صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف ننعش الطلب في الأسواق ؟

تحدي التباطؤ الممتد في نمو الاقتصاد الوطني، منذ ثمانية أعوام، يتطلب أولوية حكومية قصوى تفوق بنظري التحدي المالي. فعلاج تحدي النمو يساهم في علاج تحدي العجز في الموازنة العامة من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب الضريبي، لكن العكس غير صحيح بالضرورة.

أسرع السبل لتحفيز التشغيل (البطالة عند 18 %) والنمو الاقتصادي (2% حالياً مقابل 5% مستهدف) هو في انعاش الطلب الذي يتسم حالياً بالانكماش والتقشف المتزايدين. 

ركزت في المقال السابق على الدور الأساسي لسياسات حكومية تعنى أساساً بادارة الطلب الكلي: السياسات النقدية والمالية والتصديرية والتجارية. وميزة هذه السياسات أنها “كلية” تؤثر ايجاباً أو سلباً على جلّ القطاعات والأنشطة الاقتصادية. فرفع أسعار فوائد الاقراض المصرفي مثلاً لا ينعكس على قطاع انتاجي دون آخر وانما يعم أثره السلبي على كافة المنتجين والمستهلكين.

في هذا المقال، سأنوه الى سياسات واعدة أخرى تساهم في توسيع (انكماش) الطلب الكلي في الأسواق، أولها سياسة: الرقابة على الأسعار، وتحديداً أسعار السلع والخدمات الأساسية كالمواد الغذائية والتعليم والخدمات الصحية. 

في الاردن، كان من تداعيات الليبرالية الجديدة والانتاج الحكومي غير الكفؤ والتحول الى القطاع الخاص خلال العقود الثلاث الماضية فرض ضرائب عالية ومستترة على رواتب الاردنيين من الطبقة الوسطى تفوق ثلث دخولهم. 

فالتزايد المضطرد في اقساط المدارس الخاصة والجامعات، وفي اجور خدمات النقل والخدمات الطبية الخاصة، وفي أسعار مجموعة المواد الغذائية، كل هذا عَمِل على تجفيف القوة الشرائية والدخل القابل للانفاق لدى الطبقة الوسطى والطبقة العاملة عموماً. هذا التطور أحدث انكماشاَ متنامياً في الطلب على أغلب منتجات الأسواق، رافقه تقشفاً في السياسة المالية والنقدية، وبالتالي تراجع معدلات النمو الاقتصادي الى مستويات تقل عن النمو السكاني. 

باختصار، الرقابة على أسعار السلع والخدمات الأساسية هي مهمة حكومية هامة لتحسين مستويات المعيشة وتحفيز النمو الاقتصادي. وهي مهمة تتشارك فيها وزارة الصناعة والتجارة والتموين مع وزارة التربية والتعليم ووزارة النقل مع السلطات النقدية، بعيداً عن اختصاص برامج صندوق النقد والبنك الدوليين. 

التعليقات مغلقة.