صحيفة الكترونية اردنية شاملة

كيف نخفض تكاليف الاستثمار في الأردن؟

بعد مرحلة ممتدة من النمو الاقتصادي المتباطئ منذ عام 2010، ولفترة فاقت ثماني سنوات، يعتبر التوجه الحكومي -المعلن منذ زمن- لتسهيل الاستثمار وتحفيزه متطلباً أساسياً لانعاش النمو القابل للاستمرار، ولا يقل أهمية عن هدف تشجيع الصادرات السلعية والخدمية في قطاعات واعدة وذات أولوية. 

انعاش الاستثمار الانتاجي يتطلب، من بين ما يتطلب، تخفيض التكاليف الاستثمارية والتشغيلية للمشروعات العاملة والجديدة في المملكة. لكن كيف نخفض تكاليف الاستثمار والتشغيل؟ سواء في المشاريع الجديدة الابتكارية والناشئةTech Start-ups أو المشاريع الصغيرة للتوظيف الذاتي في القطاعات التقليدية كالتجارة والصيانة، أو الاستثمار في مختلف أنماط الشركات الخاصة الصناعية والزراعية، او في مشاريع الشراكة بين القطاع العام والخاص، وبالتالي نصل الى مرحلة دولة الانتاج عالي القيمة والمنافس دولياً. 

هذه مجرد قائمة مختصرة لأبرز محركات لتخفيض كلفة الانتاج والاستثمار وزيادة تنافسيتها في الأسواق المحلية والخارجية:

1. تخفيض كلفة الاقتراض المصرفي بعد مرحلة من الزيادة المتدرجة والمتتابعة في أسعارها، مما أرهق السيولة والتدفقات النقدية للمشاريع وحال دون توسعها المخطط (أو ساهم في خروجها من السوق بالشراكة مع غيرها من “العوامل الرافعة لتكاليف الانتاج” في المملكة).

2. تقليل العبء الضريبي على القطاعين الخاص والعائلي عموماً، وعلى المشاريع والشركات في مرحلة التأسيس والانتاج التجريبي والاستكشاف الأولي للسوق ونموذج الأعمال الأنسب (أول ثلاثة سنوات من عمر المشروع على الأقل) على وجه الخصوص.

3. تخفيض عبء الضمان الاجتماعي، خصوصاً على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتمكينها من التوسع وتوظيف المزيد من قوة العمل الأردنية المتعطشة للفرص العمل، بدلاً من الانكماش والتقهقر الى القطاع السري غير الرسمي وغير المنظم.

4. انعاش الطلب الكلي بما يعمل على خلق مزيد من القوة الشرائية وخلق “وفورات الانتاج والحجم الكبير” وبالتالي تخفيض متوسط كلفة الانتاج في شركاتنا. هذا يتم من خلال سياسات نقدية ومالية غير تقشفية، وسياسات وبرامج فاعلة لتشجيع الصادرات الى الأسواق غير التقليدية.

5. تحسين انتاجية ومرونة قوة العمل الاردنية من خلال نظام وبرامج تعليم عال موائم لاحتياجات الشركات في القطاع الخاص بدلاً من توفير علوم التنظير وممارسات التجارة التعليمية. هذا يقلل من معدلات دوران العمل وتكاليف وحدة العمل.

6. تخفيض كلفة الطاقة بشتى الوسائل، بما فيها مشاريع الطاقة المتجددة والتواؤم مع حركة الأسعار العالمية للنفط عند انخفاضها، وخلق صندوق لتثبيت أسعارها ضمن حدود معقولة.

7. تنظيم وتخفيض ايجارات المكاتب والعقارات التجارية غير السكنية من خلال سياسات تنظيمية وضريبية. هذا يمكن أن يتم من خلال توجيه سوق العقار التجاري وتخفيض المسقفات خلال المرحلة الأولى لتأسيس المشاريع وفي مراحل الركود والتباطؤ الاقتصادي. وكذلك يمكن العمل على تأسيس حاضنات وعناقيد أعمال ومدن تنموية ذات قيمة مضافة عالية وخدمات متدنية الكلفة. 

8. تخفيض كلفة خدمات الأعمال (غير الخدمات المصرفية والعقارية)، بما فيها النقل والاتصالات والتأمين والجمارك، سواء المقدمة من قبل القطاع العام أو القطاع الخاص.

9. دعم الابتكارات المخفضة لتكاليف الانتاج من خلال الشراكة الفاعلة بين منشآت الأعمال في القطاع الخاص من ناحية وبين الجامعات والمؤسسات الاردنية المعنية بالبحث والتطوير والابداع ونقل التقنية.

هذه بمجملها هي أبرز محرّكات تخفيض التكاليف في الاقتصاد الوطني عموماً وفي قطاع الأعمال على وجه الخصوص، وهي بمجملها مؤشر مبكر وذي دلالة عن “حالة البلاد” فيما اذا كنا نسير في الاتجاه الصحيح في ادارة السياسات الاقتصادية العامة وتطوير القطاع الخاص وفي دعم التوظيف المنتج، أم اننا نسير في الاتجاه الخاطئ في ظل الارتهان الى وصفات خارجية مقولبة وتوجهات اقتصادية ضيقة الأفق وغير مستدامة.

التعليقات مغلقة.