صحيفة الكترونية اردنية شاملة

حقوق المُستثمر المحليّ

واحدة من أهم القضايا التي تُثار بين الفترة والأخرى هي حِمايةُ المُستثمر المحليّ وعدم التفرقة بينه وبين نظيره الأجنبيّ، وهذه قضية لمّ تَظهر من فراغ، وإنما من مُمارسات حَصَلت على أرض الواقع، وأدت في النهاية لحدوث تشوه في بيئة الاستثمار المحليّة.

ازدواجية التعامل مع المستثمرين، وإعطاء الأفضليّة للمُستثمر الأجنبي في الحصول على إعفاءات لا محدودة، مقابل تَقنينها على المُستثمر المحليّ ساهَمَ في السنوات الماضية بِرَحيل المُستثمرين الأردنيين للخارج، بَحثاً عمّن يَمنحهم ميزة وأفضليّة خارج بلادهم.

القطاعُ التجاريّ يُعاني عَلَناً من تَغوّل واضح من قبل الشركات التجاريّة الأجنبيّة، لا بل أن الأخيرة في كثير من الأحيان خالفت قرار تأسيسها، وَتَجاوزت التعليمات وباتَت تُنافس لا بل تُهدد وجود الكثير من المحلات التجاريّة بسبب قوتها الماليّة واستفادتها من إعفاءات وامتيازات استثنائيّة.

حتى وكلاء المِلاحة البحريّة الذين كانوا على الدوام مُستثمرين محليين لهم سمعة إقليميّة كبيرة فقدوا اليوم الكثير من تلك الوكالات لصالح الشركات الأجنبية التي سَمَحَ نظام استثمارات غير الأردنيين لسنة ٢٠٠٠  بتملكّهم ٥٠ بالمئة من رأسمال أي مَشروع ومنها خدمة الملاحة البحريّة.

والغريبُ في الأمر أن قَانون الوكلاء والوسطاء ساهَمَ بأن يحصل الأجنبيّ على ٥٠ بالمئة من حُصة أي شركة ملاحة دون أن يدفع أيّ تعويض للمستثمر الاردني الذي ادار وشغل تلك الشركة لعقود.

والأمر امتد لقانون الشركات الذي ساهَمَ هو الآخر للمُستثمر الأجنبي، باستحواذ ٥٠ بالمئة من الأسهم المُتبقية من خلال ادراج بنود خاصة، ناهيك عن التمييز في الأسهم وقوتها التصويتين وقيمتها الاسمية كذلك، وتوزيع الأرباح والخسائر وإعطاء الأفضليّة للمُستثمر الأجنبيّ.

ما يَحدث هو تجريدّ المُستثمر المحليّ والشَريك الاردنيّ من كافة الصلاحيات في إدارة الشركات أو حتى في تَقاضي الأرباح والتعويضات، ليُصبح المشروع في النهاية تحت سيطرة ووصاية المُستثمر الأجنبيّ.

نَحنُ بأمس الحاجة إلى المُحافظة على المُستثمر المحليّ وتعزيزُ وجوده واستثماراته وتمكينه من إدارة مَشاريعه وتحقيق الشراكة الحقيقية مع نظيره الأجنبيّ بعدالة حتى التمييز الضَريبيّ والجُمركيّ يحب أن يوازن بين هذين الأمرين.

فالأساسُ في الإعفاءات التي تُمنح للمُستثمرين سواء أكانوا أجانب أم محليين أن تُعطى لِقطاعات مُعينة، وذلك لتشجيع المُستثمر على إنشاء مشروعه، وتحقيق الفائدة المَرجوة منه من استحداث فرص عمل للأردنيين والعودة على خزينة الدولة بالفائدة أيضاً بمراحل لاحقة عند التشغيل.

فالأصلُ هو أن تعفي الحكومة من ضريبة معينة أو رسم معين عند فترة إنشاء المَشروع لِحصد أضعافه خلال فترة التشغيل، هذا أساسُ فلسفة الإعفاءات، فالمُحصِلة تَشغيل وقيمة مضافة على الاقتصاد الوطنيّ، واستخدام لمدخلات إنتاج محليّة وزيادة استخدام التكنولوجيا والوسائل الحديثة المتطورة للمملكة، وزيادة القُدرات على جذب العُملات الصعبة.

الأصل أيضاً أن يقترن الإعفاء بفترة أو مدة زمنية محددة وذلك لإجبار المطوّر على الانتهاء من إنشاء مَشروعه بالسُرعة المُمكنة، ولكن للأسف نُلاحظ أن غالبية الإعفاءات التي تم منحها لِمُطورين أجانب قد تم تمديدها لأكثر من مرة وذلك بناءً على طلب المُستثمر وقد تكون لأسباب متعددة، منها: أوضاع الأسواق أو عدم تَوفر السيولة اللازمة للانتهاء من تطوير المَشروع ضمن الفترة الزمنية المحددة، أو خلافات الشركاء وغيرها من الأسباب التي في النهاية أضاعت على الحكومة فُرصة توظيف الفائدة المرجوة من الإعفاء أساساً.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.