صحيفة الكترونية اردنية شاملة

«أبل» تطلق شرارة المعركة التالية من حرب الهواتف الذكية

معظم احتفالات إطلاق منتجات التكنولوجيا الجديدة تحتوي على فقرة لمناقشة الأجزاء الرقمية الداخلية. وهي تحديدا للمهووسين: فرصة للانغماس فيما يعرف في التكنولوجيا بـ “السرعات والتغذيات”. كان من المعتاد أن يكون هذا المحور الأساسي في أي إعلان عن منتج جديد، حتى حول ستيف جوبز اهتمام الصناعة إلى تجارب المستخدمين.
لكن لفهم كيفية تشكل المنافسة في عالم الهواتف الذكية، يجدر الاهتمام بـ “الأحشاء الرقمية” خلال حفل إطلاق الأيفون الجديد الأسبوع الماضي.
تعد أحدث هواتف “أبل” أول أجهزة في العالم تحتوي على شريحة مصنوعة بتكنولوجيا معالجة 7 نانوميتر، ما يعني أن عرض الخصائص المحفورة على السيليكون وصل إلى مستوى جديد من التصغير؛ أقل من 10 نانوميتر الذي كان موجود مسبقاً. “أبل” صممت الشرائح، لكن “تي إس إم سي” هي التي تصنعها.
أولا، تجدر الإشارة إلى الأمر الذي يمثله هذا الإنجاز في تكنولوجيا معالجة الشريحة. الوصول إلى 7 نانوميتر كان أكثر صعوبة من عمليات التصغير السابقة بالنسبة للقطاع، وهذا الإنجاز علامة على أن قانون مور – الذي تنبأ بالتقدم المنتظم في عدد الترانزستورات التي يمكن ضغطها على شريحة – بدأ يقترب من نهايته.
في الشهر الماضي أجلت “جلوبال فاوندريز”، الشركة المصنعة للشرائح، المملوكة لأبو ظبي، خططها بشأن 7 نانوميتر إلى أجل غير مسمى. و”إنتل” التي كانت ريادتها الطويلة في صناعة الشرائح مبنية على مهاراتها في التصنيع، لا تزال تتعرض لصعوبات. وبعد عدة حالات تأخير لن تكون المنتجات التي تحتوي على شرائح مماثلة من صانعة الشرائح الأمريكية متاحة حتى أواخر العام المقبل.
مثل جميع عمليات “التقليص”، نظرا لأن حجم الخاصية على الشريحة يأخذ الخطوة التالية في التقلص، فإن تكنولوجيا 7 نانوميتر تترجم مباشرة إلى مزيد من المعالجة القوية وعمر أطول للبطارية. و”أيفون إكس إس ماكس” الجديد – أقوى أيفون صنعته “أبل” وأكثرها ثمناً، مع شاشة تعتبر الأكبر – يعد بساعة ونصف من الاستخدام الإضافي في كل عملية شحن كاملة.
لكن هناك ما هو أهم بكثير من الحجم. تتضمن شريحة “أبل” مسرعًا مخصصًا لتعلم الآلة المعروف بوحدة المعالجة العصبية. مع الوعد بتطبيقات يمكن أن تتعلم من كتل البيانات، وهو ما يتركز عليه الآن كثير من الجهد في تصميم الأجهزة الجديدة. وُعِد المطورون بشريحة تشغل تطبيقاتهم أسرع تسع مرات، باستخدام عشر الطاقة فقط، مثل “إن بي يو” في أيفون العام الماضي.
هذا يعني بلوغ ذروة العمل الذي كانت “أبل” تعمل عليه منذ سنوات. الأمر الأكثر إثارة للدهشة، وفقا لباتريك مورهيد، المختص في الشرائح، هو أن الشركة قد تشق طريقها إلى مقدمة صناعة الشرائح “دون أي مشاكل كبيرة وواضحة في التنفيذ”. ويقول إن “أبل” الآن “على مستوى عالمي” في تطوير برنامج عمل لهذا النوع من النظام في شريحة.
يشير هذا إلى السباق الذي انطلق بين أفضل صناع الهواتف الذكية. “هواوي” التي تعتمد أيضاً على “تي إس إم سي” لإنتاج تصاميمها الخاصة، تقدمت على “أبل” من خلال الكشف عن شريحة 7 نانوميترات قبل أسبوعين – على الرغم من أن الهواتف المحمولة الأولى لن يتم شحنها إلا بعد شهر من طرح “أبل” منتجاتها في السوق. ومثلما فعلت “أبل”، كشفت “هواوي” عن أول “إن بي يو” في العام الماضي. قد تكون الشركات المسجلة في الصين بعيدة عن الولايات المتحدة فيما يتعلق بقدراتها في أشباه الموصلات، لكن هذا أحد المجالات المهمة الذي يبدو أن الجميع يقتربون فيه من التساوي ـ “سامسونج” مشاركة أيضا في سباق الـ “إن بي يو”.
بالنسبة لصانعي أجهزة الهاتف، إخراج تعلم الآلة من السحابة ووضعه في أيدي المستخدمين له مزايا واضحة. فهو يعني حاجة أقل إلى نقل كميات كبيرة من البيانات ذهابًا وإيابًا من مراكز البيانات في السحابة، ما يخفف من الضغط على عرض النطاق الترددي، والأهم من ذلك، يحقق زمن استجابة فورية للتطبيقات. وهذا يعني أيضًا وجود خصوصية داخلية، لأن بيانات المستخدم لا تحتاج أبدا إلى الخروج من الجهاز.
ومن المهم الإشارة إلى أن شريحة “أبل” الجديدة – التي يطلق عليها “بايونك A12” – ستكون موجودة في جهاز الأيفون الجديد الأقل سعرا، “أيفون إكس آر”. هذا يعد سبباً لأن يكون الجهاز بين أيدي كثير من المستخدمين، وفي المقابل يعطي المطورين حافزا أكبر لإنشاء تطبيقات تستفيد من هذه التكنولوجيا.
هذا هو أكبر سؤال متبق بعد إطلاق الأيفون الأسبوع الماضي. لقد قفزت التكنولوجيا إلى الأمام: كيف ستغير ما يمكن أن يفعله الأشخاص بهواتفهم، وبالتالي كيف ستتطور المنافسة بين صناع الهواتف؟
كانت تكنولوجيا التعرف على الوجه التي سبق أن أطلقتها “أبل” هي أحد الاستعمالات الأولى لـ “إن بي يو” العام الماضي. ستكون تكنولوجيا التعرف على الوجه هذه متاحة على نطاق أوسع بكثير لفتح قفل الهاتف وستعمل وسيلة مصادقة لنظام “أبل باي” – وهو أمر يمكن أن ينبئ بدفعة كبيرة لـ “أبل” للحصول على اعتماد أوسع لنظام الدفع الخاص بها، وفقا لـ “جولدمان ساكس”.
الأهم من ذلك، ستعتمد أبل على مطوري التطبيقات الآخرين لابتكار استخدامات جديدة مقنعة لهذه التكنولوجيا. من المقرر أن يبدأ هذا الأسبوع شحن جهاز جديد يتمتع بذكاء اصطناعي قوي: لقد بدأت للتو المرحلة التالية من حروب الهواتف الذكية.

التعليقات مغلقة.