صحيفة الكترونية اردنية شاملة

“المركزيّ” يَدخلُ على خطِ الأزمة

إحدى أكبر التحديات التي واجهت الاقتصاد الوطنيّ في السنوات القليلة الماضيّة، هو تحقيق نموِ مُستَدام قادرٌ على إيجادِ فرصِ عملٍ تُساهمُ جليّاً في خفضّ مُعدلات البطالة والفقر، لكن للأسف جَميعُ السياسات والإجراءات الحُكومية لم تنجح في رفع النمو من نسبته التقليديّة في آخر ست سنوات وهي 2.6 بالمئة، وهي معدلاتٌ متدنيّة جداً تُدللُ بوضوح على التباطؤ الذي يعانيه الاقتصاد الوطنيّ.

اليوم دخلَ البنكُ المَركزيّ بقوة على خط أزمة النمو الاقتصاديّ، ببرنامج تسهيلات محفز لكافةِ القطاعاتِ وتوسّع قاعدة الشمول لهذه التسهيلات لِتَشملَ مجالات اقتصاديّة تنمويّة رئيسيّة مُشغلة للأيدي العاملة ولها أثارٌ مُباشرة على الاستقرار الاقتصاديّ والأمن المعيشيّ للأسر الاردنية.

البرنامج الذي اطلقه البنك المركزيّ اليوم هو جزءٌ أساسيّ ومكمل لِدعمِ السياسات الاقتصاديّة للدولة والخروج من حالة عدم اليقين التي تُسيطرُ على المشهد الاقتصاديّ، واختراق حاجزِ مخاطر الاقتراض المصرفيّ في ظل الاوضاع الاقتصاديّة الراهنة والتي تَتسم بمخاطر ائتمانية عالية وأسعار فائدة مُرتفعة لا تُشجعُ على الاستثمار.

البنكُ المركزيّ بعد أن نَجَحت سياستُهُ النقديّة بالحفاظ على سعر قويّ للدينار  ومواجهة كل التحديات والشائعات، يَنتقلُ اليوم بهذا البرنامج التمويليّ الجديد إلى مفهومِ تحفيز الاقتصاد الوطنيّ، وإعادة الألق والفاعليّة الإنتاجية للقطاعات الاقتصاديّة المُختلفة بتوفير مظلة تمويليّة حقيقيّة لها، تُمكّنُها من تغطية احتياجاتها التمويليّة بأسعار فائدةٍ مُخفضّة تتجاوز الأسعار الدارجة في السوق.

أهميةَ برنامج البنك المركزيّ الذي يبلغ حجمَ التمويل الممنوح ١.١ مليار دينار إنه هذه المرّة دَخَلَ فعليّا في دعم القطاعات الاقتصاديّة المُشَغِلة للعمالة ويَدعم مباشرة الأفكار والمشاريع الرياديّة، فاليوم قطاعاتُ النقل والصحة والتدريب المهني انضمت إلى قائمة القطاعات المَشمولة بالتسهيلات المُحفزة، وهذه قطاعات تَندرجُ غالبيةُ أنشطتها تحت ما يُسمى بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تَمتلكُ مُقومات كبيرة في التشغيل والتنمية وتحسين بيئة الاعمال المحلية، بما يَنعكس إيجابا على المناخِ الاستثماريّ في المملكة.

تَوسّيعُ القطاعات المُستفيدة برنامج التسهيلات للمركزيّ سَيَكونُ له أثر تنمويّ مُباشر في كافةِ مُحافظات المملكة، فالمشاريعُ المُمولة داخل العاصمة ستحظى بفوائد مَدعومة تتراوح من ١.٧٥ بالمئة داخل العاصمة، وفوائد لا تتجاوز ١ بالمئة في المحافظات، مما سَيُشجع على القطاعات والأفكار الرياديّة للأنخراط في البرامج التمويليّة الجديدة المدعومة من المركزيّ، والمُساهمة في تعزيزِ المُشاركةِ الاقتصاديّة لقطاعات وشرائح كانت مُغيّبة ومُهمشة في العملية الاقتصاديّة بِرُمَتِها.

كلُّ ما على الحكومة اليوم والجهاز المَصرفيّ تَعميم هذا البرنامج التمويليّ التحفيزيّ على كافة القطاعات الاقتصاديّة وشرائح المجتمع المُختلفة.

وتبيان الأثر الاقتصاديّ وحَجم الحوافز الممنوحة لهم من خلال البرنامج وتعريفهم بها بالتعاون مع البنوك التي عليها دوراً كبيراً في ذلك بتجاوز الدور التقليديّ لها في عمليات الاقتراض المختلفة.

فعلاُ يُثبتُ البنك المركزيّ بإدارته الحالية وكوادره المختلفة انه مؤسسة اقتصاديّة خلاقّة في مواجهة التحديات الاقتصاديّة المُختلفة، ومؤسسة قادرة على التحرك في أضيق المساحات الاقتصاديّة، وتَمتلكُ من المؤهلات والكفاءات الإبداعيّة التي تعطي الطمأنينة للمستثمر المحليّ والأجنبيّ، بإن الاقتصاد الوطنيّ يَسيرُ بخطواتٍ ثابتة نحو الاستقرار والنمو.

مرّة أخرى، تَدخلُ السياسة النقديّة بقوة في تحفيز القطاعات بالتزامن مع جهود الحكومة في إنجازِ قانونٍ الضَريبيّ ومعالجة التشوهات المالية المختلفة في الموازنة ودراسة شمولية للعبء الضَريبيَ، كُلها جهود إذا ما تم التنسيق فيما بينها فإنه من المؤكد ان يكون لها عائدٍ اقتصاديّاً تنمويّاً كبيراً على المملكة.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.