صحيفة الكترونية اردنية شاملة

استِمرار التَباطُؤ

مازالت مُعدلات النمو الاقتصاديّ للمملكة في أدنى مُستوياتها، ولم تَتَجاوز خلال الربع الثاني من هذا العام ما نسبته ٢.١ بالمئة، مُقارنة عمّا كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يُدلّلُ على اننا ما زلنا نَسيرُ بذاتِ النفق الاقتصاديّ المُظلم، ولغايةِ الآن لم تُخرجنا السياسات الاقتصاديّة الرسميّة إلى نُقطةِ الضو.

ما معنى أن يَبقى الاقتصاد ينمو بهذه المُعدلاتِ المُتدنيّة؟

يعني ذلك أن قُدرة الاقتصاد الوطنيّ على إيجادِ فُرصَ عمل للخريجين الجُدد الذي يتجاوز عددهم ١٥٦ ألف خريج من مُختلفِ الفئات التعليميّة والمهنيّة ستكون محدودة للغاية، وهي الآن لا تتجاوز 55 ألف فرصةِ عمل سنويّة يَتَقاسمُها القطاعين، هُنا نُدركُ حجمَ الفارق بين ما هو مَطلوب وبين ما هو مُحققّ على أرضِ الواقع.

هذا يَقودنا إلى تحدٍ آخر، وهو صعوبة مواجهةِ الحُكومة لِمُشكلةِ البطالة التي تبلغ الآن أعلى مُستوياتها ١٨.٥ بالمئة، لأن مواجهةِ هذه النسبة العالية يَحتاجُ إلى العودةِ لِمُعدلات نمو اقتصاديّ تُناهز ٦ بالمئة على أقل تقدير.

الأمرُ يَتَعلقُ بجيوبَ الفقر البالغ عددها اليوم ٣١ جيّباً في مُختلفِ مُحافظات المملكة، لأن السياسات المُتابعة في ظل نمو اقتصاديّ ضَعيف يعني عدم القُدرة على توفيرِ مُخصصاتٍ ماليّة لبرامج التأهيل والتنمية وتحسيّن مُستوى معيشة المواطنين من الطبقاتِ الفَقيرة.

بَقاءُ الاقتصاد الوطنيّ في حالةِ نمو ضَعيف يعني أن بيئة الاستثمار ما زالت تواجهُ مَشاكلَ وتحديات كبيرة في جذب المُستثمرين خاصة الأجانب إليها، وهو ما يُفسرُ كذلك مَحدودية فُرصِ العمل في القطاع الخاص.

والأمرُ لا يختلفُ كَثيراً بالنسبةِ للصادرات الوَطَنيّة، فالنمو المُتباطئ هو الآخر مؤشرٌ على ضُعفِ نمو الصادرات الوطنيّة، وأننا في الاردن لم نستفد لغاية الآن من فتحِ الحدود مع العراق التي تفرضُ قيوداً كثيرة على المُستوردات من المملكة يصلُ بعضها إلى فرضِ رسومٍ جُمركيّة تبلغ ٣٠ بالمئة.

واستمرارُ تَباطُؤ النمو الاقتصاديّ يُعطي دلالة واضحة على أن الإجراءات الاقتصاديّة التي اُتخذت قبل الربع الثاني أو تحديداً مُنذُ بداية العام، لم تؤتي أيّةَ ثمار اقتصاديّة إيجابيّة على النمو، مما يؤكدُ أن الاتفاق المُبرم مع صندوق النقد الدولي هو اتفاقٌ مالي بحت بعيداً كُلّ البُعدّ عن المفهوم التنمويّ.

ما هو المطلوب لِتجاوزِ مُعدلات النمو الضعيفة؟.

أولاً: إعادةُ الثِقة للمستهلك الاردني باقتصاده، وهذا لا يكون إلا من خلالِ استقرار التشريعات والأنظمة وتعزيزِ دولةِ القانون.

ثانياً: اعدادُ برنامج تحفيزيّ لكُلّ قطاع على حدة يَستفيدُ من صلاحيّات مجلس الوزراء في دعم القطاعات التي يراها بِحاجة إلى الدعم مُتجاوزةٍ بذلك اتفاق الحُكومة مع الصندوق.

ثالثاً: اعادة تَبويب النفقات الرأسماليّة والتَركيزُ على تعزيز القيمة المُضافة للمشاريع المُمولة من الخزينة.

رابعاً: الخُروجُ ببرنامجٍ تحفيزيّ للاستثمار يتجاوزُ الإطار التقليديّ الراهن، والخروجّ بأفكارٍ إبداعية تُساهمُ جليّاً في تحسينِ شروطُ بيئة الاعمال من خلال مَنظومة إدارية مُتكاملة في التعاطي مع المُستَثمرين وتوفير الحوافز المُتكاملة لهم.

خامساً: سياسة تشغيليّة وطنيّة مُرتبطة بمنظومةِ تأهيلٍ وتدريب مُشتركة مع القطاع الخاص لإحلال العمالة الوطنيّة بدلاً من الوافدة.

المُتطلبات السابقة قادرة في حال تنفيذها ضمن برنامج حكومي واضح الأهداف والزمان أن يُحققَّ نمواً مُستدام، ويعيدُ للاقتصاد الوطنيّ ألقهُ وفاعليته وقدرتهُ على مواجهةِ أيّةِ تحديات خارجيّة أو داخليّة.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.