صحيفة الكترونية اردنية شاملة

مؤشِّرات إنجاز الحُكومة

إصلاح القطاع العام وهو احد أبرز التحدّيات التي تعصف بالخزينة العامة وتهدر مواردها المحدودة أصلا

واضحٌ من حديث الملك الأخير مع عدد من الكتّاب والصحافيين أن القضية الاقتصاديّة هي رأس الأولويّات الوطنيّة لأيّة سياسة رسميّة في الوقت الرهن، وهذا الأمر منطقيّ وطبيعيّ، فالمواطن الأردنيّ دَفَعَ ثمن فشل السياسات الرسميّة السابقة في إدارة الاقتصاد الوطنيّ، والتي أدت جميعها إلى لجوء الأردن لبرامج صندوق النقد الدوليّ وسياسته التقشفيّة الانكماشيّة، والتي تَحمّلت جيوب المواطن والقطاع الخاص ثمن المُعالجات المؤلمة للاقتصاد، والتي ما زلنا في الأردن مُستمرين بها.

بعد هذا الشوط الكبير من الإجراءات والتشريعات الاقتصاديّة المُتفق عليها مع الصندوق، لمّ يعد الآن أمام الحكومة إلا أن تَصدُقَ في وعودها بانفراج الشأن الاقتصاديّ وهو ما قصده الملك فعليّا في حديثه للإعلاميين، فلم يعد اعتبارا من العام المقبل سماع أعذار للحكومة بعدم الوصول إلى الأهداف الاقتصاديّة المرجوة.

مؤشرات قياس إنجازات الحُكومة ليست بالخطابات الإعلامية، وإنما لغةُ الأرقام هي المعيار الأساسيّ لتقييم الأداء الاقتصاديّ الرسميّ خلال الفترة المُقبلة.

النمو الاقتصاديّ الذي مازال في أدنى مستوياته والذي لم يخرج من معدلات ٢ بالمئة في السنوات الست الماضية، ما تحتاجه هو قفزة حقيقيّة وملموسة في مُعدّلات النمو تكون قادرة على أن تنعكس على الأمن المعيشيّ للأردنيين والاستقرار الماليّ والنقدي للاقتصاد، وهذا لا يتم إلا من خلال مُعدّلات نمو ٤ بالمئة بحدها الأدنى.

البطالة مؤشرٌ هام على مدى نجاعة السياسات الاقتصاديّة التشغيليّة الحكوميّة، وهي الآن في اعلى مُعدلاتها 18.6 بالمئة، وهذه أرقام مُخيفة إذا ما بقيت مُعدّلات النمو على حالتها دون تحرك إيجابيّ.

التدفقات الاستثماريّة للمملكة، عامل حيويّ ومهم جداً في التأكدِ من فاعليّة السياسات الحكوميّة في وضع الأردن على خارطة الاستثمار الإقليميّة والعالميّة، وهذا لا يكون بالأدوات الراهنة، إنما يحتاج إلى ثورة إداريّة ومؤسسيّة في هيكل العمليّة الاستثماريّة التي هذا ليوم بأمس الحاجة الى إعادة تقييم شاملة، حتى تكون مُتوائمة مع السياسات الترويجيّة الحكوميّة المُختلفة.

الصادرات الوطنيّة هي الأخرى عامل مُهم وداعم لقياس مدى نجاحة السياسة الاقتصاديّة، وهذا أمرٌ له ارتباطات تنمويّة واستثماريّة مع قطاعات مُتعددة من صناعيّة كانت أو تجاريّة أو خدميّة أو لوجستيّة، فإذا ما نجحت الحكومة في إحداثِ اختراقٍ لحالة الحصار القسريّ الذي يُحيط بالصادرات الاردنيّة لأسواق الجوار وتحديداً العراقيّة والسوريّة منها، فان هذا الأمر سيكون له الأثر الكبير في تحقيقِ مُعدّلات نمو عالية وتعزيز احتياطات المملكة من العملات الصعبة، إضافة إلى تأثير ذلك الإيجابيّ على قطاع التشغيل الوطنيّ، مما يُساهم بفاعليّة في محاربة الفقر والبطالة.

إصلاح القطاع العام وهو احد أبرز التحدّيات التي تعصف بالخزينة العامة وتهدر مواردها المحدودة أصلا، لا وبل تأثرت سلباً أيضا على مفهوم الإنتاجيّة والولاء والانتماء للعمل، الأمر الذي أدى غلى ظهور الكثير من المظاهر المُخلة بالعمل العامّ، وسلوكيات مُخالفة لأبسط قواعد أدبيات الخدمة الرسميّة في القطاع العام الذي كان في السابق مفخرة إدارية على مستوى الإقليم في المنطقة، من خلال ما أظهرهُ المغترب الأردنيّ من تفاني في بناء منظومة الأنظمة الإدارية المختلفة في  تلك الدول ، لكن للأسف هذا النموذج المميز من الموظف الأردنيّ اختفى تقريباً عن المشهد بفعل مُخالفة المسؤولين لقواعد النزاهة والشفافية في التعيينات والرقابة والتقييم والمحاسبة، مما جعل القطاع العامّ عبئا ثقيلا على الخزينة وبأدنى مردود مُتوقع، وهنا فان العمل يقتضي إعادة تأهيل الموظف الأردنيّ وغرس قيم الولاء والإنتاجيّة في عقله ووجدانه، وبناء منظومة إدارية مبنيّة على أسس التقييم العادل المبنيّ على الإنجاز والكفاءة.

المؤشّرات السابقة تُدلّل بوضوح على مدى فاعليّة السياسة الرسميّة في حال الوصول غلى الأهداف المُعلنة من قبل الحكومة ذاتها.

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.