنفذ بنداً بنداً على الارض الفلسطينيية منذ السادس من كانون الاول من العام الماضي يوم إعلانه القدس عاصمة لدولة اسرائيل وتنفيذها في مراحله النهائية .
كان هذا هو البند الاول من الصفقة وقد كرّسه بنقل السفارة الامريكية اليها في أيار الماضي .
– اما البند الثاني : إعلان البيت الأبيض عزمه على إلغاء وكالة الاونروا للاجئين الفلسطينيين مشفوعاً بقرار ترمب بوقف الدعم الامريكي السنوي لها والبالغ حوالي ٥٠٠ مليون دولار ، وبالفعل لم تدفع إدارة ترمب الا ٦٠ مليونا ،. تصفية الاونروا يعني إلغاء حق العودة للاجئين .
– البند الثالث للصفقة الذي جرى تنفيذه هو اعلان الكنيست بان اسرائيل دولة قومية لليهود فقط ، مما نزع المواطنة عن مليون ونصف فلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام ٤٨ . وهو ينزعها عن الفلسطينيين في القدس المحتلة كما يمهد لنزعها عن جميع الفلسطينيين في الضفة المحتلة ، لان اسرائيل لم ترسم حدودها النهائية مع الضفة ولن تفعل ، تاركة رسم هذه الحدود لعجلة الاستيطان والجدار العازل . ان قرار القومية اليهودي هو بند من بنود الصفقة وفِي إطار تنفيذها .
لقد وصف طاهر المصري قرار يهودية الدولة بانه النكبة الفلسطينيية الثانية وهذا وصف دقيق ، واضيف ، بان هذه النكبة في إطارها العربي الراهن هي أشد واعتى من النكبة الاولى ، لان العالم في النكبة الاولى ، كان يرى في اسرائيل جزءاً من قرار اممي بتقسيم فلسطين الى دولتين عربية واسرائيلية ، لهذا اعتبر لاجئاًمن غادرها بسبب الحرب وله حق العودة ، فانشئت وكالة الاونروا وأصدر مجلس الامن القرار ١٩٤ عن حق العودة ، اليوم في ظل صفقة القرن ( النكبة الثانية ) وتطبيقاتها تنفرد أمريكا وإسرائيل بتنفيذ حل يصفي جميع ملفات القضية الفلسطينيية واحدا بعد آخر، بدون ردود فعل عربية ودولية ذات قيمة . فقبل قرار يهودية الدولة شنت إدارة ترمب هجوما على ساحة الاعتراف الدولية بالقضية فانسحبت من اليونيسكو ،ومن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ، ردا على تأييدهما للشعب الفلسطيني وفِي ذلك رسالة تهديد لكل من يواصل هذا التأييد .
– البند الرابع للصفقة الذي يجري تنفيذه هو : تدمير الأقصى او تقاسمه لغرضين ١- تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة الهيكل لانه كما قال بن غوريون ” لا قيمة لاسرائيل بدون الهيكل “. ٢- من اجل نزع روح الشعب الفلسطيني ووجوده ومسح تاريخ العرب والمسلمين من المدينة المحتلة باضفاء الصبغة اليهودية المطلقة عليها ، وهنا لا يتآمر ترمب على العرب والفلسطينيين فحسب إنما على الديانة المسيحية في العالم كله ، لانه يمسح ايضا الهوية المسيحية في المدينة المقدسة ، ان ترمب صهيوني يهودي بلا قناع .
كل يوم نسمع خطوة جديدة ضد الأقصى وضد حجارته ومنابره في الوقت الذي نسمع فيه الحكومات العربية تدّعي انها لم تطّلع بعد على صفقة القرن ، مواقف تطنيش بدها موال ( واعجبي !!!) .
– البند الخامس للصفقة الذي يجري العمل عليه وأعلن عنه ، اقامة ناتو عسكري عربي أمريكي تكون فيه اسرائيل عضوا معلنا او تحت الطاولة ، تعاون عسكري يمهد للاعتراف السياسي المتبادل (ولمؤتمر سلام) على غرار مدريد يطبّع فيه العرب مع اسرائيل جماعيا ، فيما يُترك للفلسطينيين التفاوض لنصف قرن مقبل ، على غرار مؤتمر مدريد ،بحجة ان هدف صفقة القرن هو صنع سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين !! وهذه صفاقة تغلف ظلماً لا يقبله الحجر فكيف بالبشر ! مراسم نهاية الصفقة ستكون احتفالية كاذبه باسم السلام تعطي الاسرائليين كل شئ وتترك للفلسطينيين فرصة الحياة فقط تحت الاحتلال ليكونوا كالأيتام على موائد اللئام .
– البند السادس تحويل غزة الى دولة فلسطين منتزعة السيادة والحقوق لذر الرماد في عيون العالم ، دولة تظل سجنا مفتوحا على السماء وحدها في ظل حصار إسرائيلي دائم ، وتحويل القطاع من قضية احتلال واسترداد وطن الى مشكلة إنسانية يجري فتح منافذ لها على ارض سيناء ( ميناء ومطار ومناطق صناعية ) اي تحويل الغزيين الى عمالة وافده تعمل في سيناء وتنام في سجن غزة المفتوح ، هذا البند أعلن عنه وتحدث عنه الأمريكيون والإسرائيليون لكنه يواجه برفض الفلسطينيين وبمسيرات العودة التي تظهر معدن هذا الشعب الباسل .
ابعد كل هذا الذي جرى ويجري على الارض لا تعلمون !!؟؟.
لا تقولوا لا نعلم ، هذا يسئ الى العقل والمشاعر ، قولوا اننا مجبرون على التطنيش لأننا في اوضاع لا يحسد عليها عدو ، لا تقولوا لا نعلم امام هذه الكوارث التي تلحق بالشعب الفلسطيني ،والاردني اشد الاخطار الوجودية . قولوا انكم عاجزون عن فعل شئ ، ثم ابحثوا كمسؤولين ( تتحملوا أمانة وطنية ودينية وتاريخية ) في الخيارات البديلة عن التطنيش وقدموها لشعوبكم لتقرر وتختار ، جربوا لمرة واحدة الاستناد الى قوة شعوبكم وقدرتها على التضحية والصبر .
اخيراً أقول لأخي طاهر المصري ، نعم انها نكبة ثانية لكنها أيضاً نكبة للانظمة التي بعد ٧٠ عاما من تسلمها لملف الصراع في فلسطين ينتهي بها الحال الى التطنيش امام تغول ترمب ونتنياهو على الحقوق الفلسطينيية والعربية العادلة .

التعليقات مغلقة.